انطلقت سارينة عربة الإسعاف تملأ المكان صخبا.. جاء الصوت إلى مكتبه مقتحما.. قام إلى غرفة الطوارئ مسرعا.. وجد الجميع مصطفا.. متأهبا.. منتظرا.
شىئ تعود عليه منذ سنوات طويلة.. هذا الصوت المزعج يمثل إليه شيئا فريدا.. يمثل إليه تحديا يتجدد.. ومع انطلاق صوت السارينة.. تولد حكاية وقصة جديدة.
خليط من البشر.. الغنى والفقير.. الكبير والصغير.. لحظات الشقاء والمحنة.. لحظات الأمل والرجاء.. لحظات انفراج الغمة.. لحظات التمنى والفرح..!!
مكان تتفاعل فيه جميع المشاعر الإنسانية.. تختلط وتمتزج فى لحظة واحدة.. كم يعشق تلك اللحظات التى يتصارع فيها مع القدر.. فتوهب على يده الحياة أحيانا.. ويخسر الجولة أحيانا.
أوقات يحس بالفخر والانتصار.. وعندما لا تطاوعه الأقدار.. لم يستسلم أبدا للانكسار، بل كانت نفسه تشعر بالاستقرار، لأن القادر الجبار كان له اتخاذ القرار.
كان يتهم بالغرور.. فكان يضحك فى نفسه ويقول.. كيف يكون لإنسان يعايش ليلا ونهارا الأقدار.. ويسأل فى كل لحظة الرءوف الغفور.. أن يصاب بالغرور..!!
الطبيب جعله الله سببا لحياة إنسان إن وفقه فى القرار.. ويجعله سببا لفقدان الحياة لو جهل السبيل لانتشال الروح إلى طريق الفرار.
حياة تكتب من الموت.. وموت يكتب من الحياة.. يشاهد ردود أفعال مختلفة من البشر.. فمن قمة الإحساس والهلع.. إلى قاع البلادة وغياب أى مظهر للفزع..!!
يؤتى بأحدهم وتوهب له الحياة بعد أن التفت الساق بالساق وظن أنه الفراق.. ويأتى من يمشى على قدميه غافلا ويخرج محمولا على الأعناق..!!
جبابرة كانوا يمشون فى الأرض مرحا.. توهموا أنهم يحلقون فوق البشر.. غرتهم دنياهم وغروا بها من حولهم.. وفى لحظة تجدهم لا حول لهم ولا قوة وقد زاغ البصر..!!
النظرة الواثقة أصبحت حزينة منكسرة.. الروح القادرة أصبحت ذليلة مبتئسة.. ينتظر كلمة تخرج من بين شفتى أحدهم تجعل أمله فى الحياة يعود.. لحظتها يتذكر أن الرحمن موجود.. ترى من حولهم وقد تحول البأس والشدة والطغيان.. إلى دعة وانكسار وسكون.
انطلقت فى الأجواء صوت السارينة تعلن عن قدوم حكاية جديدة.. تحوم حول المكان الملائكة فى انتظار إشارة الرحمن.. هل المكتوب عمر جديد أم نوم مديد..!!؟
أصطف الأحباب.. من العيون ينطلق الرجاء.. بالرغبة فى البقاء.. نظر إليهم ولسانه يقول.. ألتمس يا مسكين جود رب العالمين.
أنطلق الجميع.. يمارسون حكاية تتكرر مع كل صوت للسارينة، ولكن أين سترسى السفينة..!!
لو يعلم الإنسان.. أن قدرة فى يد خالق الأكوان.. لما طغى وتكبر.. وعلى المساكين قلبه تحجر.. أعلم أيها الغافل.. أنها لحظة.. ومع انطلاق السارينة. عمرك أصبح رهينة.. فهل من مقدر..؟؟ هل من عاقل يعى ويتدبر..!!؟
د. طارق النجومى يكتب: سارينة.. هل من معتبر..؟؟
الخميس، 03 نوفمبر 2011 04:59 م
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جيهان الحسيني
حكمة الحياة التي نحن عنها غافلون
عدد الردود 0
بواسطة:
شامية
ونعم بالله ..ويأتى من يمشى على قدميه غافلا ويخرج محمولا على الأعناق..!!
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير احمد مشيمش
وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور .
عدد الردود 0
بواسطة:
اكرم
مقال جميل يذكرنا دائما بالمصير
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدي يوسف
وقفه مع النفس
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمان محمد البستانى
تحياتى اليك دكتور طارق النجومى
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
حياة تكتب من الموت.. وموت يكتب من الحياة.
عدد الردود 0
بواسطة:
سامى النويهى
أين سترسى السفينة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبداللطيف أحمد فؤاد
Happy feast my favourite newspaper and page and all my freinds
عدد الردود 0
بواسطة:
د.آلاء عبد الحميد
رائعة الدكتور طارق