مجدى أحمد على

عن الثوار والملائكة

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011 03:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بينما لا تخلو أى حركة ثورية من أخطاء، فإن فضيلة الاعتراف بها ومواجهة النفس دائماً هى السبيل الوحيد لاستمرار الثورة نقية وشفافة، وغياب جسم محدد لقيادة الثورة كان السبيل الأوحد لمقاومة أجهزة أمنية شديدة القسوة مطلقة السراح فى التنكيل بالناس، كان الميدان فى الأيام الأولى للثورة - وحتى الإطاحة برأس النظام- يحركه قرار خفى يسرى بين الناس ويخلق فوراً حالة من التوافق العام دون أن يخطئ مرة واحدة فى قراءة المشاعر أو تقدير العواقب والتبعات، يصدر القرار موحداً، حكيما وبعيد النظر بشكل معجز حتى لخبراء الممارسات السياسية ومحترفى العمل وسط الجماهير.. ولكن..

فور انتهاء الموجه الأولى للثورة بسقوط رأس النظام وانهيار حزبه الكرتونى وعصابته القريبة لم يسع الثوار إلى توحيد قواهم والاتفاق على الحد الأدنى واختيار قادة لهذه الثورة يعبرون على أشواق التغيير والبناء على أطلال النظام السابق، أُنهى الاعتصام وكانت الحكمة فى استمراره حتى تعهد المجلس العسكرى بخطة طريق واضحة يشترك فيها ممثلون للثورة والقوى المدنية تبدأ بدستور مصغر تنطلق على أثره- مباشرة- عملية نقل السلطة إلى رئيس منتخب يهيئ الظروف- عبر وزارة انتقالية- لانتخابات تشريعية حقيقية تفرز نوابا يحلمون ويعملون على إنشاء دولة مدنية حديثة وديمقراطية، فرش الثوار والشهداء طريق الوصول إليها بالدماء والأرواح.

بدلاً من هذا الطريق المستقيم «الذى يبدو بديهيا» يبدو أن قوى أخرى داخلية وخارجية رأت أن انتصار الثورة فى بلد مثل مصر يمثل كارثة لمنطقة بكاملها، فكان أن حشدت قواها لهزيمة الثورة- ولو بالنقاط- بعد أن تلقت ضربات غير قاضية فى الجولات الأولى، خطة ممنهجة تتوالى مراحلها وصولاً إلى الوضع الحالى:
1 - المجلس العسكرى يشكل لجنة يغلب عليها الطابع الدينى الإخوانى للعبث بفكرة الدستور الصغير الذى يسهل الاتفاق عليه عبر جر البلاد إلى استفتاء هزلى على خطة بديلة تكرس لانتخابات دون أساس دستورى تهدف إلى وصول أكثر القوى تخلفا ورجعية إلى كراسى التشريع والتنفيد.

2 - إطلاق حرية تكوين الأحزاب على أساس دينى «بتحايلات قانونية شكلية» لكى تجر البلاد نحو حالة من الاستقطاب الطائفى لم تشهدها مصر فى تاريخها كله تنفيدا لسياسة إرهاب الناس بالتطرف الدينى لمزيد من إخضاعهم لأشكال من الحكم المتسلط تقترب من النظام المباركى بعد الخلاص من رأسه ومشروع توريثه وتقليم أظافر الداخلية وأنيابها.

3 - خطة ممنهجة- وصبورة- لإهانة الثوار وعزائهم وإثارة الكراهية تجاه قياداتهم بدءا من الاتهام بتلقى الأموال والاتصال بجهات خارجية ثم محاولات شراء بعض ضعاف النفوس منهم ثم باعتقال آلاف وحبسهم فى محاكمات هزلية وسريعة وتجاهل دماء الشهداء، فلم تتم إدانة شخص واحد حتى الآن بتهمة قتل المتظاهرين فى التحرير أو ماسبيرو أو محمد محمود، وطبعاً لن يحدث ذلك فى أحداث مجلس الوزراء رغم أن القتل علنى وعلى الهواء.. ورغم أن جنود القوات المسلحة - التى هى فخرنا جمعياً - كانوا يقفون على الأسطح يقذفون المتظاهرين بالطوب والمولوتوف ولا يخجل الجندى «الذى تعلم الانضباط» من إظهار عورته أمام المتظاهرين والبول عليهم فى حالة هيستيرية مشينة، وتمثل صورة الجنود وهم يضربون بوحشية امرأة نزعوا عنها ملابسها عاراً لن ينمحى بسهولة ولا يمكن تخيله لجيش مصر العظيم ولابد أن يتحمله- فوراً- من أصدر الأمر ومن أطلق سراح هذا السلوك الوحشى الغريب على أى مصرى شريف وغيور وهنا أتساءل:

أين إخواننا المتأسلمون الذين كانوا يصرخون واكاميلياه أمام هذه الإهانة لشرف مصرية، أليست أختا لهم، أم أنهم لا يختارون لتعاطفهم سوى من أعلنت إسلامها تبريرا لخيانة زوجية أو استجابة لتحريض طائفى؟ أم أنهم يرونها فاجرة لتظاهرها ضد نظام فاسد ويرون أن الأفضل أن تجلس معهم فى منازلهم حتى ينتصر الثوار ويسلموهم كراسى الحكم عبر انتخاباتهم العظيمة؟ أم يرونها زانية لاختلاطها بالرجال حتى لو كانت محجبة أو منقبة فهذه مفسدة كبرى تنضاءل أمامها المفاسد الصغرى مثل سقوط الوطن كله فى قبضة الفاشية الدينية أو العسكرية؟!!

4 - الشعوب- وإن طال قهرها- منتصرة لا محالة.. ومهما كانت الإهانات من كشف العذرية مروراً بالتعذيب وإهانة القضاة والنواب وغباء التعامل مع البشر وصولاً إلى الفشل الكامل والمحنة الثقيلة فى إدارة أبسط الأزمات وحتى المؤتمر الصحفى الكارثى نهار الاثنين الذى لم يصل حتى إلى مستوى إدارة الحزب الوطنى المنحل بأفلامه الرديئة وشخصياته الهزيلة وجهاز استعلاماته الأبله.. واتهاماته الجوفاء بشرفاء الحركة الوطنية بأنهم يدعمون المتظاهرين بالطعام والخوذ التى تقيهم شر تحطيم الرؤوس وفقء الأعين أو الاختناق تحت سنابك جنود وضباط القوات الخاصة الذين تم تدريبهم على قتال أعداء الوطن فإذا بهم يمارسون شجاعتهم فى قتل إخوتهم وأبنائهم..
ياللعار ياللعار..








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة