عام 1997، وقع حادث الدير البحرى فى معبد حتشبسوت بالأقصر، وكان العادلى وقتها رئيسا لأعتى الأجهزة الأمنية فى مصر، وهو جهاز أمن الدولة، وكان أبرز مهام هذا الجهاز، حماية جبهة الوطن الداخلية، من الإرهاب، لكن جثث السائحين التى تم التمثيل بها، فى ساحة قدس الأقداس بالمعبد، كانت قربانا قدمه العادلى، للإطاحة برئيسه آنذاك حسن الألفى، ليتولى العادلى منصب الوزارة، وكما كانت هذه البداية، جاءت النهاية دموية أيضا، بعدما خرج المصريون فى عيد الشرطة، للمطالبة بإقالته، وخرج ضباطه حانقين على إفساد عيدهم، متوعدين المتظاهرين السلميين، بالرد، محملين بتكليفات سفك الدماء، مدججين لأداء هذه المهمة بأعتى وأحدث المعدات، فكانت نهاية العادلى، وبداية عصر الثورة.
عادت عبارة «الشرطة فى خدمة الشعب» فى عهد محمود وجدى وزير الداخلية الذى جاء بتكليف حسنى مبارك الرئيس المخلوع، على لافتات الأقسام، وإن لم تعد فعليا إلى الأرض، ولم يمض شهر، حتى كانت وزارة شفيق تسقط، لتتشكل أول وزارة للثورة فعليا من الميدان، أو هكذا اعتقد الكثيرون، واستبشر المصريون بوزير داخليتها منصور العيسوى، الذى تداول الكثيرون أنباء عن خلاف بينه وبين مسؤول فى قصر الرئاسة، كان سببا لمغادرته منصبه محافظا لمحافظة المنيا، وكان قبلها مسؤولا فى وزارة الداخلية..
نرصد هنا عددا من المشاهد شكلت معا حبات عقد وزارة الداخلية الذى كبل المصريين طوال الشهور السبعة الماضية، وخنقهم، وجعلهم ينفجرون مرة أخرى مطالبين بتطهير الداخلية، وإقالة وزيرها، كان آخر هذه المشاهد، مقتل شابين مصريين فى يوم واحد على يد جهاز الشرطة، هما معتز أنور شهيد الشيخ زايد، وعصام عطا الله الذى لقى حتفه فى سجن طرة، ولم تزل التحقيقات دائرة للتيقن من أسباب وفاته.. وأول هذه المشاهد هو:
تعيين وزير بعيد عن العمل الشرطى أكثر من 15 عاما
جاء منصور العيسوى وزيرا للداخلية يوم الأحد السادس من مارس فى وزارة عصام شرف، وكان آخر منصب شغله هو محافظ المنيا بتاريخ 16 يناير 1995، فيما كان آخر منصب شغله فى العمل الشرطى بوزارة الداخلية، هو منصب مساعد أول الوزير للأمن الذى تولاه فى 29 أكتوبر 1995، حسبما تقول صفحته على موقع وزارة الداخلية، مما يشير إلى أن الرجل جاء للعمل الشرطى، بعدما تركه منذ أكثر من 15 عاما، بمعيار واحد هو خلاف ما مع موظف كبير برئاسة الجمهورية فى العهد البائد جعله يغادر محافظة المنيا إلى المعاش بقرار من حسنى مبارك عام 1997، واستبشر المصريون بقدومه خيرا فى الشهور الأولى لمجيئه، لكن سرعان ما بدأت الحوادث تدك مصر، معلنة عن فك الفلتان الأمنى المفترس، ليكتشف المصريون خوار قوى العيسوى، وعجزه عن نشر الأمن فى ربوع مصر، رغم سلسلة الإجراءات التى اتخذها بحل جهاز أمن الدولة صوريا، وإنشاء ما يسمى بالأمن الوطنى، وسرعان ما انحاز العيسوى لصف ضباطه المتهمين بقتل الثوار، بعدما قرر عدم إبعادهم عن مناصبهم، رغم إدانتهم فى تهم إطلاق النيران على المتظاهرين، فكانت قيادات الأمن تدخل الأقفاص، أثناء نظر القضايا، ثم يعودون لمكاتبهم بعد ذلك، وعلى الهواء مباشرة رفض العيسوى إقالة الضباط، إلا بالقانون، ووصف كلمة «تطهير الداخلية» بالكلمة السخيفة.
حادث قسم الأزبكية وقتل مواطن مصرى على يد مأمور
تعتبر أحداث الأزبكية التى اندلعت بعد استوزار العيسوى بثلاثة شهور، خير دليل على أن منطق الشرطة لم يتغير، وأن روح الانتقام والسخط، لم تزل تهيمن على عقول بعض قياداتها، فاختارت مجموعة منهم استمرار العمل بنفس النهج، فيما اختار فريق آخر تدبير الفوضى، وينتمى حادث الأزبكية الذى راح ضحيته سائق ميكروباص فى نهار الخميس الثالث من يونيو، بعد مشاجرة مع مأمور القسم، إلى نوعية الفريق الأول من قيادات الشرطة الرافضين للتغيير، وتطبيق عبارة «الشرطة فى خدمة الشعب»، بل يطبقون عبارة «نحن أسيادهم» التى قالها مدير أمن البحيرة السابق اللواء مجدى أبوقمر، فى مقطع فيديو انتشر على موقع «اليوتيوب» مثل النار فى الهشيم، وأدى إلى الإطاحة به، وعزله من منصبه، وتقديمه للمحاكمة بتهمة قتل الثوار والمتظاهرين العزل مع عدد من ضباطه.
بدأت واقعة حادث الأزبكية بمشاجرة فى موقف سيارات رمسيس بين السائق محمد صباح نصر وأحد المخبرين الذى طالبه برشوة، ليسمح له بتحميل الركاب، وسرعان ما استعان المخبر بأحد ضباط القسم، فى الاعتداء على السائق، وسحله إلى القسم، حيث تعرض هناك لحفلة ضرب، شارك فيها عدد كبير من ضباط الشرطة، ليلفظ أنفاسه متأثرا بإصابته، لتشتعل المواجهات بين المواطنين، والشرطة، حيث وقعت الاشتباكات التى أسفرت عن حرق القسم، قبل أن تتدخل القوات المسلحة للسيطرة على الموقف.
أحداث مسرح البالون ورقصة العسكرى البذيئة
لم يمر شهر يونيو فى سلام، حيث وقع فى نهايته ما أكد للمصريين أن العيسوى وجه من أوجه عديدة للعادلى، حيث اكتشف المصريون بغتة فى هذا الشهر، أن الداخلية، أرسلت تستورد معدات قمع جديدة، وكانت أحداث مسرح البالون بمثابة سقوط ورقة التوت الأخيرة عن عورة القيادات الفاسدة فى لاظوغلى، هكذا وقعت الاشتباكات بين المصريين المسالمين الذين ذهبوا إلى حفل تأبين للشهداء فى مسرح البالون، وبين قوة مجهولة جاءت تعتدى عليهم، ثم تدخلت قوات الأمن المركزى، وأطلقت عشرات القنابل المسيلة للدموع، على المتظاهرين الذين ذهبوا لإنقاذ أهالى الشهداء من براثن البلطجية، وجاء تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان بتاريخ الخامس من يوليو مدينا لاستخدام الشرطة العنف، وانتشر على موقع «اليوتيوب» فيديو لأحد عساكر الأمن المركزى، يرقص فى مواجهة المتظاهرين، رقصات مستفزة، ملوحا بسلاح أبيض فى يده.
تدمير المكالمات اللاسلكية بين العادلى وقياداته
رغم أنه شاهد الإثبات الأول فى قضية مقتل المتظاهرين، لكن اللواء حسين سعيد محمد موسى، مدير إدارة الاتصالات برئاسة الأمن المركزى، دمر 22 مكالمة لاسلكية على CD تبادلها العادلى ورجاله، بغرفة عمليات الأمن المركزى، فى الفترة من 25 حتى 31 يناير، كانت مفاجأة تدمير موسى للسى دى التى تم كشفها بتاريخ 18 أغسطس، أثرها فى إثارة قلق أعضاء هيئة الدفاع، عن أسر الشهداء، فهو أول قيادة أمنية تعترف بصدور أمر من مساعد الوزير لقوات الأمن المركزى بإطلاق أعيرة نارية، لكنه صار واحدا من شهود النفى، مهددا لتحويل مسار القضية، لمصلحة العادلى، حيث فشلت جميع محاولات المتخصصين فى استعادة المكالمات التى تم إتلافها بواسطة سيادة اللواء الذى أكد أنه لم يتعمد إتلافها، وأنه شاهد على تلقى تكليفات إطلاق النار.
تعذيب مايكل نبيل وإقامة كبائن تليفونية فى السجون
خبران متناقضان حملتهما الصحف يوم 19 أغسطس، أولهما، تعذيب الناشط والمدون مايكل نبيل بسجن المرج، حيث يقضى فترة عقوبة 3 سنوات فى القضية رقم 18 جنح عسكرية، للتحريض على المؤسسة العسكرية، ويبدو أن إدارة السجن لم تر الحكم كافيا، فقررت تعذيبه بواسطة كتائب من الأمن المركزى، تتولى ضرب السجناء، حسب بلاغ نبيل سند إبراهيم، والد المدون، الذى تقدم به للنائب العام، المفارقة أن الخبر الثانى، كان يتناول زيارة فريق من أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان لسجون منطقة طرة، وشكا عدد من السجناء خلال الزيارة من عدم تمكنهم بالاتصال بذويهم، مما جعل وزير الداخلية منصور العيسوى يطالب مصلحة السجون بالانتهاء من دراسة مشروع إقامة كبائن اتصال تليفونية للنزلاء، لمساعدتهم فى الاطمئنان على أهلهم وذويهم.
الهجوم على الألتراس بسبب هتافات ضد العادلى
الثلاثاء 6 سبتمبر، مصر على موعد جديد مع واقعة اعتداء جماعى من قبل قوات الأمن، لكن هذه المرة على الألتراس الأهلاوى، القوة الضاربة فى ثورة 25 يناير التى أدت مشاركتها وفرق الألتراس عموما، فى حماية ميدان التحرير، بجانب القوى الأخرى، هذه المرة بدأت الأحداث، عندما ردد جماهير الألتراس الأهلاوى هتافات منددة بحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، خلال مباراة الأهلى وكيما أسوان التى جرت فى استاد القاهرة، وبدأت الهتافات فى الشوط الأول من المباراة، ضد الرئيس المخلوع، ووزيره، فلماذا جرحت الهتافات مشاعر قيادات الأمن الموجودة فى الاستاد، مالم تكن حزينة فعلا بشكل أو بآخر على المخلوع، وشريكه العادلى؟
أكد عبد الجابر أحمد مراقب المباراة براءة الألتراس الأهلاوى من تهمة الاعتداء على رجال الشرطة، خلال المباراة، بل قدم محامى الشباب التسعة المحتجزين فى القضية والذين يواجهون تهم إتلاف وحرق عدد من سيارات الشرطة والتعدى على الضباط، سى دى تثبت أن قوات الأمن بدأت بإخلاء المدرجات بالقوة، قبل انتهاء المباراة بدقائق، لمنع الألتراس عن الهتاف ضد القيادات الفاسدة بالشرطة.
التضييق على النشطاء السياسيين فى مطار القاهرة
المشهد هذه المرة ليس فى ميدان التحرير، أو فى سجن من السجون، هذه المرة شرطة الجوازات، ففى 28 أغسطس، تعرض فيها الدكتور ممدوح حمزة الأمين العام للمجلس الوطنى المصرى، لسحب جواز سفره فى مطار القاهرة، واختفائه، لمدة عشرين دقيقة، دون مبرر، واكتشف حمزة أن ضابط برتبة رائد، اصطحب الجواز لمكان غير معلوم له.
الواقعة تكررت بحذافيرها مع الدكتور عمرو الشوبكى رئيس منتدى البدائل، بعد أقل من شهر، فى الخامس والعشرين من أغسطس، حيث تعرض الشوبكى فى نهار ذلك اليوم لاحتجاز جواز سفره، لمدة نصف ساعة، تم خلالها فحص جوازه، للتأكد من شخصية الشوبكى، بسبب تشابه اسمه، مع اسم أحد المطلوبين من جهة أمنية، فهل الشوبكى وجها غير معروف، حتى يلتبس الأمر على ضابط الجوازات، لهذه الدرجة التى تجعله يشك فيه أنه نفس الشخص المطلوب.
أمناء الشرطة ينتزعون حقوقهم.. و«الحمبولى» يتباهى بصوره
لا يمكن اعتبار مظاهرات أمناء الشرطة من تدبير الداخلية بقصد الإضرار بالأمن العام، لكنها نتيجة مباشرة لفساد قيادات بعينها، تسبب ازدراءها لهذه الفئة، فى تصدع كيان الداخلية من الداخل، وجاء على رأس القيادات التى ازدرت فئة أفراد الشرطة، واستحقرت مطالبهم، وحقهم فى حياة كريمة، اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية، الذى لم يلتفت لأول احتجاجات ائتلاف ضباط الشرطة، فى الثلاثين من سبتمبر، حيث قرر العيسوى القضاء على الائتلاف نهائيا، وإيقاف الضابط أحمد رجب المتحدث باسمه، فيما أعلن الائتلاف إضرابا عاما عن العمل، وتصعيد المواجهة احتجاجا على سوء معاملة قيادات الوزارة لهم، والتوقف عن تنفيذ أوامر القيادات الفاسدة، ومن جانب آخر هب ائتلاف أمناء الشرطة، معلنا عن قرب إضرابهم عن العمل، بعدما اتخذ حكمدار القاهرة ومدير الأمن اللواء محسن مراد، إجراءات اعتبرها الأمناء متعسفة ومستفزة، ولم ينتبه العيسوى لهذه الإشارات، حتى انفجر أمناء الشرطة، فى الخامس والعشرين من أكتوبر معلنين الاعتصام المفتوح أمام وزارة الداخلية، ورفعوا شعارات «إحنا اللى شايلينها، والضباط اللى واكلينها» واستطاع الأمناء إرغام العيسوى على تحقيق مطالبهم، والتى كان أبرزها تقليص الفوارق الوظيفية بين الضابط والأمين، ومساواة الأخير بالأول بعد عشر سنوات من الخدمة، ليحصل أمين الشرطة لأول مرة فى تاريخ مصر على رتبة ملازم، ويظل يترقى صاعدا سلم الشرطة، وهو القرار الذى أثار موجة من الاحتجاجات وسط ضباط الشرطة الذين هددوا باعتصام مماثل، متهمين رجال العادلى بإثارة الفوضى داخل لاظوغلى، وفى غمار الصراع داخل الداخلية، غرقت مصر فى إرهاب من نوع جديد هو إرهاب البلطجية، حتى بلغ الأمر بعتاة الإجرام إلى التفاخر بإجرامهم، فى مقاطع فيديو على «اليوتيوب»، وظهر خُط الصعيد «الحمبولى» متباهيا بصوره، معلنا عن جبروته بخطف بالون طائر يتم استخدامه سياحيا فى الأقصر، للى ذراع الداخلية.
مليونية «تصحيح المسار» الشرطة تتحرك فقط للقمع
انسحبت الشرطة من مواقعها يوم الجمعة 9 سبتمبر التى عرفت باسم جمعة تصحيح المسار، وألقت مسؤولية تأمين المنشآت الحيوية، على كاهل المتظاهرين السلميين الذين صنعوا يوما بديعا من التظاهر، استعادوا فيه وجها مشرقا من وجوه الثورة، حتى السادسة مساء، تميز اليوم بثلاثة مشاهد كبرى، لم تثر قلق أى مسؤول فى الداخلية، ففى ميدان التحرير كان المتظاهرون السلميون يحاولون تصحيح مسار الثورة، بإسقاط القوانين المعادية لها، وفى منطقة كوبرى الجامعة كانت مسيرة الشواكيش مصرة على هدم الجدار العازل الذى أقامته الدولة لحماية السفارة الإسرائيلية، وفى القصر العينى كان الألتراس الأهلاوى يطوقون الداخلية، ويزيلون شعارها، من على واجهتها، وفجأة، تكهرب المشهد، وانفجرت الدماء بعد اقتحام السفارة الإسرائيلية، ومحاولات اقتحام مديرية أمن الجيزة، وخرج الأمن بقنابله المسيلة للدموع، ورصاصه الحى، لم تتحرك قيادات الداخلية فى ذلك اليوم لتأمين سفارة إسرائيل رغم علمها بدعوات هدم الجدار، كما لم تتحرك لتأمين مبنى الوزارة، أو لتأمين المديرية، أو لتأمين مبنى السفارة السعودية، تحركت فقط لقتل وضرب هؤلاء الذين حاولوا اقتحام مديرية الأمن، وغسلت الداخلية يدها من الأحداث، فى بيان أصدرته اليوم التالى، أكدت فيه أن الوزارة قررت عدم الرد على الاستفزازات التى أحاطتها، وقررت أن تكتفى بالمراقبة من داخل أسوارها، وضبط النفس، لكن المتجمهرين من مثيرى الشغب -كما أسمتهم الوزارة فى بيانها- استمروا فى تجاوزاتهم، فتشاجروا مع أمن السفارة السعودية، واحتكوا بالخدمات الأمنية المكلفة بتأمين المديرية وقذفوها بزجاجات المولوتوف.
عدد الردود 0
بواسطة:
hassan
مافيش فايده
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد علاء
إيه ده .. موضوع من لاشئ
عدد الردود 0
بواسطة:
ايوب
تقرير يستحق الرد الموضوعي
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو
ليه الموضوع ده ؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
مني امجد
توضيح لهواة الفوضى والمقالات
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام سيف
الصندوق الاسود
هذا التقرير عباره عن الصندوق الاسود للداخليه
عدد الردود 0
بواسطة:
ابوعبدالله المصرى
رواية بايخة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
مقال اى كلام واتهامات دون دليل
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى
كل انسان ليه وجهت نظر
عدد الردود 0
بواسطة:
Ali
تقرير اكثر من رائع