قادتنا نتائج المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب، إلى حالة هلامية وسيولة فكرية وسياسية، فلم يعد هناك فارق جوهرى يمكن أن تلمسه بين السلفى والإخوان ولا بين الإخوانى وأنصار الدولة الدينية، صحيح أن من حق كل تيار أن يراجع نفسه ويعيد النظر فى أسباب انصراف الجمهور عنه فى الانتخابات وأن يحاول تدارك ما فاته، لكن هذا أدى إلى حالة من السيولة وتراجع التمايز بين مختلف الأطياف، القوى الدينية راحت- كل بطريقته - تؤكد على إسلاميتها واحترامها للإسلام والنهضة الإسلامية والتمسك بالمادة الثانية من الدستور الملغى، حتى إن حزب الوفد راح يبرز فى إعلاناته وثوابته رفضه للعلمانية التى تعنى فصل الدين عن الدولة وكذلك رفض الدولة الثيوقراطية «الدولة الدينية».. ترى هل يختلف ذلك فى شىء عما يقول به الإخوان والسلفيون؟!.. الإخوان والسلفيون يعلنون جهارا نهاراً أنه لا دولة دينية فى الإسلام ولا دولة كهنوتية.
حزب الحرية والعدالة راح يبث مشاهد لمواطنين وحرص أن يكون بينهم سيدات وفتيات غير محجبات، وفى المقابل تنشر الكتلة إعلانات عن احترامها للدين الإسلامى والشريعة الإسلامية.. السلفيون بعد ما حدث للشيخ الشحات راحوا يخففون من غلوهم، وتحدث د. ياسر برهامى - الجمهورية - 14 ديسمبر - عن أن الإعلام والدول الغربية حولاهم إلى فزاعة، وتحدث عن أنهم لن يمسوا حقوق الأقباط ولا حقوق المرأة، بل إنه قال عمن يشربون الخمر «هذه حريتهم.. وأن الاعتراض فقط يتمثل فى كلمة واحدة «لا يشربونها فى الطرقات العامة» وهذا ما تعاقب عليه القوانين المعمول بها فى مصر - الآن - أى أنه لا تغيير.
هذه السيولة الهلامية سببها المباشر تيارت الإسلام السياسى، فقد أخذت الجميع عند نقطة الدين والعلاقة به، وبات كل من يعمل فى المجال السياسى أن يخرج ليعلن إسلامه من جديد، وأن يقدم الدليل. الأصل فى الأشياء أن هذه أمور خاصة، لكننا حولناها إلى قضية القضايا وتجاهلنا القضايا الحيوية. نلاحظ أن الفرقاء جميعا لم يتوقفوا عند قضية مثل التعامل مع الفقر وعلاج جذوره، ونحن لدينا حوالى 42 ٪ من السكان تحت خط الفقرا، ولم نجد قضية مثل التعامل مع العشوائيات مثارة، كان أعضاء الحزب الوطنى «المنحل» يتجملون لمنحهم تراخيص وإدخال الخدمات إليهم كالكهرباء والمياه، لكن ماذا عن مستقبل هذه المناطق وسكانها، حيث يمكن أن تجد أسرة من عدة أفراد يعيشون فى غرفة واحدة ودورة المياه لعدة غرف، ومن ثم عدة أسر، ولم نلمح فى أحاديث المرشحين تناولا جادا لقضية التعليم ومواجهة التسرب من المدارس الذى يقدر سنويا بعدة مئات من آلاف الأطفال، مما يعنى زيادة نسبة الأمية وأطفال الشوارع و...
وقضية القضايا بالنسبة لمصر هى مياه النيل وهناك مشكلة كبرى تخصنا عند منابع النيل، فضلاً عن أن كميه مياه النيل لم تعد تكفينا، ومع ذلك لم نجد تبارزا بين الإخوان والسلفيين والمدنيين فى ذلك، الجميع التزم الصمت المطبق وكأن القضية لا وجود لها وكأن البرلمان القادم سوف يكون مجمع البحوث الإسلامية أو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية يناقش ويحدد الحلال والحرام ويقنن للمرأة ما ترتديه وفى أى الشوارع تسير وبأى خطا تتحرك وبأى نبرة صوت تنطق.
ويبدو أن الجميع استراح للجدل حول الشريعة والإسلاميات، بدلا من بذل الجهد وإعمال العقل فى قضايا خانقة للمواطن، هل يعقل أننا فى ظل أزمة الانتخابات وأزمة خانقة فى أنابيب البوتاجاز يصل فيها سعر الأنبوبة إلى ستين جنيها وطوابير من الصباح للمساء، قد لا نجد أى صدى لدى المرشحين والقوى السياسية، الأزمة ليست أزمة الحكومة فقط ولا المجلس العسكرى وحده، لكنها أزمة القوى التى تتهيأ للجلوس على العرش، إلا إذا كانوا يعتبرون الوصول للبرلمان مجرد وجاهة اجتماعية أو غلبة سياسية وأيديولوجية فقط، الكل - إلى الآن - يتعامل مع البرلمان باعتباره برلمانا فى ظل نظام حكم سلطوى ومستبد أى لا يراقب ولا يشرع، فقط تنطلق فيه بعض صيحات المعارضة والتنديد .
وطالما أن القوى السياسية اختارت أن تبتعد عن القضايا المتعلقة بحياة المواطنين ومستقبلهم، فسوف يبقى الاهتمام والانشغال بالقضايا التى يختص بها مجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ولا عزاء فى مجلس الشعب.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
البلتاجي
كفى نميمة
كفاية نميمة يانمنم
عدد الردود 0
بواسطة:
عزت
الفتنه
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد مـتولـى
كان الله فى عـونك يا أستاذ نمـنم
عدد الردود 0
بواسطة:
د/ أحمد يوسف
الحل
عدد الردود 0
بواسطة:
د/ أحمد يوسف
الحل
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamedaaam
الشريعة هي الحل
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله المنسي
حال النخبة المثير للشفقة في مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
خلود
مش فاهم حاجة
عدد الردود 0
بواسطة:
وهدان
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما...
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق فهمى
الآن عرفتك