إذا كان هناك مخطط خارجى لتدمير التليفزيون المصرى فلن يفعل بإعلام الدولة أكثر مما فعله قياداته حتى أصبح جثة هامدة لا تقوى سوى على طاعة الحاكم بمنطق التبعية، تحت أى ظرف ورغم أى تغيير، حيث كان أداؤه منذ 25 يناير الماضى وحتى أحداث قصر العينى الاخيرة بنفس الكذب والتضليل والهجوم على المواطنين والمتظاهرين وإدانتهم واتهامهم بالبلطجة دون الاهتمام بتقديم صورة واقعية من مسرح الأحداث، ويمكن تسمية عام 2011 بعام انتحار التليفزيون المصرى، حيث أصبح خارج اهتمام الشارع المصرى واختار دور العدو الأول للثورة والشارع، دون أدنى اهتمام بواقع المواطن المصرى الذى ينفق من ضرائبه على هذا الجهاز كى يخصص النسبة الكبرى من ساعاته لقضايا المواطنين.
منذ سقوط مبارك ورجاله تتابعت 3 قيادات على الفشل وعادوا بالإعلام 50 عاما إلى الوراء، ابتداء من اللواء طارق المهدى الذى لم يختلف أداؤه فى ماسبيرو عن أداء المجلس العسكرى فى إدارة الدولة، وشهد عهده 3 أشهر من التخبط والفوضى والانحياز إلى المطالب الفئوية للعاملين على حساب المصلحة العامة ولم يفلح فى الأمرين، بخلاف الانسياق خلف أصحاب الأصوات العالية مما نتج عنه ظهور وجوه منتهية الصلاحية على الشاشة وتردى المحتوى، وإلغاء وكالة صوت القاهرة للإعلان، التى لم يحصل ماسبيرو على أى إعلانات بعد إلغائها.
وفى إطار الانسياق خلف الأصوات العالية بدون تفكير أو دراسة ألغيت وزارة الإعلام بدون تمهيد مناسب، وجاء الدكتور سامى الشريف رئيسا لاتحاد الإذاعة والتليفزيون بصلاحيات وزير إعلام، ولم يكن الشريف أفضل أداء من الدكتور عصام شرف رئيس حكومته، حتى أطلقت عليه الصحافة لقب «المرتعش» بسبب ضعف إدارته قياسا بسخونة الاحداث، وكان الشريف هو مرحلة انهيار ماسبيرو، حيث قام بالقضاء على اى منتج جيد يمكن أن يشاهده المواطن، برغم ما أتيح للتليفزيون المصرى من فرصة ذهبية لبناء جسور العلاقة مرة أخرى، ذلك بعد سقوط النظام وثقة الناس فى التغيير والثورة خصوصا مع وجود برنامج «مصر النهارده» الذى كان يقدمه كل من تامر أمين وخيرى رمضان ومحمود سعد و«من قلب مصر» من تقديم لميس الحديدى، الذى حتى وإن كان بعض مقدمى البرنامجين قد واجهوا تهمة علاقتهم بالنظام السابق إلا أنهم على الأقل كان يتمتعون بقدر من المهنية والقبول لدى المشاهدين، بات معدوما تقريبا فى ماسبيرو حاليا، بل كان من الممكن أن يستمر حتى لو بوجوه جديدة، أضف إلى ذلك امتياز نقل محاكمات الرئيس المخلوع ورموز نظامه الذى ظل لفترة كبيرة الحدث الأهم بالنسبة للعالم كله وجميع قنواته وكل قناة فى العالم كانت تنقل المحاكمات ولو لمدة دقيقة كان يظهر على شاشتها لوجو فيما يساوى إعلانا مجانيا للتليفزيون المصرى فى جميع تليفزيونات العالم، كما دبت الفوضى فى مبنى ماسبيرو وأصبح الظهور على الهواء بلا أى ضوابط، حتى إن بعض العاملين كانوا يهددون باقتحام الاستديوهات وتسويد الشاشات وارتفاع حجم وعدد التظاهرات.
أما أسامة هيكل فكان خليفة أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق، فما فعله الفقى فى 7 سنوات فعله هيكل فى أقل من 4 أشهر بداية من سياساته الإعلامية فى إدارة الأزمات، والإخفاق الشديد فى إدارة أزمات الشارع مع السلطة وأبرزها كارثة ماسبيرو، الذى قام فيها تليفزيون الدولة لاول مرة فى تاريخه بدور المحرض على الفتنة الطائفية، وكذلك أحداث 18 نوفمبر التى كان يذيع فيها التليفزيون فيلما كوميديا فى الوقت الذى يقتل فيه المواطنون فى شارع محمد محمود.
فى كل الأحداث قدم التليفزيون المصرى المواطنين المحتجين فى صورة البلطجية وتقديم المجلس العسكرى فى صورة الضحية، والمدهش أن هذه الصورة تحمل إساءة بالغة للمجلس العسكرى وليس العكس.
عام انتحار التليفزيون المصرى..
المهدى والشريف وهيكل 3 قيادات عادت بالإعلام 50 عاماً إلى الوراء
الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011 01:08 م
طارق المهدى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
gedoooooooo
رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد مصباح
حرام عليك