تعرضت مصر الثورة لأنواع مثيرة من اللخبطة، بدأت هذه اللخبطة مع إصدار الرئيس السابق عند إجباره على التنحى قرارا غير دستورى بتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد. أصدر أيضا ذلك الرئيس قبل ذلك قرارا بتعيين السيد عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات المصرية، نائبا لرئيس الجمهورية. فى ظلال شعب ثائر مشغول بالتقدم إلى الأمام فى ثورته، نرى أحداثا جساما لا يتمعن فيها أحد بما فيه الكفاية. نرى رئيسا يختار ألفاظه بخبث شديد، فيأتى بيانه أنه يتخلى وليس يتنحى عن رئاسة الجمهورية، ثم لا نرى توثيقا رسميا لهذا بتوقيعه، ولا بإعلان فى الصحيفة الرسمية، ولا حتى بظهور مباشر على الشعب.
يعلن علينا السيد نائب رئيس الجمهورية العبارة الغامضة الآتية: «إما الحوار أو الانقلاب» فى محاولته الأخيرة للضغط من أجل بقاء النظام. يتعثر الحوار بأمر من الله، بالرغم من فلول المعارضة المدسوسة من أمن الدولة على مر السنين. يخرج السيد النائب على أثر ذلك ببيان من رئيس الجمهورية يلقيه هو ولا يظهر رئيسه. يكلف الرئيس فى ذلك الوقت المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد بلسان نائبه الذى سبق أن كان أول من ذكر التهديد بالانقلاب. يتوارى السيد نائب رئيس الجمهورية، ولا يتساءل أحد عن موقعه بعد البيان الذى لم يذكره. هل سمع أحد بأن السيد نائب الرئيس الذى تخلى ولم يتنحَ قد استقال من منصبه رسميا؟. هل هناك دليل لدى الشعب بأنه لم يعد هناك نائب بعد تنحى الرئيس السابق؟. ما الموقع الحالى لرئيس المخابرات السابق الذى عُيّن نائبا عدة أيام فقط قبل التنحى؟
أصدر رئيس الجمهورية المخلوع قرارا غير دستورى بتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتولى إدارة شؤون البلاد. لم يكن هذا سندا كافيا أبدا لإسقاط دستور تم إقراره بواسطة استفتاء شعب، ولم يكن من مطالب الثورة سوى وضع دستور جديد للبلاد. تعيش البلاد منذ ذلك الحين فى فراغ دستورى تملؤه إعلانات دستورية ترمم بعشوائية خللا جذريا فى كيان الدولة، ويطلق هذا الفراغ يد المجلس الذى كُلف بإدارة البلاد إطلاقا.
أُجرى فى وقت سابق بعد الثورة استفتاء دستورى على تعديل مواد بعينها وأرقامها فى الدستور. قامت الأغلبية وأقرت تعديل الدستور السابق بنسبة 78٪ تقريبا، بهذه الموافقة الشعبية أصبح الدستور بتعديلاته ساريا فى ذهن كل من يفهم فى خط مستقيم. أصبح بالتالى من الواجب تطبيق نصوص هذا الدستور، والتى تنص على تولى رئيس المحكمة الدستورية العليا، وليس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إدارة شؤون البلاد، وأصبح عليه- دستوريا- الدعوة لانتخابات رئاسة الجمهورية خلال ستين يوما.
لم يرق هذا الفهم الواضح المستقيم لمن يدير شؤون البلاد بالكامل خارج نطاق الدستور. تم إهدار نتيجة الاستفتاء الشعبى الذى تكلف مائتى مليون جنيه، وصدر إعلان دستورى.
اليوم تُثار الشكوك فى أن النظام الذى قامت الثورة من أجل تغييره باق بشخوص أخرى، بعد استبعاد رأسه والعصابة التى أحاطت به فقط. القناعة تشتد بأن الثورة المضادة تكتسب أرضا جديدة كل يوم. ترتد ثورة الأحرار فى أجواء الغموض، وعدم الدستورية، وإطلاق يد المحركين الأساسيين لثورة مضادة من وراء الستار. فى أجواء الانفلات والفوضى يتم سحب ثورتنا على البارد من قبل من هددوا بالانقلاب، ونفذوه مطلقى اليد بدون قيد. مصر النهضة هى الضحية.. اللهم أنقذ مصر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد
اللي بيحصل في البلد مدبر
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل مكرم
ياعالم عايزين دستور