كان شعورى بالأمل وبالفرح أكثر بكثير ممن هم بجانبى وحولى، إنها لحظة الانتخابات، الطابور طويل وبرغم من هذا نصر جميعاً على ممارسة حقنا فى الحرية فى الديمقراطية دون أى التفات لأى دعاوى استثنائية من أى مواطن لديه شعور سلبى ولا يتوفر لديه الإحساس بقيمة هذه اللحظة الفارقة.
مشهد مشتبك مرتبك قبل الانتخابات وأثنائها كلنا نعرف ماذا حدث فى ميدان التحرير من سقوط شهداء ومصابين وتدخل سافر غير مسئول من "شرطة مصر" نعم شرطة مصر التى لم تراع ضبط النفس فى ردها على المتظاهرين، سيقول أحد الأصدقاء من جهاز "شرطة مصر" إن الشرطة راعت ضبط النفس وبشدة، سأرد عليه وأقول: أربعون شهيداً تقريباً فى ظل التزام شديد منكم بضبط النفس كما تقولون ماذا لو لم يكن هناك ضبط نفس فكم شهيد تتوقعون أن يسقط.
وكأن هناك من يقول لشعب مصر قم لتثور مرة ثانية من أجل شهداء وأبناء مصر. وكأن هناك صياداً ينصب فخه للفريسة لتقع فى شراكِه، فينادى أصوات من الميدان ومن نخبة إعلامية، البعض منها غير مسئول، لابد من إلغاء الانتخابات منها المغرض الذى لا يريد لمصر أن تصل لتجربة التحول الديمقراطى ومنها أصوات حماسية لا تعرف ماذا سيترتب على هذا الإجراء فنكبل أنفسنا بأنفسنا فنقع فى هذا الفخ - فخ إلغاء الانتخابات.
كنا فى اليوم الأول من الانتخابات التى أقل ما يقال عنه مصر تنتخب، و هو بالصدفة شعار أطلقته قناة إلامية كبيرة ، فالإعلام كان من ضمن ارتباك المشهد؛ تغطية متحيزة لانتهاكات جديدة على العملية الانتخابية فأول مرة نعرف ما يسمى بالصمت الانتخابى. كانت الانتخابات من قبل لا تعرف انتهاكات غير انتهاكات الحكم وزبانية الحاكم منها تبديل الصناديق وقهر القضاة، ما سمعنا من قبل أن هناك مشاكل فى عملية الفرز يسببها ضيق المكان لإقبال الناس الشديد ما سمعنا عن أغلبية غير أغلبية التزوير والبلطجة والخيانة.
وبرغم من ذلك الإعلام لا يرى غير انتهاكات حزب الحرية والعدالة والتى تمثلت فى دعوة مندوبى الحزب للناخبين البسطاء على أبواب اللجان لانتخاب حزب الحرية والعدالة دون الإشارة إلى أى حزب آخر فعل نفس الانتهاكات، وكأن هذه الانتهاكات هى التى تصنع الأغلبية.
وإن كانت هكذا فماذا عن نقابة المهندسيين والأطباء فهل يعتبر أعضائهم من العامة البسطاء؟! لماذا يأتى فى ظل هذا التخويف قائمة مهندسى مصر التابعة للإخوان المسلمين بالأغلبية ؟! لماذا يأتى اكتساح إخوانى غير مسبوق فى معظم النقابات الفرعية التابعة لنقابة الأطباء؟! هل هو توجهنا الليبرالى الذى يطغى على طبيعة تغطيتنا الإخبارية باستثناء بعض الكتاب والمذيعين الذين يلقون الضوء على الأحداث بمنتهى المهنية والاحترافية ولكن بصفة شخصية لا بصفة مؤسسية.
أعرف أن الديمقراطية هى فى الأساس عملية تعليمية نختار فيكون اختيارنا صواب فنأكد على اختيارنا أو نختار فيكون اختيارنا خطأ فنصوب أخطائنا، يندرج تحت هذا المفهوم كل من شارك فى العملية الانتخابية "الديمقراطية" مهما كنا ومهما كان توجهنا وبالفعل اعترف بعض الأطراف بهذا مثل القضاة الذى كان اعترافهم بالأخطاء التى ارتكبت فى المرحلة الأولى من الانتخابات تأكيد على الديمقراطية وعلى أننا نتعلم.
أخيراً يجب أن يعرف من سيحصل على النصيب الأكبر فى هذا الانتخابات، أنتم لستم بصدد فوز وانتصار ولكن أنتم بصدد اختبار وأن نعلم أنه لن يرحم هذا الشعب الطيب من يتلاعب به مرة أخرى ولو كان ممن يحملون لواء الإسلام.
