لم تتغير سياسة التعامل مع الشعب، بالرغم من تغيير النظام الحاكم، فالنظام السابق كان يستخدم أسلوب "جس النبض"، أى طرح المشكلة أو المراد تحقيقه فى شكل شائعة تروج بين الشعب، ثم انتظار رد فعل المواطنين.
فعلى سبيل المثال: عندما يراد رفع الأسعار، تطلق شائعة عن زيادة سعر بعض السلع وينتظر رد فعل الشارع، فإذا غضب المواطن وثار يكون الرد بالنفى وتكذيب الشائعة، ويخرج السيد المسئول ليطمئن الشعب بأنها كذبة ولم يتم رفع الأسعار، و"أننا نعمل فى صالح المواطن ونراعى ظروفه المعيشية"، وإذا كان الرد بالقبول والخضوع للأمر الواقع، كما كان يحدث غالبا، تتم زيادة أسعار معظم السلع المهمة والضرورية للمواطن، دون النظر لظروفه المعيشية، مما يدر أموالاً هائلة فى حسابات رجال الأعمال محتكرى السوق.
وجاءت ثورة 25 يناير وأطاحت بنظام لم ير إلا نفسه ولم يهتم بشئون مواطنين عانوا مرار المعيشة، وأطاحت بنظام، ولكن لم تطح بسياسة "جس النبض".
ففى بداية هذا الشهر طالعتنا وسائل الإعلام المختلفة بزيارة ليون بانيتا وزير الدفاع الأمريكى لمصر، وفى هذه الفترة انتشرت شائعة أن غرض الزيارة هو تسليم المواطن الأمريكى إيلان جرابيل - المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل، مما أثار غضب الشارع المصرى، وتبع هذا خروج المسئولين وتعددت التصريحات، ولا مانع من أن يكون التصريح من وزير الدفاع الأمريكى شخصيا أن سبب الزيارة ليس الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلى لتهدئة الشارع المصرى، وإنما لأسباب أخرى دون التصريح بهذه الأسباب، وتم وضع خطة بديلة محكمة لتسليم الجاسوس، ولكن دون إثارة الشارع المصرى، وذلك بتفعيل صفقة تربط الجانب المصرى والإسرائيلى.
وتم الاتفاق على تسليم الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط والذى تحتجزه فلسطين، مقابل الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطينى بالسجون الإسرائيلية، وذلك برعاية مصرية، على الرغم من أن إسرائيل كانت ترفض هذا العرض سابقا ولا تريد فك أسر أى فلسطينى لديها مهما كانت الصفقة، واليوم إسرائيل ترضى بهذه الصفقة التى هى بداية لفك أسر الجاسوس الإسرائيلى المحتجز بمصر.
خلال تسليم الجندى الإسرائيلى، تم إطلاق شائعة أن مصر تنوى تسليم الجاسوس الإسرائيلى مقابل الإفراج عن 81 أسيرا مصريا بالسجون الإسرائيلية، وكالمتبع فى سياسة جس النبض تم تتبع رد فعل الشارع المصرى، وكان الرد بالقبول والرضا عن تسليم الجاسوس الإسرائيلى.
وعلى الفور خرج علينا السيد المسئول بأنه يتم تدارس الأمر، وتم تحريك ملف الأسرى المصريين بناء على طلب ذويهم، وسيتم اتخاذ كافة السبل للإفراج عن أسرانا لدى إسرائيل مع إمكانية تسليم الجاسوس الإسرائيلى.
هنا تمت الصفقة.. وتحددت ملامح زيارة وزير الدفاع الأمريكى.
