جمال دربك

حوار مع صديقى السلفى

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011 09:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم كل حالة الصراع المفتعلة على الساحة السياسية فى مصر مؤخرا بين الأحزاب والجماعات السياسية، التى تحمل شعارات دينية، وبين التيارات والأحزاب الليبرالية، إلا أنه لم يظهر فى كل ما يساق على لسان ذوى الشعارات الدينية وأدبياتهم ما يشير إلى فهم حقيقى لأى مفهوم سياسى أو فكرى آخر على الساحة، حتى ما يحاولون ليل نهار تفنيده لأتباعهم أو تشويهه أو نقضه أو معارضته.

ويظهر ذلك جليا من خلال ترديدهم جميعًا، أتباعا ومتبوعين، لنفس الجمل القشرية، والمعلومات المغلوطة والمجتزأة، التى تؤكد عدم رغبة منهم فى الفهم، بل التفتيش فى الأسطر والسياقات من أجل اصطياد وانتقاء واجتزاء جملة أو تعبير يفيدهم فى هجومهم، وليس بحثا عن الحقيقة أو طلبا صادقًا للفهم أو المعرفة، وشتان ما بين الحالتين.
فالأحزاب السياسية ذات الشعارات الدينية، وخاصة السلفية، لم تثبت جدية فى خلق حالة من الحوار أو التفاهم أو المواءمة بينها وبين التيارات الأخرى من أجل إيجاد حالة حضارية حقيقية تفيد الوطن فى بناء مستقبله، على أساس تكافؤ الفرص والمواطنة والمساواة وتداول السلطة وحرية الفرد وكرامته، وهى القيم الغائبة فى أدبيات تلك الجماعات، ومن ثم أفكارها، التى تقوم على إقصاء الآخر وعدم الاعتراف به، وعدم قبول أى فكر مختلف أو مخالف أو جديد أو حديث أو وافد أو مستحدث مهما كانت عبقريته ومهما كانت فائدته، وبالتالى لا توجد فى أدبياتهم ما يشير إلى قبول مبدأ تداول السلطة أصلا مع تيارات أخرى يرونها غير مسلمة من الأساس، بل على العكس، فهم يرفضون ذلك ومستعدون لـ"الجهاد" من أجله، وغالب الأمر أن تلك الجماعات غير معنية أصلا بتلك الحوارات، ولا المقاربات مع التيارات الأخرى، حيث ما يعنيهم هو فقط تثبيت أتباعهم فى صفوفهم، واكتساب أتباع جدد من خلال إشاعة نفس المقولات المغلوطة حول الأفكار الليبرالية المنحلة، والأفكار العلمانية الكافرة، عن طريق غرس مفاهيم لدى الأميين والعوام وأنصاف وأرباع المثقفين، وهم أغلبية الأتباع، بأن تلك الأفكار هى كفرية وانحلالية، تسعى لتهتك المجتمع وفجوره، ولا يجب عليهم مجرد الاقتراب منها أو التعرف عليها حتى لا تفتنهم فى دينهم ودنياهم حسب رؤيتهم.

هذا ما يمكن الخروج به باختصار وبساطة من أى حوار يمكن أن يدور مع أى من السلفيين الجدد مع تنوع مشاربهم وأفكارهم ومنطلقاتهم وأهدافهم، ومن خلال متابعة ما يقولونه عبر أدبياتهم ومواقعهم الإلكترونية وقنواتهم الفضائية العديدة.. فعندما تسأل أحدهم عن سبب رفضه لليبرالية تجده يقول إن الليبراليين ينادون بالزواج المثلى والشذوذ، ويبيحون الزنا والخمر، بل إن أحدهم قال لى إن الليبرالية أباحت الزواج المدنى، وسمحت لأخ أن يتزوج أخته فى لبنان (!).
وعندما سألت صديقى السلفى عن مصادر معرفته بتلك المعلومات عن الليبرالية، فأحالنى إلى كل ما قاله شيوخهم، دون إشارة واحدة إلى أى مصدر آخر.

وحتى عندما انبرت أصوات فى الآونة الأخيرة لا يمكن وصفها إلا بالمسيئة للإسلام، تحمل آراءً جاهلة فى الأدب، وراح يرددها العديد من أتباع التيار السلفى ويدافعون عنها، سألت صديقى المنتمى لهم عن قراءاته الأدبية التى جعلته وتياره يتخذون هذا الموقف من أدباء مبدعين، كنجيب محفوظ على سبيل المثال، فأحالنى مرة أخرى إلى أقوال شيوخه، حيث لم يقرأ بنفسه أيا من أعمال الأديب المذكور ولا غيره، بل إنه من الواضح أيضا أن شيخه لم يقرأ هو الآخر أيا منها، بل اعتمد على قول لشيخ سبقه، وهكذا تقتفى تلك الجماعة نفسها، دون أن تحاول الإدراك الحقيقى بذاتها، خوفا من الافتتان حسبما يرون، حيث إن غالبية هؤلاء يدرأون "الفتنة" عن عقولهم بإغلاقها أو الإغلاق عليها، واكتفاء حتى أكثرهم ثقافة بالقراءة حول الموضوع من وجهة نظر شيوخه، وليس عبر المعرفة من مصادرها الطبيعية.. ولم ينتبه أحد من هؤلاء إلى أنهم بذلك يجسدون ما جاء به الرسام البلجيكى الكبير "بيتر بروجيل" فى لوحته الشهيرة "العميان"، التى رسمها فى أواسط القرن السادس عشر، وتصف طابورا من العميان يتساقطون بالتتابع فى هاوية خلف قائدهم الأعمى، حيث من المؤكد أيضا حسب فكرهم أن الرسم حرام، وأنه من المحتمل أن يفتتن أحدهم باللوحة فيعبد من فيها، أو يعبد صاحبها (!).

وعلى الرغم أن التيارات السلفية تعتقد أنها الفرقة الوحيدة الناجية فى الإسلام، وأنهم من يعبدون الله وحدهم بالحق، بينما بقية الناس فى ضلال مبين، إلا أنه قد فاتهم أن يعظّموا قيمة الإسلام كدين سماوى عظيم، ولا يبتذلونه - كدين لله جلَّ وعلا- ويضعونه فى منافسة لأفكار واجتهادات بشرية لا تناقضه فى مجملها، ولكنها تستقى من روحه -التى لا يدركونها- الكثير من مبادئها، ليبدو كثير من شيوخ السلفية الجدد وكأنهم يزايدون على ما جاء فى كتابه عز وجل، الذى كفل بنصوص واضحة حرية الفكر والاعتقاد، بينما يمنعونها هم، ودعا إلى الحكمة والموعظة الحسنة فى الدعوة إلى الله، ورفض الفظاظة وغلاظة القلب واللسان، حتى لا ينفر الناس من الدين، بينما لا يتورعون هم فى إرهاب معارضيهم وسبهم والدعوة عليهم والتعريض بهم، بل والافتراء أيضا، على الرغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس المسلم بلعَّانٍ ولا طعَّانٍ ولا فاحشٍ ولا بذىء".

كما أنهم مأمورون كمسلمين بالعلم والمعرفة والوعى والاستنارة، وليس الانغلاق والأحادية ورفض الآخر.. فإذا كانوا يرفضون كل شىء جاء به غيرهم، فكان حريّا بهم أن يفعلوا كما فعل السلف الصالح، ويرونا إسهاماتهم المنيرة فى الدين والحياة.






مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

د/احمد نادر

كبيييييير ياحج دربكه

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

على فكرة إنت من شاكلة إسلام بحيري، ده اتظبت تظبيط، التعليقات هرته، زمانه بيعيط

عدد الردود 0

بواسطة:

سلفي ليبرالي

صح صح صح

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

يا ريت تفهمنا انت

عدد الردود 0

بواسطة:

د.احمد سعيد

ربنا يهديك انت واللى زيك

عدد الردود 0

بواسطة:

مهندس محمد عبدالمجيد

نجيب محفوظ مرة

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

دربك دربكت الدنيا خالص

عدد الردود 0

بواسطة:

ابوعمر

عجب

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود

اتقي الله

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

تهنئه اولا للاسلوب المشرف ذو المستوي الاذبي الراقي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة