لم يجد المرشحون للانتخابات البرلمانية فى مصر وسيلة للدعاية لأنفسهم فى المناطق العشوائية سوى الطعام، الذى يحرم منه سكان تلك المناطق الفقيرة للتنافس على كسب أصوات الناخبين فى أول انتخابات برلمانية تجرى بعد حل مجلسى الشعب والشورى، إبان ثورة 25 يناير، إنها الانتخابات التى تعد بمثابة "عيد" أو "موسم"، لساكنى تلك المناطق فهم يحصلون فيها على احتياجاتهم من "الطعام".
بالقرب من نقطة شرطة الدويقة، تجمعت أعداد كبيرة من سكان الحى الذى يقع فى قلب العاصمة ، تجاوزت أعدادهم المئات، جميعهم يصرخون ويصيحون فى وجوه بعضهم البعض، وهم من الشرائح الفقيرة فى المجتمع المصرى، وهو ما يبدو واضحاً على ملابسهم جميعهم يتحدثون عن "نفحة" العيد من مرشحى البرلمان.
الكل يرغب فى الاقتراب من احدى السيارات "نصف نقل"، الجميع يرغب فى الحصول على "الشنطة"، والتى يتوافر فيها احتياجات الأسر فى العيد " أرز وسمن ولحوم مجمدة"، إنها السلع التى وفرها أحد مرشحى البرلمان فى الانتخابات التى تجرى 28 نوفمبر الحالى، فالكل يتكالب للحصول على تلك الشنطة الاهالى يصرخون فى وجوه بعضهم البعض واحده تنزع غطاء الرأس الذى ترتديه من أمامها، لا أحد يدرى ماذا يفعل سوى الوصول الى الهدف وهو " الشنطة ".
اللافتات والدعاية الانتخابية تملأ كافة جدران البيوت المحفورة داخل جبل المقطم بمنطقة الدويقة، والذى يقع شرقى العاصمة المصرية القاهرة، فيوجد بيوت أخرى قصيرة جداً و صغيرة، تكاد تصل كتف جسد الشخص منتصف الطول، بناها سكان المنطقة فى الخمسينيات وما بعدها، الكل ينتظر أن ينتعش موسم الانتخابات كى تزداد وسائل الدعاية من لحوم وغيرها من السلع الغذائية الأخرى والتى يحرمون منها لسنوات والآخرين ينتظرون متى تنهى الانتخابات حتى يحصلوا على تلك اللافتات ليصنعوا منها ملابس.
ونادية محمود "36 سنة تقول "هعملها ملاءة للسرير، وأغسل التانية كويس علشان أعملها بنطلونات للعيال"، الجميع من سكان العشوائيات يفكرون بمثل هذه الطريقة، فالحالة الاقتصادية ضعيفة جداً لدى هذه الشريحة من المجتمع المصرى.
ولعل المراقب لتلك المناطق سيجد أن وسيلة الدعاية لمرشحى البرلمان فى المناطق العشوائية لم تتغير بعد حتى لو إختلفت الوجوه والأشخاص لكن الأسلوب المتبع واحد، أم علاء المقيمة بشارع المعدسة بالدويقة بحى منشأة ناصر تقول:" كل يوم نتصور ونتكلم ومحدش بيعملنا حاجة أنا ترك دراستى رغم أنى كنت شاطرة أوى بس علشان، والدى مكنش عنده فلوس يعلمنى، ويأكلنى علشان كده هدور على اللى يدينى فلوس أعلم أولادى".
وأضافت "الناس الغلابة أوى مش عايزين أى حاجة غير إنهم يحسوا إنهم زى البشر يلاقوا رغيف العيش، وشوية الميه مش مشكلة لحمة كل شهر، أصل الناس هنا بتاكلها فى العيد لما يكون فى حد غنى عايز يعمل خير".
"هدى" المقيمة بشارع المعدسة بالدويقة، تقول:" لا يهمنى من هو مرشح البرلمان القادم أو حتى مين هو الرئيس القادم ولا مين الوزير ولا الغفير انا كل اللى يهمنى أكل أولادى واعيش زى البنى آدمين "
ويوجد فى مصر 18 مليون أسرة من إجمالى سكان مصر الذى يبلغ عددهم 80 مليون نسمة، وذلك بحسب آخر إحصاء لسكان تلك المناطق قامت به الدولة كان فى عام 1992، أى منذ 19 عامًا، وخلال هذه الفترة من 1992 وحتى 2011، جدت مناطق عشوائية جديدة! ففى القاهرة وحدها يوجد 85 منطقة عشوائية يمثلون قنبلموقوتة، وصلنا لهذا الحد نتيجة الإهمال الجسيم من الحكومة بعدم وجود تخطيط حقيقى لهذه المناطق، مع عدم وجود متابعة من المسئولى .
ويمثل هذا الرقم وهو 18 مليون نسبة كبيرة فى التصويت على الانتخابات البرلمانية قد تؤثر على تشكيل البرلمان فكل ما يرغبونه من الانتخابات هو الحصول على الطعام وليس المستقبل السياسى لبلدهم.
سكان "العشوائيات" ينتظرون" نفحة" العيد من مرشحى البرلمان
السبت، 05 نوفمبر 2011 07:52 م