الأنباء الفرنسية: الثورات العربية تعيد رسم الخارطة السياسية للمنطقة

الجمعة، 16 ديسمبر 2011 03:35 م
الأنباء الفرنسية: الثورات العربية تعيد رسم الخارطة السياسية للمنطقة رجب طيب أردوغان
بيروت (أ ف ب)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكدت وكالة الأبناء الفرنسية، فى تحليل لها اليوم، أن الثورات العربية التى اندلعت منذ بدء العام 2011 أحدثت انقلابًا فى الخارطة السياسية للشرق الأوسط، ممهدة لبروز كتلة إسلامية "سنية" فى مقابل تراجع دور إيران والمحور الإستراتيجى الذى تشكله مع سوريا، بحسب ما يرى محللون.

وأشار التحليل إلى رأى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، فى تصريح بأن العالم العربى "لن يكون كما قبل بعد اليوم"، إذ أن "الأحداث الحالية تفتح الطريق أمام نظام إقليمى جديد"، وقد يشهد هذا النظام الجديد تراجعًا فى نفوذ القوى التقليدية المتنافسة فى المنطقة، مثل إيران والمملكة العربية السعودية، لصالح محور جديد بزعامة مصر وتركيا.

ويقول شادى حميد، من مركز "بروكينجز" للدراسات فى الدوحة، "هناك بروز لكتلة سنية تضم مصر وتركيا وقطر وليبيا وتونس وربما المغرب، ومن المحتمل أن تنضم إليها سوريا"، مضيفًا "كل هذه الدول يغلب فيها الآن التوجه الإسلامى".

ويتابع "حميد": "إن العلاقات بين هذه الدول ستصبح أكثر متانة على الأرجح، ولديها مصلحة مشتركة فى أن تكون لها سياسة خارجية أكثر استقلالية غير مرتبطة لا بالولايات المتحدة ولا بمحور المقاومة الإيرانى السورى".

ويتوقع الخبراء أن تتمتع الحكومات العربية، وفى مقدمتها مصر، ما بعد الثورات بقدر أكبر من القوة والتأثير، وقالت الخبيرة فى شئون الشرق الأوسط انياس لوفالوا إن مصر "ستستعيد دورها الإقليمى الذى فقدته خلال السنوات الأخيرة"، بعد تجاوز المرحلة الانتقالية التى أعقبت سقوط الرئيس السابق حسنى مبارك، مشيرة إلى أن "الحكومات المقبلة المتسلحة بمشروعيتها الشعبية، ستكون فاعلة أكثر".

ويتوقع مدير معهد كارنيجى للشرق الأوسط بول سالم أن يؤدى "الربيع العربى إلى تقليص التأثيرات الخارجية" فى المنطقة، على غرار ما جرى فى تركيا التى خرجت خلال السنوات الأخيرة من الفلك الأمريكى وأصبحت ذات قرار مستقل.

واكتسبت تركيا فى عهد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان شعبية واسعة فى العالم العربى، إثر نجاح نموذجها الاقتصادى، وبعد مواقفها الداعمة للفلسطينيين، ودورها كوسيط فى عدد من القضايا الإقليمية، لكن دورها تعزز مع مواقفها المساندة للحركات الاحتجاجية الشعبية العربية، خاصة فى سوريا.

ويرى شادى حميد أن "تركيا لم تعد قوة إقليمية عادية، بل قوة عظمى فى المنطقة، لقد وضعت نفسها فى الجانب الصحيح من التاريخ" من خلال دعمها الديمقراطية.

وبعد انكفاء دام عقودًا، بدت الجامعة العربية أكثر حيوية بعد إعطائها الضوء الأخضر للعمليات الجوية لحلف شمال الأطلسى فى ليبيا، ومن ثم من خلال فرضها عقوبات على دمشق على خلفية قمع المحتجين، وتشير انياس لوفالوا إلى عامل أساسى فى قرار الجامعة هو وجود "رغبة قوية لا سيما لدى إمارات الخليج السنية بضرب المحور الشيعى الذى تمثله إيران وسوريا وحزب الله".

ويرى شادى حميد أن "سقوط سوريا سيشكل ضربة قاصمة لإيران" التى بدأ دورها يتراجع فعلاً مع التطورات التى تشهدها المنطقة، مضيفًا "من وجهة نظر الأمريكيين، إن سقوط النظام السورى يشبه إصابة ثلاثة عصافير بحجر واحد، أى إضعاف سوريا وإيران وحزب الله"، مضيفًا "لقد انتهى زمن الصعود الإيرانى، ولم يعد أحد يتكلم عن نموذج إيرانى، لأن طهران تبدو بوضوح كقوة غير ديمقراطية عملت أيضًا على قمع شعبها"، فى إشارة إلى إنهاء الحركة الاحتجاجية على إعادة انتخاب الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد فى العام 2009.
ويقول بول سالم "قبل سنوات كان ينظر إلى إيران وحزب الله كأبطال فى مواجهة إسرائيل، أما اليوم فإن أحمدى نجاد يوضع فى خانة الحكام المستبدين".

وقد تحمل الانتخابات التشريعية الإيرانية، المقررة فى مارس 2012، تطورات فى المشهد الإيرانى بتأثير من "الربيع العربي"، وفى ظل هذه التغييرات سيظل لبنان ساحة تتردد فيها انعكاسات التطورات الجارية فى المنطقة، خاصة فى سوريا المجاورة، بحسب انياس لوفالوا، أما إسرائيل التى أبدت تخوفها من "شتاء إسلامى" فهى فى وضع لا تحسد عليه، برغم ارتياحها لتراجع الدور الإيرانى.

وقال شادى حميد "إن الحكومة الإسرائيلية متوجسة كثيرًا فى الوقت الحالى، وتخشى أن يؤثر الربيع العربى سلبًا على أمنها، كما أنها تتخوف من بيئة إسلامية معادية، ما يدفعها للانغلاق على نفسها"، وهذا سينعكس حتمًا على مسار عملية السلام المتعثرة أصلاً.

ويشير "حميد" إلى أن المملكة العربية السعودية، التى تحاول اللحاق بصعوبة بالتطورات المتسارعة فى المنطقة، تبدو كذلك فى وضع المنكفئ بعض الشئ، قائلاً إن السياسة السعودية "قائمة على استيعاب المشاكل لإبقاء الأمور كما هى عليه، لذلك تجد صعوبة فى مواكبة" التطورات التى "ستضعفها على المدى البعيد"، مضيفًا "ما زالت الرياض تستخدم وصفات قديمة فى منطقة تتغير بسرعة".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة