د. عبد المنعم عمارة

عاد الشعب للصناديق فبدأت الديمقراطية

الجمعة، 02 ديسمبر 2011 08:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سيبك من حكاية أن ما جرى فى انتخابات المرحلة الأولى هو عرس للديمقراطية.. فالمسألة أكبر من ذلك، لأن الفرصة لحظات ثم تنتهى، بينما خرج الشعب للانتخابات هذه المرة وبهذا الشكل، يعنى أن الديمقراطية قد بدأت من هنا ولن تنتهى، نحن نقول إن الميل يبدأ بخطوة واحدة، والديمقراطية كذلك، الخطوة الأولى كانت هى هذه الانتخابات، فى الديمقراطية هناك نظرية تقول: go Fast Or Go Slow أى الديمقراطية تكون مسرعة أو تكون بطيئة.

البعض يرون أنها عملية صعبة ومعقدة وتحتاج إلى مراحل زمنية كبيرة وهو ما حدث فى كل دول العالم، فبريطانيا أمّ الديمقراطية، قامت ونجحت فيها بعد أكثر من عقد من الزمان، ومعظم دول أوروبا، أى العالم القديم، أما العالم الجديد، وتمثله أمريكا، فربما كان أسرع إلى حد ما لأنهم اختصروا خطوات الديمقراطية التى حدثت فى أمريكا، قرروا إقامة ديمقراطية فريدة تقوم على نظرية الفصل التام بين السلطات التى لم تطبقها بريطانيا، قرروا تخفيض وتحجيم سلطات الرئيس فى مرتين، وفى نظام Check And Ballance الذى لا يسمح لسلطة بالسيطرة على أى سلطة أخرى، ولكن ماذا عن مصر؟ كان لدينا ديمقراطية قديمة وناجحة فى عصر الملكية، ولكنها قتلت وانتهت فى فترة الثورة كلها، ولهذا فعلينا أن نبدأ من جديد، من أول السطر، من أول خطوة، وقد بدأت هذه الخطوة بداية مشجعة، ومع ذلك ففى تقديرى أن الديمقراطية التى ستأخذ وقتًا أطول من دول متقدمة أخرى سبقتنا فى الديمقراطية.

المشكلة الآن أن البعض قد يرى أن الديمقراطية يجب أن تتحقق فى أسرع وقت ممكن، يعنى بعد انتخابات الرئيس تصبح مصر فى مصاف الدول المتقدمة وهو أمر صعب وربما يكون مستحيلاً.

إذن نجحت الخطوة الأولى فى مسار الثورة، ولكن الفضل لمن؟ أنا أقول لك: شباب الثورة والشعب ثم القوات المسلحة، ونجحت الخطوة الثانية بالانتخابات والفضل أيضًا لشباب الثورة وشهدائها والشعب وقواتنا المسلحة، ثورة الشباب ونضالهم أثناء النظام السابق وحتى سقوطه كانت سببًا، الشعب المصرى الذى التف حولهم كان عاملاً مهمّا، ثم إصرار القوات المسلحة على احتضان الثورة ثم إصرارها على إقامة الانتخابات فى موعدها هذا عمل تاريخى سيسجل لهم فى تاريخ مصر، فلولا إصرارهم لما نجحت الثورة، ومن فضلك لا تقل إن دورهم المهم هو حفظ الأمن أيام الانتخابات فهذا ليس سببًا مهمّا، ولكن الأهم هو إصرارهم الذى أعطى الثقة للشعب، وكان وراء خروج هذا الشعب بهذا الشكل لإنجاح هذه الانتخابات.

وفى رأيى أن هذا أعظم دور قامت به القوات المسلحة بجانب دورها فى احتضان الثورة، فهذان الدوران يزيلان أى كلام عن عدم خبرتهم السياسية أو عن بطء قراراتهم أو عدم تسريع حركة الديمقراطية فى مصر، أما عن الشعب الذى رأيناه هذين اليومين، فهذا هو نفس الشعب الذى رأيناه منذ 25 يناير حتى 11 فبراير، أما ما تم بعد ذلك منذ سقوط النظام حتى بداية الانتخابات يوم 28 نوفمبر فهو فى رأيى شعب آخر أو كتلة كبيرة من شعب مصر أساء للثورة، ويتبقى أن أقول: هل سيظل الشباب والشعب والقوات المسلحة «إيد واحدة» حتى تتحقق الديمقراطية؟ هذا هو الأمل وهذا هو المطلوب.

طليعة يوليو.. وطليعة يناير
فى مثل هذه الأيام الصعبة التى تمر بها مصر، ولشخص مثلى وصل إلى آفاق بعيدة فى العمل العام، ولشخص ليس إعلاميّا محترفًا قد تأخذه ميوله إلى هذا الاتجاه أو ذاك، ولأننى مثقف لا أرضى لنفسى موقفًا لا أرضاه، أكتب هذا المقال الذى قد لا يعجب البعض وخاصة الذين يعلقون على مقالات الصحفيين والذين للأسف بدا أن بعضهم كل همه هو إما توجيه الاتهامات وإما استخدام ألفاظ لا يليق استخدامها، وخاصة أن بعض هؤلاء ليس لديه الشجاعة ليكتب اسمه، كأن يكتب مثلاً «مصرى أصيل» والمصرى الأصيل ليس سليط اللسان ولا بذىء الألفاظ، ولكنه هو المصرى ابن البلد، ابن الحارة، ابن القرية.

عزيزى القارئ..
أحداث كثيرة تثير قلقك، وبعضها يثير غضبك وحنقك، وبعضها قد يتلف أعصابك، ووسط كل ذلك تجد أحداثًا وأشياء تبرق وتتوهج، وتلعلع، منها وأهمها شباب مصر أو الطليعة الثورية لـ 25 يناير، الزعيم عبدالناصر أطلق على قيادات ثورته «الطليعة الثورية» وهذا صحيح، فهم وليس غيرهم الذين قاموا بالثورة.

ولدينا الآن من أسميهم «الطليعة الثورية» الذين ألهموا وحركوا ثورة 25 يناير وهم الشباب.
صحيح هؤلاء طليعة وأولئك طليعة، ولكنّ هناك فرقًا، عبدالناصر قام بثورة مدعومة بقوة أسلحة الجيش المصرى وبضباطه وجنوده، بينما طليعة يناير كانوا عزلاً من السلاح، سلاحهم هو صدورهم وعيونهم التى فُقئت وأجسادهم التى دهست، استشهدوا فى سبيل الثورة قبل سقوط نظام مبارك، واستشهدوا وسجنوا بعد سقوط نظام مبارك كذلك.

والسؤال المحير والمحورى: كيف يقتل شبابنا من شرطة ما قبل الثورة؟ وكيف يقتلون كذلك من شرطة ما بعد الثورة كما قيل؟

حضرات القراء..
إذن لماذا هذ القتل؟ ولماذا هذه الأحداث الدامية؟ ولماذا هناك محاولات لبث الفرقة بين الشباب؟ فى ظنى أن الإشكالية هى فى هذه المسافة البعيدة بين فكر وأهداف وآمال الشباب، وبين نظرة القوى السياسية والمسؤولين لهم وللثورة نفسها، أحترم بلا حدود القوى السياسية والمسؤولين عن الدولة، ولكننى أثق أكثر فى توجهات شباب الثورة، لماذا؟ لأنهم ليس لهم أطماع، فقط هدفهم الوحيد هو وطنهم مصر، إحساسهم بأن الثورة تسرق كان صحيحًا وكان كابوسًا ثقيلاً عليهم، عزلهم وركنهم وإبعادهم للصفوف الخلفية لم يكن يسبب لهم أية مشكلة، لأن الهدف ليس هو ركوب الموجة ولا أن يصبحوا نوابًا أو حكامًا.
الخلاف مع غيرهم هو أن هؤلاء يريدون الإبقاء على النظام الحالى أو الوضع الحالى أو يبقى الحال كما هو عليه، وأن تصبح الحياة فى مصر محلك سر، أو خطوة تنظيم، بينما هم لا يوافقون على ذلك، ولا يعنيهم كل ذلك، فقط إشكاليتهم وقضيتهم هى بقاء ونجاح واستمرار الثورة وبناء مصر جديدة.

الاستقرار لدى غيرهم هو نفس الاستقرار لدى النظام السابق الذى يعنى الركود والتحلل والتعفن، الاستقرار لديهم هو دنيا مبكية، تطور الثورة وتقدمها وضمان نجاحها، ثم استمرار هذا النجاح، هذا هو الفارق بين قوة الشباب والقوى الأخرى، ولهذا كان عدم التلاقى وكان الخلاف، ومن فضلك شاور لى على أى جماعة أو شخص استطاعوا أو استطاع أن يقيم حوارًا ناجحًا معهم، شباب لديه خيال وتصورات للمستقبل وقيادات نسيت الخيال منذ سنوات طويلة، لغة الحديث مع الشباب لم تتقنها القوى السياسية الأخرى.

عزيزى القارئ..
لم يتركوا الشباب فى حالهم، بل طاردوهم بالاتهامات، وبالعمالة، ثم جاء الأخطر وهو العودة إلى سياسة فرق تسد، التى أغضبت الشباب، وكذا خلق كيانات ليست حقيقية خطأ، تحجيم الشباب أكبر خطأ، خلق ميادين جديدة عمل يجب أن نتنزه عنه، الشباب المصرى يحلم بأن يكون وطنه نموذجًا يتحذى بين أوطان العالم.
الشباب المصرى لا يريد سقوط الدولة، ولكنه ثار من أجل سقوط نظام يشعر بأنه لم يسقط بعد.
الشباب ثار من أجل تغيير يرى أنه لم يتحقق، الشباب ثار من أجل أن يكون الشعب هو السيد، ورأى أنه لم يصبح بعد هو السيد.
الشعب ثار من أجل أن يكون الشعب أقوى من الحكومة، ولكنه يشعر أن الحكومة هى الأقوى، هى تتحدث وعلى الشعب أن يستمع، فى حين أنه يرى أن الشعب هو الذى يجب أن يتكلم وأن على الحكومة أن تسمع وأن تطيع.
إذن المشوار مازال بعيدًا، والشباب يشعر بأن المسؤولين لم يفهموه وبأنهم لا يثقون فيه، ولهذا فهو لا يثق فيهم، وهذه هى المشكلة، ومن هنا جاءت الأزمة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

همام محمد

بعد قراءة متأنية للمقال !!!

طيب يا عبد المنعم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة