«الدستور أم الانتخابات أولاً؟» سؤال احتلّ المشهد السياسى المصرى لأسابيع وأشهر. كان أحد أكثر المواضيع بحثاً ونقاشاً على الشاشات وفى الشارع وفى البيوت. أيّاً من الاثنين يأتى أولاً؟ كان ما رأت فيه الأحزاب والقوى الإسلامية مصلحة (خاصة أو عامة؟ – ليس هذا موضوعنا): الانتخابات أولاً.
وفيما كانت نتيجة الجزء الأول من المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب معروفة ملامحها، خرج حزب الحرية والعدالة ليطالب بنظام برلمانى، يختار فيه مجلس الشعب رئيس الحكومة. ساعات ربما بعد هذا التصريح، طلّ اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليقول إن النظام فى مصر، وفق الإعلان الدستورى (الذى سُنّ بسبب تأييد الإسلاميين له!)، نظام رئاسى لا برلمانى. ليس من حق مجلس الشعب إذاً أن يختار رئيس الحكومة.
«لقد وقعنا فى الفخ..» جملة لا شك رددها الإسلاميون. جيّشوا الناس لصالح التعديلات الدستورية، حضّروا للانتخابات تحضيراً ضخماً، وظّفوا كل طاقاتهم المادية والمعنوية، أقنعوا البسيط بأن فى التصويت لصالحهم ثواب له، بل ذهبوا أحياناً لأكثر من ذلك ليقنعوه بأن تأييدهم واجب شرعى وبأن التصويت لغيرهم حرام. كل هذا الآن بلا قيمة فى ظل نظام رئاسى لا يتمتع فيه مجلس الشعب بصلاحيات مهمة.
«الدستور أم الانتخابات أولاً؟» سؤال تجب إعادة طرحه الآن. ليست الانتخابات البرلمانية موضوع السؤال الآن، بل الانتخابات الرئاسية. ممنوع الآن الوقوع فى الخطأ نفسه. الدستور قبل الانتخابات الرئاسية ضرورة قسوة. كيف يترشح "المرشحون المحتملون" الآن دون أن يعرفوا ما هى الصلاحيات التى سوف تكون فى يدهم بعد سنة من انتخابهم؟ هل يعقل أن يأتى رئيس لدولة نظامها رئاسى، يملك فيها صلاحيات واسعة، فيصبح بعد أشهر على انتخابه رئيساً لدولة نظامها برلمانى، يكون فيها منصب رئيس الجمهورية منصباً شرفياً، أي، لنكون أكثر وضوحاً، يكون فيها الرئيس ديكوراً؟ هل يعقل هذا؟!
يقول الدكتور محمد البرادعى فى حديث له للشروق إنه ليس فى الإعلان الدستورى مواد «تعالج إعلان الحروب، أو وفاة رئيس الجمهورية أو مواجهة كوارث طبيعية». أيعقل أن يُنتخب رئيس فى وضع كهذا؟!
الدولة التى لا تتعلم من أخطائها لن تنهض أبداً.
الدستور أوّلاً.
كريم التقى يكتب: الدستور أولاً.. انتخابات الرئاسة ثانياً
الأحد، 11 ديسمبر 2011 10:56 ص