حلمى النمنم

11/12/1911 - 11/12/2011

الأحد، 11 ديسمبر 2011 03:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل محاولة اغتيال نجيب محفوظ بيوم، كنت أجرى حواراً معه بمكتبه فى «الأهرام»، كنت قد اكتشفت اعتداء ناشر أعمال إحسان عبدالقدوس «مكتبة مصر» على نصوص روايات إحسان بالحذف والإضافة وإعادة الصياغة لتبدو أعمال إحسان متماشية مع المفاهيم السلفية فى العلاقة بين الرجل والمرأة وقضايا الحريات الاجتماعية عموما، وساورنى شك أن تكون نفس العقلية امتدت إلى أعمال نجيب محفوظ خصوصا أنه يتعامل مع دار النشر نفسها..

وراجعت بعضها، فوجدت عدة تدخلات، صحيح أنها لا ترقى إلى التشويه الذى حدث فى أعمال إحسان، ويمكن احتسابها أخطاء مطبعية وأخطاء مراجعة، فهناك كلمات تطايرت وأخرى جرى تعديلها، خاصة فى روايته المهمة «بداية ونهاية»، لكن وجدت أن الأمر يستحق نقاشا مع نجيب محفوظ، ولذا ذهبت إليه.

فى أول اللقاء بدا متوترا مما يحدث، ثم تحول الأمر إلى ما يشبه الضحك، وأطلق عدة نكات تحدانى أن أكتبها، حول ما تم فى أعمال إحسان، ثم اعتدل، وقال لى: بالنسبة لى لست قلقا على أعمالى، فهى مترجمة إلى أكثر من لغة، وإذا تم تشويه عمل لى فإن القارئ، المدقق والباحث يمكن أن يعود إلى النسخة المترجمة، ضايقنى يومها ذلك التصور من صاحب نوبل الأدب العربى، وعددته مسالما أكثر مما ينبغى، وبعد 24 ساعة جرت محاولة الاغتيال أمام بيته.

تذكرت هذا المشهد وكلام محفوظ بعد إعلان أحد شيوخ السلفية أن كتب وأعمال محفوظ تنطوى على الكفر وتدعو إلى الدعارة.. هكذا بكل سهولة.. وطبقا لهذا التصور، فالمفترض والمتوقع أن تترتب نتائج على إعلان الشيخ أهونها أن تمنع الأعمال التى تثير الكفر والدعارة أو أن تحرق وتعدم وأن يمنع الشباب والمواطنون من قراءتها، وربما يتم تحريم قراءتها ومعاقبة من يضبط بقراءتها أو اقتناء أى منها.

محاولة اغتيال محفوظ جرت بعد آراء وفتاوى من هذا النوع، قيلت حول روايته «أولاد حارتنا» خاصة بعد أن نال محفوظ جائزة نوبل فى الآداب سنة 1988، ويتصور البعض أنه نالها بسببها وحدها، أهمها كتاب للدكتور عمر عبدالرحمن وكتاب للشيخ عبدالحميد كشك..

لكن نجيب محفوظ بشخصه لم يعد موجودا بيننا، ومن ثم لا خطر عليه، أعماله ونصوصه هى التى بين أيدينا، وتجارب التاريخ تعلمنا أن النص الأدبى أبقى وأنه عصى على المنع وعلى المصادرة والإحراق، منعت كتب ابن رشد وأحرقت فى فترة، لكنها تجاوزت المنع والإحراق، وبقيت وثيقة وشهادة ضد المنع والإحراق.. وإذا كان ذلك بالنسبة لابن رشد فى زمن لم تكن فيه طباعة ولا نشر عام، فضلا على الوسائط المعلوماتية الحديثة، فما بالنا بنصوص أدبية معاصرة.

اضطهاد النص المكتوب يزيد تألقا وتوهجا ويعطيه حياة خاصة، معنى الاضطهاد والرفض ومحاولة المنع أن النص حى وفاعل بين القراء وفى الثقافة العامة، النصوص والأعمال الميتة لا تجد من يلتفت إليها، ولا من يتوقف عندها مدحا أو قدحا.. قبولا أو رفضا.

أهمية هذه الهجمة على أعمال وأدب نجيب محفوظ أنها تذكرنا بأهمية هذا الرجل وقيمة إبداعاته، خاصة أن اليوم يواكب عيد ميلاد محفوظ، وهو عيد ميلاده المئوى، الذى يجب أن نحتفى به ونحتفل بأعماله.

ظلت رواية «أولاد حارتنا» تحارب وتمنع قرابة نصف قرن، وفى النهاية انتصر العمل الأدبى وتغلب على كل من أراد حجبه ومنعه، ولعل هذا ما جعل محفوظ يموت مطمئنا إلى أن أعماله ونصوصه عصية على المنع وعلى المصادرة وعصية أيضا على التشويه.
ترك محفوظ أعماله لنا، نتحمل مسؤوليتها وندافع عنها، أقصد ندافع عن حريتنا وعن حقنا فى القراءة واختيار الأعمال التى نقرأها، القراءة فعل ديمقراطى، ولا يجوز لأحد أن يقرر لنا ماذا نقرأ وماذا لا نقرأ!

أعمال محفوظ سوف تبقى شأن النصوص الكبرى فى التاريخ تجد من يعترض ومن يرفض ومن يندد بها، التحدى الحقيقى أمامنا نحن، قراء ومحبى أعمال نجيب محفوظ.. هل ندافع عن حريتنا أم نقبل الوصاية على عقولنا وعلى ذائقتنا؟!





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد جمال

فين 1911

نعم !؟

عدد الردود 0

بواسطة:

peter

ظلت رواية «أولاد حارتنا» تحارب وتمنع قرابة نصف قرن

عدد الردود 0

بواسطة:

سيدة من مصر

عقبال مليون سنة

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري نفسه يفهم حاجة

ولا يجوز لأحد أن يقرر لنا ماذا نقرأ وماذا لا نقرأ!

عدد الردود 0

بواسطة:

hade

13/13/2012 و 14/14/2414

ناس بتهيس

عدد الردود 0

بواسطة:

Ihab Habib

ظلت رواية «أولاد حارتنا» تحارب وتمنع قرابة نصف قرن

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد

إلى رقم 6

عدد الردود 0

بواسطة:

فارس العرب

مات من أمات جبلاوى ... فسبحان الواحد القهار

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى مسلم

منع النشر فى مصلحته

عدد الردود 0

بواسطة:

شريف انور

عم تتكلمون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة