سألنى صديقى مستغربا.. لماذا لا تحب الفلول؟ نظرت إليه مستنكرا وأجبته: وهل هناك من يحب الفلول؟
هل هناك من لا يزال يذكر بالخير أولئك الذين تنافسوا على أن يكونوا لسان النظام فتحدثوا باسمه، وبرروا أفعاله وحاولوا جهد أيمانهم أن يقنعونا أن نحمد الله الذى وهبنا إلهنا "هبل" العظيم، وأن نستصرخه رجاء وأملا أن يظل معنا أبد الدهر.
هل هناك من لا يزال يسبح بحمد أولئك الذين تنافسوا على أن يكونوا يد النظام فبطشوا بالمعارضين، ونكلوا بهم وأذاقوهم مالا خطر على بال بشر، حتى أن دولة فى حجم الولايات المتحدة الأمريكية طلبت الاستعانة بخبراتهم غير المسبوقة فى التنكيل، واستحلاب المعلومات كلما عن الأمر على مؤسساتها.
هل هناك من لا يزال يعيش الماضى، ويسترجع ذكرياته العفنة مع أولئك الذين تنافسوا على أن يكونوا عقل النظام، ففكروا ودبروا وفصلوا القوانين، واستغلوا أن "الدفاتر دفاترهم والمأذون راجلهم" فزوجوا العمدة من "فاطمه"، فى نفس يوم تطليق "أبو العلا" لها، وحولوا الحكم الجمهورى إلى ملكى دائم بمجرد تحويل حرف الهاء إلى الدال، وأقنعونا أن مصلحتنا تقتضى بأن نرزح تحت نير قانونى للطوارئ أكثر من ثلاثين عاما، ثم أخيرا – ولم يكن آخراً- حولوا نظام الانتخابات الرئاسية من نظام الاستفتاء العقيم – إلى نظام أكثر عقما لم يعرف له الدهر مثيلا "نظام انتخاب وراثى ملكى استحلالى استبدادى" يهدف إلى تسليم التركة – ونحن من عناصرها بطبيعة الحال – من إلهنا هبل العظيم إلى ابنه المجيد فى حرص دؤوب على أن يبدو كل شىء سائرا طبقا للقانون فى دولة "الآنون".
هل هناك من نسى أو تناسى – كيف انتشر أولئك يعيثون فى الأرض فسادا، ويعبوا من خيراتها نهبا وسرقه واستحلالا – حتى أن أحدهم الذى وقف يوما تحت قبة البرلمان ينعى انتشار الفساد الذى وصل إلى الركب (بضم الراء) –على حد قوله - فى المحليات ثبت أن ثروته من الكسب غير المشروع قد تجاوزت عدة مليارات.
هل هناك من نسى أو تناسى منظر عموم الشعب، وهى تزحف فى طوابير الخبز وأنابيب البوتاجاز وعشش الإيواء.
هل هناك من نسى أو تناسى ذاك المشهد المسرحى العبثى الذى يكاد يبكينى كلما تذكرته عندما يقرر إلهنا "هبل" العظيم زيادة العلاوة الدورية من 10 إلى 15% (أى ما لا يزيد عن الثلاثين جنيها) ليجد جوقة كاملة من الطبالين والزمارين تحيى فى الزعيم إحساسه بمعاناة شعبه الكريم، ثم يتضح بعد ذلك – وبما لايدع الشك – أن ثروة الابن الأكبر من الكسب غير المشروع فى دولة واحدة فقط قد تجاوزت المليارات.
يا صديقى . أما زلت لا تفهم لماذا لا أحب الفلول، وهل يمكن أن تطلب منى أن نتسامح معهم، وأن نتجاوز عن إفقارنا وإذلالنا وامتهان كرامتنا، وهل يمكن لأحد أن يتصور أننا يمكن أن نسلم القط ثانية مفتاح الكرار، لا أعتقد ولا يجوز، فالمؤمن لا يلدغ من حجر مرتين. وليعلموا أن كرمنا معهم يجب ألا يتجاوز حد أن يتركوا كمواطنين متمتعين بكافة حقوق المواطنة، عدا الحقوق السياسية، جزاء بما قدمت أيديهم واقترفت نفوسهم، وحتى يكونون عبرة – ما بقى من أعمارهم- لكل من تسول له نفسه على استغلالنا أو استغفالنا.
يا صديقى.. أنا لا أكره الفلول ولكنى أمقت الفلول.
لواء طيار متقاعد محمد كشك يكتب: لماذا لا أحب الفلول؟
السبت، 05 نوفمبر 2011 01:03 ص