د.محمود العلايلى

الــمــارد الـسـيـاديـنى

الإثنين، 19 ديسمبر 2011 04:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يستطيع أحد أو فصيل مهما كان وضعه أو حجمه أن يدعى أنه يحتكر تيارا سياسيا أو اتجاها دينيا أو دورا اقتصاديا ولا منظورا فنيا أو تشجيعا رياضيا، هذا ليس بالإمكان مهما كانت أهمية الشخص المدعى وتأثيره على من حوله أو كم أنصاره واتساعهم وتفرعهم فى عموم البلاد يمنة ويسرة وشمالا وجنوبا.
لقد فعل هذا على مدى أكثر من ثمانية عقود جماعة الإخوان المسلمين وادعت ضمنا أحيانا وصراحة أحيان أخرى، أنه لا انفصال للدين عن السياسة، وأنه لا انفصال للحكم عن الشريعة ثم اختصروا ذلك كله فى شعارهم الشهير «الإسلام هو الحل».
أغفل الإخوان المسلمون كما لم تعِ باقى الفصائل السياسية شيئا مهما، وهو أن فصائل سيادينية أخرى على الساحة، إما خاملة سياسيا أو مكبوتة أمنيا، ومتحفزة للحظة الوثوب لطليعة المشهد السيادينى ومما أغفلناه أيضا وأغفله الإخوان أن فصائل السلفيين لهم تأثير دينى أكثر بكثير مما للإخوان المسلمين الذين اعتقدوا على مر العقود أن منافسهم على أصوات المصريين هى الحكومات المتعاقبة والتيارات المدنية التى تدعو إلى أن للدين ميدانا، وللسياسة ميدان مختلف.
إننا الآن داخلون على مرحلة شديدة التعقيد وأمور ملتبسة بشكل غير واضح على الإطلاق من حيث الاستقطاب السيادينى، حيث لا ندرى كيف ستكون الخريطة عليه... هل يكون استقطابا إسلاميا على جانب، مدنيا على الجانب الآخر؟ أم يكون إسلاميا إخوانيا على جانب وإسلاميا سلفيا على جانب؟ أم نوع جديد من الاستقطاب السيادينى لم نعهده من قبل لنجد السلفيين فى ناحية وعلى الناحية الأخرى نجد الإخوان المسلمين والمدنيين.
لقد أوقعتنا جماعة الإخوان المسلمين على مدى عقود فى هذه الحيرة وهذا الالتباس من مزاوجة السياسة بالدين، مما زج بنا فى صراع على الهوية، بدلا من صراع على الشؤون السياسية، ودخلنا فى صراع عقائدى فى زمن كان من المفروض أن نكون قد تجاوزنا فيه هذه الإشكاليات وبدأنا كمجتمع نخطو لآفاق أكثر رحابة واتساعا، لم تتصور جماعة الإخوان المسلمين ولا حزبها السيادينى أنهم سوف يشربون من الكأس التى طالما أعدوها للمصريين وأخذوا يسقونهم إياها على مدى عقود طوال، وإنى هنا لأشفق على موقفهم، لأنهم لأول مرة يكونون فى موقف المدافع، وخاصة فيما يخص الدين والعقيدة حيث احتكروا الكلام فيها والدفاع عنها لفترات طويلة وخاصة الجزء السياسى منها.
إن المارد السلفى الذى خرج من القمقم وقف على أكتاف الإخوان المسلمين واستطال ثم بنى على ما شيدوه ولكن بلغة خطاب مختلف ولهجة لا يجاريهم فيها أكثر المتشددين من الإخوان المسلمين، والشىء الأكثر إدهاشا هو حجم التمويل والصرف الذى لم يكن أحد ولا الإخوان أنفسهم يتصورونه أو يتخيلون أنه متاحا لغيرهم!.
وبدلا من أن أخرج من حديثى بنتائج أخرج بأسئلة ليتنى أجد ردا عليها أوعلى بعضها وهو أضعف الإيمان.
هل نحن داخلون على زمن صراع عقائدى إسلامى إسلامى؟
هل لدى الإخوان المسلمين القدرة على احتواء الشارع ومنافسة الخطاب السلفى بما أن الخطاب المدنى أبعد هوة من الخطابين معا؟
هل يمكن لحزب الحرية والعدالة أن يحل الإشكالية التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين ويفصل الدعوة عن السياسة ويصبح حزبا سياسيا صرفا؟
وأخيرا اختصارا لكل هذه الأسئلة: هل تقوى الجماعة وهل يستطيع الحزب على صرف المارد السيادينى الذى دأبوا على تحضيره على مدى أكثر من 83 عاما؟
> مصطلح خاص يعبر عن خلط السياسة بالدين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة