قال الدكتور عماد أبو غازى، وزير الثقافة السابق، أن توثيق ثورة 25 يناير بحاجة إلى موثق استثنائى، وذلك فى ظل الكم الهائل من البيانات والمعلومات والتى من الممكن أن يتم التلاعب فيها وتزويرها وبالتالى يصبح الموثق أمام إشكالية كبيرة تتعلق بمصداقية الوثائق التى يحصل عليها.
وأضاف أبو غازى خلال الجلسة الأولى من المؤتمر الدولى السابع لدار الوثائق القومية "الأرشيف والثورة" والتى عُقدت صباح أمس الأربعاء، أن دار الوثائق القومية عندما قررت توثيق ثورة 25 يناير أعتمدت على جزء كبير من شهادة من شارك فى الثورة ولكن هذا لا يمنع أن هناك مشكلة كبيرة تواجهها الدار فى هذا المجال فشهادة المواطنين قد تحمل قدرا من الانحياز، واستشهد أبو غازى فيما يتعلق بالتلاعب فى المعلومات لإخفاء الحقائق بما فعلته إحدى الصحف القومية خلال اليومين الماضيين عندما قامت بنشر صورة حريق للمجمع العلمى دون ان تضعها كاملة فقامت بإخفاء الجزء العلوى الذى يظهر فيه رجال يقذفون الطوب على المتظاهرين، وهذا نوعا من التحيز فى الرأى.
وأوضح أن التطور التقنى الذى صاحب ثورة المعلومات والاتصالات مفيد فى حالة توثيق الثورات ولكنه فى نفس الوقت يتسبب فى مشكلة أكبر وهى عدم التأكد من صحة المعلومات وامكانية التلاعب فى التسجيلات والصور، مضيفا أن عبء توثيق الثورات باعتباره حدث اجتماعى هام يحتاج لتكاتف جهود الأرشفيين والباحثين ليتم التعامل مع المواد الوثائقية التى تنتجها الثورة بشكل يتيح قراءة موضوعية للأجيال القادمة فى تاريخ بلدهم.
وقال أبو غازى أن الثورة بطبيعتها عملية هدم وبناء وهذا ينعكس على وثائق اى دولة والدليل على ذلك ما حدث لوثائق خلال فترة الثورة الفرنسية ثم تم بعدها بناء واحد من أهم الارشيفات الدولية وهو الأرشيف الفرنسى.
وتحدث أبو غازى عن وثائق مصر التاريخية ذاكرا وثائق ثورة 1919، حيث أكد وزير الثقافة السابق على أن التوكيلات التى جمعها زعيم الأمة سعد باشا زغلول من المصريين لم يتم نقلها إلى اى مؤسسة رسمية مثل دار الوثائق وحُفظت فى بيت الأمة الذى تحول فيما بعد لمتحف خاص به، وأشار أبو غازى أن أرشيف دار الوثائق أشتمل على مخطوطات ووثائق القوى المضادة لثورة 1919 فى حين أختفت وثائق القوى الثورية مثل مذكرات سعد زغلول و عبد الرحمن بك فهمى.
وقال الدكتور محمد على حلة، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية اللغة العربية جامعة القاهرة، أن المسئولين عليهم أن يستفيقوا أمام حرق المجمع العلمى ويقوموا باتخاذ تشريع وثائقى سريع يلزم كافة المؤسسات بتسليم وثائقها لدار الوثائق لأنها ذاكرة الشعب المصرى والعربى.
وقالت الدكتورة أمنية عامر، استاذ وثائق بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن القطات المصورة لعبت دور حيوى فى المشاهد التاريخية لدرجة انها كانت أبلغ من اى كلمة فقراءة الصورة بأبعادها المختلفة يغنينا عن كتابة الكلمات، ولفتت عامر إلى ضرورة وجود أرشيف مصور لثورة 25 يناير داخل دار الوثائق القومية وعدم الاكتفاء بالوثائق المكتوبة فقط، قائلة : الصورة عنصر مهم لا يمكن التغاضى عنه حين نكتب أو نوثق عن الثورات بجانب الوثائق المكتوبة .
فى حين قال الدكتور عبد الحميد شلبى، استاذ اللغة العربية بجامعة المنصورة، فى حديثه عن الوثائق الخارجية المصرية أن الدبلوماسية المصرية فى العراق لعبت دورا هام فى توثيق الثورة العراقية خلال فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأشار شلبى إلى أن هناك 6 محافظ فى دار الوثائق القومية تحت أسم بغداد تتناول كافة شئون العراق خلال فترة الخمسينات.
وأكد شلبى على أن تلك الوثائق تتضمن الشأن العراقى الداخلى قبيل قيام ثورة 1958 فى العراق إضافة إلى الدعاية المصرية المناوئة للنظام الملكى فى العراق قبيل سقوطه والتحركات التى قامت بها مصر فى الخارج من أجل إنجاح الثورة العراقية حيث أعتبر صانع القرار فى مصر أنذاك وهو جمال عبد الناصر أن الثورة العراقية تمثل تحديا فى سياسته المناوئة للمشاريع الغربية فى المنطقة.
وتحدث الدكتور احمد عبد الدايم، استاذ بمعهد البحوث الأفريقية جامعة القاهرة فى حديثه عن أرشيف الإسلاميين خلال 18 يوما من ثورة 25 يناير، أن أرشيف التيارات الإسلامية الذى يوضح موقفهم المتباين من الثورة خلال 18 يوما، على الرغم من ثراءه إلا انه غير مجموع فى مكان واحد وغير مرتب بطريقة يمكن قراءة ما فيه بسهولة تقص حقيقة ما جرى وتفصل الأمر بشأن مشاركة بعضهم من عدمها.
وقال عبد الدايم أن جزء كبير من بيانات القوى الإسلامية وموقفها من الثورة يمكن التعرف عليه وتوثيقه من خلال البيانات المنشورة فى الصحف والمواقع الإليكترونية لنتأكد هل فعلا شارك الإسلاميون فى الثورة منذ بدايتها ام قاموا بالركوب عليها.