أكثر من 14 سيارة أمن مركزى وخفراء يحرسون 20 من عمارات مشروع «بيت العائلة» بمدينة 6 أكتوبر بعد إخلاء 450 وحدة فيها من المقتحمين وتدخل الشركة المنفذة بصيانة الأبواب المكسورة للوحدات وسد الأبواب الرئيسية للعمارات بألواح خشبية وأسياخ لحمايتها من التسلل داخلها مرة أخرى.
فى مكان قريب من موقع الوحدات السكنية التى تم إخلاؤها بعد اقتحامها.. أسر فقيرة تعيش فى خيم بأماكن متفرقة فى المنطقة وسيارات نصف نقل تجوب الشوارع المحيطة بالمشروع تتحين الفرصة لدخول الشقق مرة أخرى، وأشخاص من أهالى المنطقة المحيطة التى تورط بعضهم فى اقتحام الوحدات المخلاة، يحاولون تبرئة أنفسهم من تهمة البلطجة، تحدث أحدهم بانكسار، وهو يقول «إحنا مش بلطجية.. إحنا بس ناس عايزه تعيش» لم نطلب سوى أن نعيش بكرامة.
اقتحام مشروع بيت العيلة لم يكن الاقتحام الوحيد الذى تم خلال العامين الأخيرين، فقد سبقه اقتحام مشروع إسكان بمنطقة الدويقة، وإسكان الشباب النهضة واللذين تم إخلاؤهما بطريقة مماثلة أو بتدخل أهالى المناطق المحيطة.
ولعل بقاء 80 ألف وحدة سكنية فى المشروع القومى لم تسلم لمستحقيها، بالإضافة إلى 450 وحدة فى محور «بيت العائلة»، هو أحد الأسباب الرئيسية التى فتحت المجال واسعا لعدد من الأهالى المحرومين من الحصول على مأوى آمن لهم، بالإضافة إلى أنه يفتح المجال أمام البلطجية والطامعين فى وضع أيديهم على الشقق بدون وجه حق.
بيت العيلة إحدى مراحل مشروع الإسكان القومى السبع، التى تضم «التمليك، الأولى بالرعاية، إبنى بيتك، القطاع الخاص، الإيجار، البيت الريفى»، حيث تصل تكلفة المشروع 34 مليار جنيه، وكان من المقرر الانتهاء منه فى شهر سبتمبر الماضى ولكنه توقف بسبب أحداث الثورة ثم تم مد العمل حتى مارس المقبل، بالإضافة إلى مشروعات إسكان الشباب التى بدأت منذ 15 عاماً وما زالت المرحلة الرابعة للإسكان الاقتصادى المتطور فى مرحلة التشطيب.
«اليوم السابع» رصدت معاناة العديد من الأهالى الذين يبحثون عن وحدات سكنية تحميهم وتحمى أطفالهم وتجولت فى عدد من تلك المشروعات السكنية التى تعرضت للاقتحام.
قاسم مشترك بين أقوال الأهالى هو أنهم لم يتوجهوا بدون دافع إلى المساكن، لأنهم تمكنوا من الحصول على الوحدات بعد تسرب معلومات من عاملين بجهاز مدينة 6 أكتوبر بأن وحدات مشروع بيت العائلة ليس لها صاحب، ويمكنهم الحصول على شقق بعد أن يدخلوا إحداها ثم يقدموا التماسا لوزارة الإسكان بتخصيصها لهم. فيما اتهم بعضهم أحد المسؤولين فى شركة مسؤولة عن تأمين المشروع بوعدهم بإنهاء حصولهم على الشقق بعد دفع مبلغ 500 جنيه لهم لتمكينهم من الاستمرار فى الوحدات.
شاب فى أواخر العشرينيات من عمره عرف نفسه باسم هشام، قال: «لم أرغب وأسرتى أن ندخل عمارات بيت العيلة ونبحث عن شقة شاغرة نسكنها، ولكننا اضطررنا بعد أن علمنا أن الشقق ليس لها صاحب ومتاحة لمن يسكنها، وقال لى أحد العاملين فى الجهاز «الشقق دى مالهاش صاحب.. الحقوا احجزوا مكانا».
وأضاف: نحن نعلم أن هذه العمارات بنيت منذ سنوات، ولم نعرف لها أصحاب وسمعنا أنها مخصصة للهيئات قضائية، ولكنهم رفضوا تسلمها لأنها لا تناسبهم، وبقيت بدون تسليم لسنوات طويلة.
وقال: لقد أتى أشخاص عرفوا أنفسهم بأنهم مسؤولون فى الشركة المسؤولة عن إنهاء المشروع وحصل على 500 جنيه من أسر كثيرة، بينما رفض الباقون لأنه لم يقدم أى ضمانات، ولكنى اضطررت للدفع مثلهم لأنى كنت مثل الغريق الذى يتعلق بقشة.
هشام أكد أنه استطاع الحصول على شقة والمبيت فيها لأربعة أيام وصفها بأيام سوداء، لأنه كان يسهر طوال الليل لحماية أسرته المكونة من أم وشقيقتين وأخ صغير. وكان يتوقع أن يأتى الجيش والحكومة ليخرجوهم منها ولكنه يأمل فى أن يفهموا ظروف الناس التى أدت بهم إلى محاولات اقتحام الشقق وتحقيق حلمهم فى سقف وباب مغلق.
يعترف هشام أن من بين من استولوا على الشقق بلطجية ليسوا من المنطقة، واستخدموا أسلحة ضد ساكنى مناطق مجاورة، وحاولوا مقاومة الشرطة، ولذلك تم القبض على بعضهم، ولكن ليس كل من طردوا من العمارات بلطجية لأن بينهم أسر كاملة لا تجد مأوى لهم سوى الشارع، ولا يستطيعوا إغلاق باب عليهم.
سيدة أخرى فى الأربعينيات من عمرها وأم لست فتيات تعولهن بعد وفاة الزوج تعيش فى شقة متواضعة فى الحى السادس بأكتوبر لم تجد سوى أن تغامر بالحصول على شقة لأنها لا تملك مصدر رزق يكفى لسد الإيجار المرتفع للشقة التى تسكنها وتكملة الشهر بمستوى يسمح لبقاء أطفالها دون جوع.
الأمل فى باب يمكن إغلاقه وسقف قوى يقيهم شمس الصيف ومطر الشتاء كان هدف أسرة تعيش فى خيمة بجوارعمارة قرب السوق القديم بالحى السادس، أحدهم يؤكد بإرتباك بأنه لم يحاول الحصول على شقة فى بيت العائلة، ولكنه يعذر من أقدم على هذا لأن بينهم من يسكن الشارع مثله والباقى يعانى من ارتفاع الإيجارات ولا يستطيع الدفع.
وقال إنه تقدم للحصول على شقة فى مشروعات الإسكان أربع مرات على الأقل، ولم يحصل على واحدة، حتى إنه نسى آخر مرة فكر فى شقة.
أحداث بيت العائلة جعلت أهالى إسكان الشباب بمدينة 6 أكتوبر يطالبون بتقنين أوضاعهم، وشارك نحو 50 أسرة فى تظاهرة أمام وزارة الإسكان، مطالبين الوصول لحل وسط مع الوزارة بشأن الوحدات التى يسكنها بشكل مؤقت.. بعد أن حرر جهاز مدينة 6 أكتوبر محاضر ضدهم لعدم وجود عقود نهائية لهم.
وقال محمود رجب أحد القاطنين بوحدات إسكان الشباب إنه حصل على شقة فى إسكان الشباب بأكتوبر من محافظ أكتوبر السابق الدكتور فتحى سعد قبل أحداث الثورة، ووعدهم بتقنين أوضاعهم فى الوحدات التى يسكنونها بشكل مؤقت.
محمود على ساكن آخر بإسكان الشباب توجه إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة يطلب تقنين وجوده بمسكنه بعد أن حرر ضده جهاز مدينة 6 أكتوبر محضر بتهمة الاستيلاء على الشقة، وقال: «هيئة المجتمعات طالبتهم بعمل ملفات تتضمن أوراقهم الشخصية لكى تخاطب وزارة الإسكان للحصول على موافقة الوزير بتقنين أوضاعهم».
محمود مستعد لسداد أقساط وحدات إسكان الشباب حتى لا يخرج منها، هو و50 أسرة أخرى منهم من يعيش فى «بدرومات العمارات»، لعدم وجود أى مأوى لهم مما يعرضهم للمخاطر.
أما فى مساكن النهضة فإن غياب الأمن من أكثر ما يهدد الأهالى فى المنطقة، وهو ما يؤكده رجل فى العقد الخامس من عمره معروف فى المنطقة بعم محمد البقال يكاد يعرف كل ما يدور فى المنطقة لوجوده الدائم هناك بمحل بقالته أسفل العمارة التى يسكنها، يقول: «اقتحام الشقق أصبح أمراً عاديا هنا لأنه توجد أكثر من شقة شاغرة فى العمارات، وهناك محاولات كثيرة من أشخاص يأتون من السلام للحصول على الشقق التى لم يستخدمها أصحابها منذ أن استلموها، ويتدخل أهالى المنطقة لإخراجهم وعندما يفشلون يستدعون الشرطة للتعامل مع البلطجية».
كلام عم محمد يدعمه مخاوف نادية محمد موظفة حكومية لا تفضل أن تخرج من بيتها بعد الثامنة مساء لعدم شعورها بالأمان بسبب بلطجية يحومون حول المنطقة كثيرا، وقالت إنها سمعت عن محاولتين كانتا الأكثر تأثيرا فى اقتحام الشقق الشاغرة هناك الأولى قبل أحداث الثورة بفترة، وتعاملت الشرطة، ووعدت أكثر من مرة بزيادة التأمين، ولكنها لم تنفذ الوعود، والمرة الثانية مع بداية تولى عصام شرف مهام الوزارة وفيها تدخل الأهالى بقوة لإعادة الأمن ثم تدخلت الشرطة.
تدخل الأهالى لحماية انفسهم ضد البلطجية كان للحد من تطاولهم على الفتيات والنساء فى المنطقة وهو ما يؤكده محمود حسن شاب فى أوائل العشرينيات. محمود يعترف بأنه لا يستطيع التنقل بحرية بسبب البلطجية الذين يأتى أغلبهم من منطقة السلام لمضايقة الأهالى فى النهضة وفرض سيطرتهم عليها، واقتحام شقق كلما سنحت الفرصة.
عدد الشقق التى تتعرض للاقتحام فى مساكن النهضة لم تحصيها وزارة الإسكان لأن المشروع تم تسليمه لمستحقيه ولكن أكثر أصحاب الشقق لم يستخدموها وتركوها.
أسئلة سكان المنطقة المحيطة بيت العائلة حملناها للمهندس محمد عادل عز الدين رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر، وحاولنا التواصل معه ولكنه لم يرد على هاتفه أكثر من مرة.
تضارب أقوال الأهالى عن جهة المخصص لها المشروع سواء كانت للهيئات القضائية أم لمحدودى الدخل حسب تصريحات صادرة من وزارة الإسكان، حسمها مصدر مسئول بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فى حديثه لـ«اليوم السابع»، مؤكدا أن الوحدات السكنية بمشروع بيت العائلة لم يتم تخصيصها لمستفيدين حتى الآن، بالرغم من أنه تم الانتهاء من تشطيبها وتوصيل المرافق لها بالكامل.
اللواء مهندس جلال سيد الأهل، رئيس الجهاز التنفيذى للمشروع القومى للإسكان بوزارة الإسكان، قال إنه يصعب الإفصاح عن أسباب عدم التخصيص فى الوقت الحالى، رافضا ذكر أى تفاصيل أخرى حول المستفيدين الذين من المقرر تخصيص هذه الوحدات لهم، ومن المفترض أن يكونوا أعضاء نقابات مهنية والنيابات، وفقا لما كان محددا من قبل لهذا المحور الذى يعتبر أحد محاور المشروع القومى للإسكان.
مصادر مطلعة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أكدت أن السبب فى احتلال الوحدات السكنية بمدينة 6 أكتوبر، سوء تخطيط الهيئة فى توزيع هذه الوحدات وتوزيعها على مستحقيها.
وأقر المصدر بأن الوحدات التى تم احتلالها مغلقة منذ عامين، بالرغم من انتهاء تنفيذها، وهو ما دفع مجموعة من المواطنين إلى اقتحام هذه الوحدات للسكن بها لعدم قدرتها على الحصول عليها من الدولة التى وعدتهم كثيرا بمنحهم وحدات سكنية، دون جدوى.
المهمشون فى العراء يرفعون شعار «نروح فين».. أحلام البسطاء فى «بيت العيلة» تخلت عنها الدولة وفشلت فى تحقيقها «البلطجة»
الإثنين، 07 نوفمبر 2011 09:37 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد من الشعب
هذه دعوى للبلطجة وسرقة حقوق الغير
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم احمد هاشم المحامى
الايدى القذرة
عدد الردود 0
بواسطة:
ماهر روق
هو في ايه
عدد الردود 0
بواسطة:
دقــدق
عذر أقبح من ذنب
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام شوقى
مفهوم خاطىء
عدد الردود 0
بواسطة:
ibrahim
تنظيم الأسرة و بس
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي زكريا حامد
مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد ابوالسعود
الحل الوحيد
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل
يا سلام
عدد الردود 0
بواسطة:
خليل كامل
احيى رسالة رقم 3