سعد هجرس

معايدة لـ«غوغاء» مصر من «سادة» الخليج!

الأربعاء، 09 نوفمبر 2011 05:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يذهب التعصب بكاتب هذه السطور إلى حد «تقديس» كل ما هو مصرى، أو اعتبار المصريين شعباً من الملائكة، لأنهم أولاً وأخيراً بشر، لهم محاسنهم مثلما لهم مساوئهم ونقاط قوتهم مثلما لهم من نقاط ضعف وسلبيات، لها أسبابها وجذورها التاريخية والاجتماعية.
وبالمقابل.. لا ينتمى حامل هذا القلم إلى مدرسة تنظر إلى البلدان العربية، سواء كانوا من «عرب النفط» أو «عرب الماء»، نظرة «دونية» أو نظرة «استعلائية»، ناهيك عن «تعميم» الصفات الإيجابية أو السلبية على هذا البلد العربى أو ذاك.
بهذا المنهج الذى يحرص على عدم الانزلاق إلى مستنقع الشوفينية والتعصب، قرأنا مؤخراً عدداً ليس قليلاً من «الأدبيات» العربية، وبالذات الخليجية، التى تسعى إلى تسميم الآبار، والإساءة إلى الثورة المصرية والنخبة الثقافية والإعلامية المصرية.
من هؤلاء - على سبيل المثال - الزميل الأستاذ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ، الذى شاء أن يهنئنا - على طريقته - بعيد الأضحى المبارك على صفحات جريدة «الجزيرة» السعودية فى عددها الصادر يوم الأحد الماضى، أى أول أيام العيد، وتحت عنوان مفعم بالعداء هو «الكتاب الغوغاء»، كتب مقالا لا هم له سوى تسفيه ثورة 25 يناير قائلا: «يعتقد كثير من غوغاء المصريين أنهم بإسقاطهم لمبارك حققوا المعجزة، وبالتالى أصبحوا تلقائيا دولة عظمى، أو يكادون».
وأنتقل من هذه المقدمة المتهافتة والمليئة بالمغالطات إلى اتهام «مجموعة من الكتاب المصريين» الذين «يشنون هذه الأيام حملات لا تنتهى على المملكة، وكذلك على دول الخليج، وكأن وضعهم المزرى فى زمن مبارك وفى العهود التى قبله، نحن المسؤولون عنه».
وبعد أن اعتبر هذا الاتهام حقيقة مسلما بها تساءل عن سببه، مقرراً أن «السبب هو أن هناك مجموعة من السياسيين والإعلاميين تحاول البحث عن شعبيتها من خلال الرعاع.. وهناك مجموعة أخرى يظنون أنهم إذا شنوا علينا الحملات الإعلامية وأساؤوا إلينا سنهب عاجلين إلى تطييب خواطرهم، فبعضنا - للأسف - يتعامل مع هؤلاء المرتزقة بمنطق «إذا صفعك أحد على خدك الأيسر فأدر له جيبك الأيمن».
هذا الاتهام لـ«مجموعة» من كتاب مصر بالابتزاز والارتزاق يشمل كاتباً كبيراً بقيمة وقامة محمد حسنين هيكل الذى أشار إليه الكاتب السعودى تلميحاً أقرب إلى التصريح.
وبعد هذا السب والقذف ينتهى «الزميل» السعودى إلى القول المملوء بالغطرسة: «إننا الآن نملك من وسائل الإعلام المؤثرة ما يجعلهم هم - أى المصريون - فى حاجتنا وليس العكس».
هذا النوعية من الكتابات لا ينبغى الرد عليها بالمثل، فالنار لا تطفئها النار، والقوة الناعمة المصرية الكبيرة لا يجب أن تضع رأسها على نفس مستوى مثل هذه الرؤوس المتعصبة وضيقة الأفق، ومصر بتاريخها وسجلها الحضارى العريق.. ثم بثورتها المدهشة التى لا مثيل لها فى التاريخ، أكبر من مثل هذه المهارات السخيفة.
فليست هناك فى «مصر الثورة» حملة كراهية ضد السعودية أو دول الخليج، هذه أكذوبة لا أساس لها، وكل ما هناك توجد انتقادات محددة لممارسات وسياسيات سعودية وخليجية، كان نظام حسنى مبارك يبتلعها، لكن هذا لا يجعل قبولها «حقا مكتسباً» بعد التحرير من نظام تحالف الفساد والاستبداد.
نعم.. هناك انتقادات شعبية لاحتضان دول الخليج للطغاة الذين ثارت شعوبهم عليهم، وانتقادات لإساءة معاملة آلاف من المعتمرين المصريين، وتركهم فى المطارات السعودية لأيام فى ظروف غير آدمية، وانتقادات محددة لقيام جهات خليجية بتمويل جماعات مصرية معينة بملايين الدولارت قبل أن تمر عشرة أيام على خلع الديكتاتور مبارك وتمويل أنشطة الثورة المضادة، فهل هذه الانتقادات المحددة حملة «ابتزاز» يشنها «غوغاء» من بينهم محمد حسنين هيكل؟
أما الحديث عن «الوضع المزرى» فى زمن مبارك وفى العهود التى قبله فإنما يتجاهل أمرين:
الأول هو أن أنظمة الحكم الخليجية كانت الحليف الأهم لنظام مبارك، رغم الجرائم التى قام بها فى حق الشعب المصرى والشعوب العربية.. وبالتالى فإنها لا تستطيع أن تتنصل من مسؤولية دعمه اليوم.
والثانى هو أن الحديث عن «وضع مزرى» طعن فى العهود السابقة لزمن مبارك، يتناسى أن مصر كانت تقدم المساعدة والمعونة لكل تلك الممالك والإمارات الصحراوية وتعلمها القراءة والكتابة وتبنى لها المدارس والمحاكم، وتشق لها الطرق، وكان المدرس المصرى والمهندس المصرى والقاضى المصرى والصحفى المصرى والكتاب المصرى والمساعدات المالية والتقنية المصرية هى التى نقلت هذه البلدان الغارقة فى الرمال من البداوة إلى مشارف التحضر.
وكل عام والعرب بخير.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة