طالما كنا نسعى إلى الإنصاف وإلى أن نتحاور مع الآخر وكنت قد كتبت سالفاً عن الإنصاف وحاجتنا إليه وكان من ضمن ما ذكرت أقسام الإنصاف ومنه إنصاف العباد ويُقصد به أن يقوم المسلم بإنصاف الغير من نفسه أو ممن يحب، حتى لو كان هذا الغير مخالفاً له فى الرأى، أو فى الدِّين، أو فى المذهب، أو غير ذلك مما يقتضى التحامل، وأن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، وأن تعفيهم مما تحب أن يعفوك منه.
وهو ما أرانا فى مصر بل وفى العالم العربى والإسلامى أحوج ما نكون إليه وخصوصاً فى المرحلة الراهنة التى تختلط فيها الأوراق والأفكار وغير ذلك.
لقد توقفت كثيراً أمام ما فعلته منظمة اليونسكو مؤخرا بتصويت 147 دولة بالإجماع لصالح انضمام بلدنا العربى الغالى الأصيل (فلسطين) للمنظمة والاعتراف بها دولياً وتحدى 14 دولة ممن كانوا يرفضون الاعتراف بفلسطين وهو ما لابد أن نقف أمامه ونتأمله جيداً لا سيما ونحن نعيش الربيع العربى والذى طالما خُدعنا قبله بأشياء وهمية وأباطيل زائفة كان يُرددها أُناس من بنى جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ويعيشون بيننا بل وكانوا أولى الأمر بالنسبة لنا..
فماذا حدث للعالم؟!!!! كأننى أرى العالم يفيق من غفلة وخداع ووهم عاشه لسنوات طوال.
إن أولى ما أراه أمامى الآن هو أن أشكر من صوت لصالح الاعتراف بفلسطين دولياً حتى ولو كان من غير المسلمين ولكى أكون مُنصفاً بحق فيجب أن أُذكر نفسى والقارئ المحترم بما جاء فى نصوص القرآن ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [ المائدة :8] فهؤلاء القوم الذين وافقوا غيروا مسارات كثيرة لهذه الدولة الحرة الأبية التى عاشت قروناً وسنوات يتجرع أهلها ويلات الظلم والقهر من الخارج والداخل لسنوات معدودات فأصبح أقل الأشياء وأيسرها يُدخل البهجة والسرور عليهم حتى ولو كان حقاً لهم،،،، لكنه أصبح مُكتسب فى زمان يختلط فيه الحق بالباطل ولأن الناس شهداء الله فى الأرض وجعل الله تعالى الإنسان خليفة له فى أرضه فإننى رأيت أنه من الواجب على كمواطن عربى مسلم يحاول أن يكون مُنصفاً أن أُقدم الشكر لهؤلاء المُصوتين وأن أدعو من نبضات قلبى وأعماق وجدانى وسواكن ضميرى كل شرفاء العالم العربى والأوروبى وفى جميع المنظمات أن يعترفوا بفلسطين دولياً وعالمياً من اليونيسيف إلى الصحة العالمية إلى الغذاء العالمى إلى كافة المنظمات الدولية والعالمية ليعلم العدو الصهيونى الغادر أن العالم لن يسمح له أن يعيث فى الأرض فساداً وأن الآدمية والعائلة البشرية لابد وأن تحترم حقوق وكرامة الإنسان لا لأجل شئ سوى أنه إنسان حتى ولو اختلفت معه فى الديانة وكما جاء فى نص القرآن وفى نفس السورة (المائدة) فى قصة قابيل وهابيل (من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أوفساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً...)
إن ما فعله المصوتون لصالح فلسطين شهادة عظيمة سيسطرها التاريخ وسيسجل أن العالم قادر على تحدى الغطرسة أو القوة البشرية مهما كانت حتى ولو كانت من الولايات المتحدة الأمريكية.. والتى تستخدم حق الفيتو فى غير محله دائماً لصالح عدو غادر غاشم إلا أن الله تعالى إذا أراد أن يُتم نوره أتمه حتى ولو كان على غير أيدى المسلمين.. إننى اليوم أعيش حالة من السعادة الغامرة لما حدث فى فلسطين فى الأسبوع الماضى من تحرير الأسرى وفى الأسبوع الحالى من اعتراف منظمة اليونسكو العالمية للاعتراف بفلسطين عالمياً ولربما كانت أفعال بسيطة وقليلة فى حق شعب مطحون وسط طاحونة غير عادلة تدور حول الكرة الأرضية لكن بداية الغيث قطرة،،، وفرحة وسط الزحام نخرج بها من أحزاننا ونسأل الله تعالى أن يُكملها لنا بأن يُقر اعيينا بتحرير فلسطين.
وكما قال الصحابى الجليل سعد ابن معاذ (اللهم لا تمتنى حتى تقر عينى من بنى قريظة) نقول اللهم لا تمتنا حتى تقر أعيننا بتطهير القدس من الصهاينة مغتصبى أرض فلسطين وأن تجعلنا ممن يحررون المسجد الأقصى وأرض فلسطين واكتب لنا صلاةً فيه قبل الممات.
لكن السؤال يا سادة
هل لو أذن لنا الله تعالى بيوم نواجه فيه الصهاينة كعالم إسلامى أو أمة عربية إسلامية سنخرج لهذا الأمر العظيم أم سنظل نقول نحن وهم والآخرين؟!!!!
سؤال صعب وأرجو أن لا نتعجل فى الإجابة عليه إلا بعد مراجعة الحال العربى فى الأمة الإسلامية وأسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا، وأن يوحد صفوف المسلمين ويجمع شملهم.
محمود محمد الأبيدى يكتب: منظمة اليونسكو العالمية.. شكراً
الجمعة، 04 نوفمبر 2011 02:34 م