قال المحلل الأمريكى ستيفن كوك، الزميل بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، إنه بعد أن خرجت مصر عن نطاق السيطرة فإن المجلس العسكرى ليس الوحيد الذى يتحمل الخطأ، لكن المتظاهرين يستحقون أيضا الكثير من اللوم.
وفى انتقاد حاد للوضع فى ميدان قال كوك فى مقاله بمجلة فورين بوليسى إن رائحة البول التى تملأ الميدان، حيث يعتصم العشرات منذ أسابيع، تتناسب مع المأزق الحالى لمصر، فلقد أساء جميع المصريين من جنود وشرطة وناشطين ومشجعى كرة القدم، بحق هذه الأرض المقدسة فى كثير من اللحظات منذ سقوط مبارك.
واعتبر الكاتب الاشتباكات التى وقعت بشارع القصر العينى بين الجيش والشرطة والمتظاهرين أحدث إهانة للوعد الثورى فى التحرير. وأشار إلى أن عنف الشرطة العسكرية الطائش كان السبب المباشر للتشنج الذى تشهده القاهرة حاليا، وقد كشفت هذه الاشتباكات عن مشكلة أكثر عمقا تعانى منها مصر فلقد تراجعت البلاد عن لحظة التمكين والكرامة الوطنية التى ترمز لها الإنتفاضة وتتصارع الآن مع سياسة قذرة وتطبيع العنف.
وزعم كوك أن المتظاهرين الذين نزلوا إلى القصر العينى بعد انتشار الأنباء بشأن عملية التطهير التى يجريها الجيش، ذهبوا بغرض الثأر لسقوط 43 قتيلا فى اشتباكات شارع محمد محمود أواخر نوفمبر.
ويتساءل الكاتب كيف وصل المصريون إلى هذه النسخة المشوهة الجنونية من ميدان التحرير؟.
وتابع أنه من السهل إلقاء اللوم على المجلس العسكرى، لكن خطأ جنرالات المجلس العسكرى ساعدهم فيه الكثير من الأمور، فلقد شارك كل من العسكر والجماعات الثورية والإسلاميين والليبراليين بقوة فى المأزق السياسى الحالى وقد انهار الاقتصاد نتيجة مزيج من عدم الكفاءة والنرجسية والغدر، وقد ترك هذا المجتمع على الحافة.
وقال إن القيادة العسكرية عوضت افتقارها للفطنة السياسية وافتقارها لفهم الدينامكيات السياسية للمجتمع بالوحشية. وقد كشفت الحالة المزرية للفترة الانتقالية بمصر عن مشكلة رئيسية تتعلق بالجنرالات الحاكمة، فإنهم يأتون بأفكار بمساعدة جهاز الاستخبارات الداخلية أكثر وحشية لقياس مدى رد فعل الناس. وهذا زعزعة رهيبة للاستقرار بدلا من القيام بما هو صحيح، وبالتالى يحاولون تبرير كل ما يفعلونه فى نطاق الجزء الذى يتفق معهم من الرأى العام، حتى إنه حينما كان الثوار يحتفظون بشعبية مرتفعة كان المجلس العسكرى يستجيب لمطالبهم.
والآن يلعب الجنرالات على الأغلبية الصامتة التى يعتقدون أنها تعارض المحتجين.
ويتهم كوك الثوريين بالنرجسية قائلا إن هؤلاء الذين أسقطوا مبارك يركزون حاليا على تلميع مؤهلاتهم الثورية من خلال تويتر وفيسبوك، تلك الوسائل التى لا تصل للأغلبية العظمى من المصريين، ذلك بدلا من العمل على التنظيم السياسى. وبعد أن هزم الثوار فى استفتاء 19 مارس راحوا يبحثون عن سبل لاستعادة البرق فى زجاجة ثورة 25 يناير لكنهم فشلوا إلى حد كبير.
وتابع الكاتب أن الـ 17 جمعة التى مرت بالربيع والصيف هذا العام عكست أهداف سياسية أقل ومع إعتصام إستمر فى التحرير لمدة أسبوعين تحول الأمر إلى كرنفال لتهنئة النفس وليس مجرد بيان سياسى جاد، مما ألحق الضرر بالثوريين فى عيون المصريين المتعاطفين. وعلى مدار الربيع والصيف وبينما كان الثوار يعتقدون أنفسهم ثورة دائمة ضد العسكر والفلول، مضى الإخوان المسلمين فى عمل جاد واستغلوا الفرصة السياسية العظيمة التى أتيحت لهم لأول مرة منذ تأسيس حسن البنا عام 1928 الجماعة.
ويقول كوك أنه قبل أن يفاجأ الثوار ومؤيديهم بالفوز الكبير الذى حققه الإسلاميين فى الانتخابات البرلمانية عليهم أن يلقوا نظرة فاحصة بما فعلوه وما لم يقوموا به على مدى الأشهر الـ 11 الماضية. ففى الواقع أخطأ هؤلاء فى قراءة مشاعر الرأى العام بالضبط مثلما فعل المجلس العسكرى.
وفى إطار المغازلات الأمريكية للإخوان تابع الكاتب قائلا، على الرغم أنهم لم يدعوا للثورة من الأساس، لكن يبدو أن الإخوان المسلمين هم التيار السياسى الوحيد الذى استطاع أن يلعب جيدا فى مرحلة ما بعد مبارك، فخلافا للثوار، وضع الإخوان أنفسهم فى موضع السيادة وأصبحوا قادرين على إزاحة الضباط كمصدر للسلطة والشرعية فى النظام السياسى.
ومع ذلك يستدرك مشيرا إلى أنه من الصعب جدا أن نعتقد أن مصر باتت فى أيدى الإخوان، فإنهم سيستقرون على القيادة من خلف الأحداث ويحاولون اقتناص فرصتهم فى تحقيق هدفهم التاريخى لحكم البلاد.
وما لم يستطع الإسلاميون مقاومة إغراء الحكم والسلطة، فإنهم حتما يتجهون نحو مواجهة قوية مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وختم الباحث بالمجلس الأمريكى مشيرا إلى أنه حتى الآن لا توجد قيادة معنوية بمصر تقدم أفضل المضامين أو الأفكار السياسية الوطنية. فحتى البرادعى، الذى يمكن أن يكون حكيم مصر، لم يفعلها ولا عصام شرف. وفيما يبقى أن ننظر إلى عمرو موسى أو عبد المنعم أبو الفتوح أوخيرت الشاطر أو غيرهم إلا أن هذه جميعها شخصيات منشقة قد تزيد تقويض التماسك الاجتماعى وليس إصلاحه.
وفى إطار ما سرده ستيفن كوك حول الواقع السياسى المصرى، يصل إلى استنتاج عام يشير إلى تحول ميدان التحرير إلى وحش فرانكشتاين، حيث لا يوجد قيادة أو قوة معنوية أو قضية مشتركة ولا معنى لللياقة، فالمصريون فى ورطة ولا يوجد الكثير الذى يمكن أن يقدمه أحد لمساعدتهم.
المصريون فى ورطة ولا يوجد ما يقدمه أحد لمساعدتهم
فورين بوليسى: العسكرى والثوار والإسلاميون الجميع مشتركون فى مأزق مصر
الأربعاء، 21 ديسمبر 2011 10:44 ص
جانب من اشتباكات مجلس الوزراء
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
غالي
كل اللوم على المتظاهرين يوميا بالحق والباطل
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
بجد تحليل رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله محمد
تحليل رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
صلاح
هو الراجل دا مصري
دا جاب من الاخر و قال كل اللي جوايا والله
عدد الردود 0
بواسطة:
zain
بجد مقال ممــــــــــــتاز
عدد الردود 0
بواسطة:
اسامه
المصريين في ورطه
من يكتب روشته الخروج من الورطه
عدد الردود 0
بواسطة:
peter antoine
29 belal st gesr el seuz
عدد الردود 0
بواسطة:
sherif
الكل مسئول
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصري أصلي
نشكر اليوم السابع على ترجمة ونشر هذا التقرير الواضح
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد المنعم [نوى]
نعم تحليل رائع ولاكن مؤلم