«نار هنا ونور هناك»

2008.. كنت أسأل من يحمى هذا النظام من نفسه؟! فحرق مكتبى ومقرى يوم 6 نوفمبر 2008 لم يكن بعيداً عن إصرار النظام على مواجهة دعاوى التغيير بالحديد والنار.

فمن دواعى الأسف، ومن أكثر ما يثير فى النفس الألم، أن يكون ملجأ المضرور تلمساً لحماية القانون، هو ذاته المتهم بالتخطيط والتنفيذ «والتهديد» بإيقاع الضرر، والمتورط حتى أذنيه فى تقويض حماية القانون!!

شهوة الانتقام جردت النظام السابق والحالى من الحد الأدنى من القدرة على التفكير والتدبير وإدراك حجم المتغيرات التى تحدث فى العالم شرقاً وغرباً..

فرياح التغيير تهب على العالم، لتحمل الخير والحرية بينما تهب علينا لتشعل نيران الانتقام والظلم والجنون بعينه.. ومازالت..

بلدان كثيرة تتغير حكوماتها وحكامها عبر آليات ديمقراطية مرنة عبر صناديق الانتخابات، وبلدان يحدث فيها هذا بفعل الثورات.. وأخرى تحدث فيها ثورات ولا يحدث شىء على الإطلاق!!

يمكننا أن نطلق على بعض الأعوام أسماء تدور حول أبرز ما يميز هذه الأعوام من أحداث عند نهايتها..

وأعتقد أن عام 2008، منذ بدايته وربما منذ نهايات المنصرف قبله، وهو ينذرنا بالتغيرات التى تتقافز أمام الأنظار، بفعل الانتخابات التى شهدها هذا العام بغزارة فى العديد من عواصم العالم شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، بينما فى مصر كان تكريسا لحكم الفرد والتوريث وتزوير الانتخابات!!

وهذه بعض الأمثلة:
فى يناير 2008: كانت الانتخابات البرلمانية الباكستانية، عقب اغتيال بى نظير بوتو، هى الحدث الأكبر فى تاريخ باكستان، والتى قادت الأحداث لاحقاً لنهاية متوقعة لحكم الديكتاتور العسكرى الجنرال مشرف!!

فى يناير 2008: أيضاً كانت الجولة الثانية من الانتخابات الكينية التى أثارت جدلاً واسعاً بفعل فوز المعارضة وإصرار الرئيس السابق على إعلان فوزه، وأقسم اليمين الدستورية وسط دهشة العالم وثورة المعارضة!!

وفى يناير نفسه: شهدت جورجيا، وجزر مارشال انتخابات رئاسية، كما شهدت جيبوتى، وتايوان، وكوبا، وبلوفيزيا، وجزر فارو، وباربادوس، انتخابات برلمانية.

وفى فبراير: كانت الانتخابات الرئاسية لقبرص، وأرمينيا، وجمهورية التشيك، والصرب، بينما كانت الانتخابات البرلمانية فى موناكو، كما شهدت سويسرا استفتاء على إصلاحات ضريبية.
وفى مارس: شهدت الصين انتخابات رئاسية وبرلمانية، بينما كانت الانتخابات الرئاسية فى زيمبابوى الأكثر إثارة «طوال عام 2008» كما شهد العالم فى 2 مارس، الجولة الأولى من الانتخابات الروسية والانتخابات الرئاسية فى تايوان وكذلك الانتخابات فى إسبانيا، وغينيا، وهاييتى، وإيران!!

وفى أبريل: كانت الانتخابات الأبرز فى مالطا وكوريا الجنوبية، وباراجوى، وتونجا، ونيو!!
وفى مايو: انفردت الانتخابات الرئاسية فى جمهورية الدومنيكان بصدارة الأحداث الانتخابية فى مايو 2008.

وفى يونيو: كانت الانتخابات الرئاسية فى أيسلندا هى الأبرز بجانب انتخابات برلمانية فى منغوليا.

وفى يوليو: الكونغو، وكمبوديا، وفانواتا.. كما تم الإعلان عن خروج مشرف من حكم باكستان وانتخاب زردارى.

وفى أغسطس: كانت الانتخابات الرئاسية بالصومال الأكثر إثارة للجدل وكذا الانتخابات فى كوريا الشمالية!!

وفى سبتمبر: رواندا، وهونج كونج، وجيرسى jersey وانتخاب خليفة لأولمرت فى زعامة حزب كاديما.

أكتوبر 2008: شهد مفاجأة فى جزر «المالديف» بخروج رئيسها عبدالمعين – 71 عاماً – مهزوماً بعد حكم 30 عاماً أمام منافسة محمد ناشد – 41 سنة – وهو الذى اعتقله عبدالمعين 27 مرة «!!» وفى أكتوبر أيضاً كانت الانتخابات فى روسيا البيضاء وانتخابات رئاسية فى أذربيجان، وسوازيلاند وسلوفينيا.

أما نوفمبر 2008: فكان موعداً لختام «أم المعارك الانتخابية» لتحديد الساكن الجديد للبيت الأبيض الأمريكى فى ختام معركة انتخابية تابع العالم فصولها، وتفاصيلها، فكانت مصدراً موحياً للبحث والمقارنة بين ما شهدناه وتابعناه – مع كل شعوب العالم – وما لمسناه فيما يسمى بالانتخابات فى بلادنا فيما كانوا يسمونه بأزهى عصور الديمقراطية والإصلاحات السياسية!! والتلفيق والظلم والحرق المخطط والمتعمد لكل قيم الدولة العاقلة الراشدة.

إن البداية الحقيقية لتفجير ثورة 25 يناير 2011 كانت فى عام 2008 عندما بدأ النظام مسيرة الفجر والتوحش فحرق كل سفن العقل والحكمة.