سامح فوزى

فى السياسة العبرة بالأفعال دائماً

الإثنين، 07 نوفمبر 2011 05:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم ينجح الإسلاميون - الإخوان المسلمون والسلفيون - فى أول اختبار حقيقى للمواطنة، بعيدا عن عبارات المجاملة، وحملات العلاقات العامة، عندما لم يرشحوا أقباطا لخوض الانتخابات البرلمانية، واكتفوا بدعم ثلاثة مرشحين أقباط على قوائم التحالف الديمقراطى، مقدمين من أحزاب أخرى.

كنت أتصور أن التيار الإسلامى خرج من ثورة 25 يناير بفكر مختلف، وكتبت ودعوت لذلك، وحاولت أن أقنع نفسى بهذا الجديد. وعندما سعى مرشد الإخوان المسلمين إلى مقابلة البابا شنودة، كنت من المؤيدين إلى أى خطوة حوارية، ولقاء يزيل هواجس، وتحدثت كثيرا مع الأقباط فى مناسبات عديدة بأن يلقوا عن كاهلهم الاتهامات الجاهزة عن التيار الإسلامى، ويتفاعلوا معه. لا أريد أن أقول إننى كنت مخطئا أو متفائلا بزيادة.

السلفيون لا يريدون ترشيح «قبطى» وبعضهم يقول صراحة، لا تعط صوتك لمرشح قبطى، أما الإخوان المسلمون فقد ذكروا مرارا وتكرارا أنهم يريدون أن يكون أقباط على قوائمهم، لم يحدث ذلك. ولو كان لديهم «ذكاء سياسى» لاستغلوا المناسبة الانتخابية لتقديم أنفسهم على نحو مختلف للشارع، بوصفهم التيار الذى يجمع المصريين فى رحابه. لكنهم لم يفعلوا ذلك لسبب لا أفهمه، هل هى ضغوط من التيار السلفى عليهم؟ هل هناك آراء متشددة فى قلب الإخوان المسلمين لا تريد الخروج من عباءة الجماعة الدينية المغلقة إلى الحزب السياسى الأرحب فى مواقفه؟

لا أعرف، ولا أود التكهن. الجواب يُـعرف من عنوانه، والنتائج دائما ما تكشف عن المقدمات، النتيجة تقول إن فصائل من التيار الإسلامى لا تريد أن يكون على قوائمها مرشحون أقباط، وهى رسالة واضحة للأقباط بأنهم خارج الحسابات الانتخابية، فالحزب الوطنى المنحل لم يكن يرشح أقباطا لأنهم لا ينجحون - على حد قول - كمال الشاذلى، والتيار الإسلامى لا يرشح أقباطا لسبب هم يعرفونه.

حزب الوسط يبدو مختلفا، ليس لأنه رشح وسعى لترشيح المزيد من الأقباط على قوائمه، ولكن أيضا لأن مواقفه تجاه المواطنة واضحة، جلية، ما يقوله يطبقه، وهو بذلك يقدم نموذجا لحزب إسلامى يظهر فيه الالتزام بالمرجعية الدينية دون التفريط فى المرجعية الوطنية، وهى صيغة مهمة تحتاج إلى تطوير.

نصيحة أقدمها للتيار الإسلامى، وبالأخص الإخوان المسلمين، قبل فوات الأوان: من المهم أن يقدم الإسلاميون للمجتمع نموذجا مختلفا، ولا يكتفوا بالكلام الذى لا يجد فى الواقع ما يسنده.

منذ بضعة شهور فى لقاء مع عدد من الأقباط ذكر قيادى فى حزب «الحرية والعدالة» أن الإخوان سوف يقدمون مرشحين عديدين من الأقباط، وذكر لى قيادى آخر أن هناك مرشحين من الأقباط فى بعض المحافظات على مستوى الجمهورية على قوائم الحزب. لم يحدث هذا. هل بعد ذلك نتساءل: لماذا هناك تخوف من جانب الأقباط من التيار الإسلامى؟ ولماذا الأحزاب العلمانية الأخرى مفضلة لديهم أو يشعرون بالارتياح لها؟

المسألة بوضوح أن الإسلاميين يتعاملون مع الأقباط ليسوا كشركاء فى المجتمع ، بالفعل وليس بالكلام، وأن حضورهم بالنسبة لهم رمزيا، يستكملون به الديكور، فى السابق كانوا يعللون ذلك بوجود نظام استبدادى يحول دون تواصلهم مع فئات المجتمع وبالأخص المسيحيين، اليوم الحال تغير، ولم يحدث التواصل الذى كانوا يتحدثون عنه.

الإسلاميون أمامهم طريق طويل حتى نرى فيهم «أردوغان» أو «الغنوشى»، كلاهما يتحدثان عن علاقة متكاملة بين الإسلام والحداثة والفضاء المدنى والحريات الأساسية ودولة القانون والمواطنة. ليس فى حديثهم توعد بتطبيق الذمية على المختلفين فى الدين، أو تحجيب التماثيل، أو فرض القيود على الفن والإبداع، أو تديين السياحة، وجميعها أحاديث تكشف عن استمرار النظرة القشرية الخارجية فى التعامل مع الظواهر، دون الدخول فى أعماقها المليئة بالأسئلة والتناقضات.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

يحيي رسلان

انت عارف وانا عارف

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة