د. رضا عبد السلام

ما بين الجمهوريتين الثانية والأولى...هل يتحقق الحلم؟!

السبت، 10 ديسمبر 2011 10:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يمكننا القول:إن مصر بعد ثورة 25 يناير على أبواب بناء الجمهورية المصرية الثانية، وذلك بعد الجمهورية المصرية الأولى، التى وُلِدت بعد ثورة 23 يوليو 1952م، وذلك إذا اعتبرناها تجاوزاً ثورة وليس انقلاباً عسكرياً (بحسب رأى البعض) حظى بالمساندة الشعبية.

لقد حلم المصريون كثيراً بعد ثورة 23 يوليو، فهل تحققت أحلامهم؟ هاهو التاريخ يعيد نفسه، وتشهد مصر ثورة حقيقية تحظى بحماية الجيش، فهل تتحقق أحلام المصريين، ببناء بلد ديمقراطى يشق طريقه نحو التقدم؟، أم أن شرارة الثورة ووهجها سينطفئ بمرور الوقت، ونعود لنكرر التاريخ من جديد؟.

ففى ظل الجمهورية الأولى، ورث النظام السياسى (الضباط الأحرار) بلداً يغرق فى التفاوت الطبقى والفقر والأمية، ولكن كانت هناك حالات استثنائية من الرقى والتقدم، جسدته الطبقات الغنية آنذاك، وجسده الفن والأدب والثقافة، فأنجبت مصر كبار الشعراء والأدباء والكتاب والعلماء والمطربين، أليس كذلك؟.

الذى حدث هو أن المصريين اعتقدوا بعد ثورة 23 يوليو أن يوم خلاصهم من الاستبداد والفقر قد حل، ولكن شيئاً فشيئاً، ورغم النجاحات التى حققتها مصر خلال العقد الأول والنصف الأول من العقد الثانى (أى خلال الفترة من 1952 وحتى 1965م تقريباً)، إلا أنها ما لبثت أن دخلت فى دوامة جديدة، أعادت البلاد إلى نقطة الصفر، حتى دخلت فى العهد المبارك الذى دام لثلاثة عقود، والذى قضى على الأخضر واليابس!!

فإذا كانت ثورة 23 يوليو قد ورِثت شيئاً من الرقى (رغم سيادة الفقر والتفاوت الطبقى) جسده تفوق الأدب والثقافة والفكر والعلم فى مصر، فإن ثورة 25 يناير ورِثت بلداً مهلهلاً وكماً مهملاً بين الأمم.

لا يستطيع مخلص لهذا البلد أن يدعى تقدماً حقيقياً، بعد أن هوت إلى أعماق سحيقة فى مختلف الميادين.

فعلى المستوى العلمى والتعليمى والثقافى والفنى حدث ولا حرج!! وعلى المستوى الاجتماعى والتفاوت الطبقى والجهل والفقر أيضاً حدث ولا حرج، أما على المستوى السياسى والإنسانى والقيمى فأيضاً حدث ولا حرج!!.

ما يمكننا قوله:إن مصر خلال الجمهورية الأولى خضعت لحكم العسكر، حيث تناوب على رئاستها رؤساء عسكريون، حقق بعضهم بعض النجاحات خلال السنوات الأولى من عمرة ثورة 23 يوليو، فهل سيختلف حال هذا البلد خلال الجمهورية الثانية، أم أن التاريخ سيعيد نفسه؟.

واضح تماماً من خلال مؤشرات الجولة الأولى من الانتخابات أن الجمهورية المصرية الثانية، والتى ولدت بعد ثورة 25 يناير، سيتبوأ عرشها الإسلاميون!!، نعم ستكون الأغلبية البرلمانية، ومن ثم الكلمة الأولى فى إدارة شئون البلاد، بيد جماعتى الإخوان المسلمين (حزب الحرية والعدالة) والجماعة السلفية (حزب النور).

ولا يمكن لأحد أن يرفض تلك النتائج، لأنها تعبر عن إرادة الشارع، حتى ولو اختلفنا بشأن ثقافة ووعى الشارع المصرى الذى قادنا إلى هذه النتيجة، فهذه هى الديمقراطية التى ارتضينا حكمها.

نعم... ستكون الكلمة الأولى فى الجمهورية المصرية الثانية للجماعات الدينية، وهى بالتالى أمام اختبار صعب للغاية، ربما تكون الصعوبة أكبر أمام الجبهة السلفية التى لم نعرف لها تاريخاً فى العمل السياسى، ولكن الأمر لن يكون بذات المستوى من الصعوبة بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، صاحبة التاريخ الطويل فى الكفاح والعمل السياسى.

فهل يحقق الإسلاميون، وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين التى نعول عليها كثيراً، طموحات شعب مصر بأن تنطلق الجمهورية الثانية على أيديهم نحو آفاق أرحب؟ هل يحقق الإسلاميون طموحاتنا الرامية إلى وضعنا فى عداد الدول المتقدمة؟ أم أن الصراع بين التيارات الدينية، وتحديداً بين الإخوان والسلفيين من جهة، وبين تلك التيارات والتيارات العلمانية من جهة أخرى سيقوض تلك الأحلام؟ وسنصل إلى ذات المحطة التى وصلنا إليها قبل 25 يناير.

أتمنى أن تجسد التيارات الدينية طموحات شعب مصر، بل وطموحات باقى الشعوب العربية، لأن نجاح التجربة الإسلامية المصرية سيترك أثره على باقى الدول العربية، بل وعلى العالم أجمع.

أتمنى أن تجسد التيارات الدينية وسطية واعتدال وجمال الدين الإسلامى العظيم، ولا أعتقد أن جماعة الإخوان بعيدة عن تلك الرؤية المعتدلة والراقية للإسلام.

أتمنى أن يتم الإعداد من الآن للتنسيق فيما بين جماعة الإخوان وهى صاحبة الأغلبية وبين الجماعة السلفية وبين التيارات المدنية، بحيث تكون مصر ومستقبلها وطموحات شعبها نصب أعين الجميع، اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة