قدمها له أحد أصدقاء السوء ليتمتع بها ويجربها لعلها تخرجه من ضيقه، نظر إليها مستحسنا إياها ثم رمق صديقه بعين ريبة وقلق، فبادره صديقه مومئاً إليه برأسه أن تذوقها ولن تتركها مرة أخرى، يختلى بها فى أولى نزواته متوجساً خيفة منها، يمسكها بأصابع رعشة، وبأيد باردة مترددة يقربها منه، بعيداً عن الأعين يمتص عقبها، فيصاب بالدوار، وتتقلب أركان الغرفة رأساً على عقب، وبهذا تبدأ قصة معاشرتها له بعد أن كان يتوارى بها خجلاً من بعض الأقارب، واحتراماً للبعض الآخر بات يصطحبها معه عياناً بياناً على أعين الناس، رأى بعضهم رجولته فى صحبتها، بينما تنبأ العقلاء بسقوطه معها لأنها علاقة غير شرعية.
زادت علاقته المحرمة تطورا فأصبح يفركها بيديه قبل أن ينالها، ويلعق قدها بريقه قبل أن يتذوق نكهتها، وزاد تردده عليها فأصبح يتناوبها أكثر من عشرين مرة يومياً، يهديها لأصدقائه حيناً، ويهدون أخواتها المتراصات بجانبها له أحيانا.
ظهرت عليه علامات صحبتها ونيلها من شبابه الذى أهدرته، فازرقت شفتاه، وانحنى ظهره واشتعل رأسه شيباً قبل الأوان، فى آخر زيارة للطبيب، نصحه أن يقلع عنها، ويترك طريقها الآثم الذى لا عودة منه، فتصلب شرايينه، وتضخم عضلة قلبه، والتهاب رئته، هم نتاج العلاقة الآثمة، فبدا له مؤخراً أن علاقته بالسيجارة كانت نزوة محرمة، وعلاقة غير شرعية، وأن التدخين آفة العصر، التى أهلكت الذرية، وحصدت ثمرة شباب العالم، لهذا قرر الإقلاع عن تلك العلاقة فورا ليتمتع بباقى حياته.
سيجارة