تحت عنوان حلفاء الولايات المتحدة على خلاف، تحدث جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، حول التغيرات التى أحدثها الربيع العربى فى السياسات الخارجية لأهم ثلاثة حلفاء لواشنطن بالشرق الأوسط.
ويشير ألترمان فى تقريره إلى أن حلفاء واشنطن الثلاثة مصر وإسرائيل وتركيا باتوا بصورة متزايدة على طرفى النقيض، لذا فإنه من المرجح أن يزداد الأمر سوءا قبل أن يتحسن رغم جهود الولايات المتحدة على مدى عقود فى وضع رعاية العلاقات بين الثلاثة كأولوية لديها.
ويقول إنه ما أن بدأت الحكومات العربية وإسرائيل فى تسوية الأمور بينهما حتى أتى خريف مبارك وجلب معه قيادة مصرية عسكرية مضطربة غيرت جذريا من الحسابات الإستراتيجية لتل أبيب.
ففى حين كثيراً ما اشتكت إسرائيل من السلام البارد على الحدود الجنوبية، كانت القيادة المصرية والإسرائيلة قد توصلا فى الماضى إلى تفاهمات أساسية على المصالح المشتركة بدءاً من التعاون الأمنى والاستخباراتى، وصولا إلى السياحة والتجارة والطاقة، ومنذ تولى الجيش المصرى قيادة البلاد فإن القادة العسكريين حالوا دون وقوع أى تحديات خطيرة لهذه الترتيبات.
ويؤكد ألترمان أن التغيير السياسى فى مصر يضع كل ما مضى فى موضع تساءل. فالإنتصارات الإنتخابية التى حققتها الأحزاب الإسلامية التى لا تشعر بالفضل للولايات المتحدة ولا ترى مصالح مشتركة مع إسرائيل، تمثل تحديا أساسيا للفقه الأمنى الإسرائيلى.
ويرى أنه بينما لايزال من غير الواضح مدى التأثير الذى سيحتفظ به الجيش المصرى داخليا فإن هذا يلقى بظلال من الشك على قنوات التأثير المستقبلية لإسرائيل.
وها قد تدهورت العلاقات الإسرائيلية التركية على إثر الغارة التى شنتها قوات الكوماندوز الإسرائيلية على أسطول الحرية وسفينة مافى مرمرة فى مايو 2010، مما أسفر عن مقتل 8 أترك، وكما هو الوضع فى مصر فلقد بدأت تركيا فى التحول نحو مزيد من السياسية الإسلامية وإلى حد ما تهميش القوات المسلحة ذات الميول العلمانية.
وتبقى إحتياطات الغاز الطبيعى الكبيرة الموجودة حول قبرص، المصدر المحتمل للإحتكاك فى المستقبل بين البلدين، إذ ترى إسرائيل أنها مهمة لأمن الطاقة والنمو الاقتصادى، ولدى تركيا حسابات خاصة حول هذا الغاز وترى أن سعى إسرائيل نحوه يمثل تهديدا لموقفها باعتبارها البديل الوحيد لروسيا فى توريد الغاز لأوروبا.
وفيما يتفائل المسئولون الأتراك بالتغيرات الجارية فى العالم العربى ويرون أن الحكومات الجديدة قد تتحول للصداقة مع تركيا وتساعدها على تأمين التفوذ والتجارة فى المنطقة، فعلى النقيض ترى إسرائيل الإسلاميين بإعتبارهم خطر داهم ولا تتطلع فقط لإعادة التفاوض حول العديد من الإتفاقات مع الدول المجاور، ولكن أيضا تسعى للتأكيد على الردع.
غير أن سقوط الرئيس السورى بشار الأسد قد يسفر عن وصول حكومة إسلامية موالية لتركيا وأكثر عداء لإيران، ورغم أن هذا يمثل أخبارا سارة للولايات المتحدة وأوروبا وجزء كبير من العالم العربى، إلا أنه يعنى بالنسبة لإسرائيل تطويقها بحكومات يقودها الإخوان المسلمون.
ويرى ألترمان فى تقريره أن قلق واشنطن تجاه مصر لم يصل بعد لمستوى الحذر. فيبدو أن إدارة أوباما تتقبل حقيقة أن مزيد من الديمقراطية السياسية فى الشرق الأوسط تعنى مزيد من المشاركة الإسلامية.
ويضيف أن واشنطن لا تتشارك مع تل أبيب فى مخاوفها إزاء العلاقات مع تركيا، إذ نمت العلاقات الأمريكية التركية تحت حكم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وقد يرجع ذلك إلى دور تركيا المتنامى الذى يجعلها لاعبا أكثر أهمية فى حسابات الأمن لدى واشنطن.
ويختم تقرير المعهد الأمريكى البارز مستبعداً أن تؤدى هذه التغييرات إلى حربا شاملة بالمنطقة، ولكنه يتوقع أن تؤدى مزيد من العزلة الإسرئيلية إلى الحروب المحدودة ضد قوات غير نظامية مثلما فعلت فى لبنان عام 2006 وغزة فى 2008، فتكرار الحروب المحدودة من شأنه أن يسفر عن مزيد من العزلة لإسرائيل، وبالتالى ستتجه الدولة اليهودية إلى التأكيد على الردع، وفى مثل هذه الحالة فإن مصر وتركيا لن يقفا على الحياد الذى اتبعوه فى 2006 و2008، وهكذا تستمر الدوامة.
وعموما لم يكن من السهل على الولايات المتحدة إدارة علاقاتها فى بحر الشرق الأوسط، فإنها قادمة على ما هو أصعب كثيراً.
تقرير يربط بين ما سيحتفظ به الجيش المصرى من دور سياسى ونفوذ إسرائيل فى المنطقة
الأحد، 11 ديسمبر 2011 01:32 م