بقدر ما أفقدت صفعة اليونسكو للولايات المتحدة وإسرائيل، بمنحها العضوية الكاملة لفلسطين صواب الدولتين، فإنها فى المقابل أعطت أملا كبيرا للفلسطينيين المقبلين على استحقاق هام خلال الأسابيع المقبلة، وهو الحصول على عضوية المنظمة ألأم "الأمم المتحدة"، فرغم حالة الانفلات الأعصابى التى أصابت واشنطن وتل أبيب من قرار اليونسكو، والذى وصل إلى كم من التهديدات لم يعهده أحد، إلا أن المفاوض الفلسطينى زاد إصرارا بعد موقعة باريس فى السير قدما للحصول على عضوية الأمم المتحدة، مدفوعا بحالة الزخم التى أحدثها تصويت اليونسكو، خاصة أن دولا فى المنظمة مثل فرنسا غيرت موقفها السابق ووقفت ضد اللوبى اليهودى الأمريكى، وأعطت صوتها لفلسطين، وهو ما يشير وفقا لتحليلات عربية إلى أمكانية تمرير موافقة مجلس الأمن على عضوية فلسطين فى الأمم المتحدة، خاصة أن زخم اليونسكو سيضع الموقف الأمريكى والفيتو المتوقع منهم فى حرج بالغ، لأنهم فى هذه الحالة سيظهرون أنهم ضد رغبة على الأقل 107 دولة صوتت لصالح فلسطين فى اليونسكو.
مصادر فلسطينية قالت إن تحركات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن خلال الفترة المقبلة فى هذا الشأن، ووفده المفاوض ستعتمد على هذه الجزئية المتعلقة بمحاولة إحراج الموقف الأمريكى لتجنيب لجوئه إلى الفيتو على الأقل عندما يعرض أمر العضوية على التصويت فى مجلس الأمن، خاصة أن فلسطين حصلت على وعود تسعة دول للموافقة على القرار.
اللعبة السياسية من الجانب الفلسطينى تقابلها لعبة سياسية من الجانبين الإسرائيلى – الأمريكى، يطلق عليها البعض "اللعبة القذرة"، والتى تعمد إلى محاولات الدولتين لتقويض السلطة الفلسطينية من خلال قرار اتخذته إسرائيل الثلاثاء الماضى بتجميد تحويل أموال السلطة مؤقتاً بعد أن حصلت على العضوية فى اليونسكو، وفقا لما قاله ياسر عبد ربه، الأمين العام للمنظمة، كما قررت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو الإسراع فى بناء المستوطنات اليهودية على الأرض التى تعتزم السلطة الفلسطينية إقامة الدولة المستقلة عليها جنبا إلى جانب إسرائيل، وهو أمر بالغ الخطورة، ويشير إلى أن إسرائيل تريد فعلاً أن تسعى لتقويض دور السلطة الوطنية الفلسطينية، وأنها لا تسعى لسلام.
ووسط التحركات الفلسطينية السياسية واللعبة القذرة من الجانب الثانى فإن القضية الفلسطينية مقبلة على تحدى جديد، فالأمر لم يعد كما كان فى الماضى أن هناك من يحرك قواعد اللعبة فى واشنطن وتل أبيب، بل إن الصورة انقلبت الآن فى الاتجاه الصحيح، وأصبحت فلسطين ومن خلفها الدول العربية، وخاصة مصر هم من يحددون قواعد اللعبة السياسية، أملا فى الوصول إلى الهدف الأعلى، وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.