أرسلت (ن.خ) إلى افتح قلبك تقول:
أنا فتاه عمرى 23 سنة، نشأت فى أسرة مفككة جدا، والداى دائما فى خلاف، وغالبا غير موجودين معنا معظم الوقت، لكن الحمد لله أنا حافظت على نفسى وعلى انضباطى وعلى أخلاقى بدون أى رقيب، وأوشكت على الانتهاء من دراستى الجامعية، بالاعتماد على نفسى، وبمساعدة إخوتى الأكبر منى، كنت أحلم طول الوقت مثل كل فتاه بفارس الأحلام الشهم الحنون الذى سيأتى لينتشلنى من هذا البيت المؤرق والمزعج، وقابلته، منذ 3 سنوات، أحبنى وأحببته، وحكيت له كل ظروفى بكل صراحه، كما أنه عاصر معى كل مشاكلنا الأسريه طوال فترة الثلاث سنوات الماضية.
ارتبطت به جدا، وأصبح هو ملاذى الوحيد فى هذه الدنيا، فقد كان هو الإنسان الذى يسمعنى ويفهمنى ويخفف عنى، وقد كان يفعل ذلك بحب لا مثيل له، ثم جاء الوقت المناسب لأن يتقدم لخطبتى كما اتفقنا، فإذا به يتراجع فجأه!!، لم أفهم ما السبب فى البداية، كذلك هو تردد فى إخبارى بالسبب، لكنه فى النهايه صارحنى بأنه فعلا يحبنى كإنسانه ويريد الارتباط بى، لكن ظروفى الأسرية والمشاكل التى نعانى منها باستمرار هى التى منعته من الارتباط الرسمى بى فى آخر لحظه!!.
صعقت.. ذهلت.. انجرحت منه جدا، هو من عرفنى وعاشرنى وفهمنى لمدة ثلاث سنوات يقول ذلك، فماذا سيقول الآخرون الذين لا يعلمون عنا شيئا سوى ظاهر الأمور؟، هو من أحبنى، وأنا متأكدة من ذلك، يفضل الابتعاد عنى، فماذا سيفعل من لا يحبنى؟، ماذا سأفعل بعد أن أصبح كل شىء فى حياتى, وبعد أن أصبح هو أملى الوحيد فى الحياة الهادئة المستقرة، والتى سأشعر فيها بالحب والراحة لأول مرة فى حياتى؟.
لا أنكر أن هذا الموقف هزنى بشدة، وزعزع ثقتى بنفسى كثيرا، لكن بالرغم من حبى له وتعلقى به، قررت أن أحافظ على كرامتى الشىء الوحيد الباقى لى، وقبلت أن أبعد عنه، وأنا لا أفهم ما ذنبى ولا ماذا جنيت ليعاقبنى هو عليه!.
مرت فترة قصيرة وعاد ليتصل بى، ويقول لى إنه لم يستطع الابتعاد عنى أو نسيانى، فهو يعرف أنه يحبنى، وأكد لى أنى أنا الإنسانة التى تمنى طيلة حياته الارتباط بها، لكنه يخاف من تأثير تفكك أسرتى على حياتى أنا وهو فى المستقبل، ثم فاجأنى باقتراح غريب، حيث طلب منى أن أمهله 3 أشهر نتواصل فيها كما كنا سابقا، وبعدها سيبلغنى بقراره النهائى سواء بأنه سيتقدم لخطبتى أم لا.
والسؤال الآن هل لم تكن تلك الثلاث سنوات كافية ليقرر ما إذا كنت أصلح للزواج به أم لا؟، وهل الإنسان الذى لم يتقبلنى فى ثلاث سنوات سيتقبلنى فى ثلاث أشهر؟، ماذا ستغير فى هذه الثلاثة أشهر فى الأمر؟، هل أقبل عرضه بجملة ما مضى من الوقت؟، أم أرفض وأبتعد عنه؟، وماذا لو انتظرت الثلاثة أشهر ولم يتغير موقفه؟، ماذا سأفعل وقتها؟، وكيف سيكون حجم الألم والإحباط لدى بعد أن رفضنى مرتين؟.. ساعدينى ماذا أفعل؟.
وإلى (ن) أقول:
مشاكلنا العائلية لا ذنب لنا فيها بكل تأكيد، لكنها للأسف تؤثر دائما على حياتنا، خاصة عند الارتباط والزواج، خاصة فى مجتمعنا الشرقى، أنا لا أعرف طبعا وضعك العائلى بالضبط، وما مدى هذه المشاكل، لكن الزواج يعنى زواج أسرتين وليس زواج فردين، أى أنك عندما تتزوجين شخصا يجب أن تكونى متقبلة والد ووالدته وإخوته، لأن هؤلاء هم من سيكونون أهل أولادك فى المستقبل وعائلتهم، والذين ستلصق بأولادك كل محاسنهم وعيوبهم طول العمر فيما بعد، لهذا اعذرى هذا الشخص فى أنه خائف من وضع نفسه وأولاده مستقبلا فى مشاكل مدى الحياة، فهو من حقه ومن حق أولاده عليه أن يتخير لهم بيئة مستقرة، طبيعية ومتزنة، لكن ما أتعجب منه فعلا هو أنه لم يصارحك بذلك على مدار 3 سنوات، ألم ينتبه إلى تلك المشاكل من قبل؟.
انتظاره كل هذا الوقت فى حالة عدم اتخاذ قرار، وتراجعه عن الارتباط الرسمى بك فى آخر وقت قد يكون له تفسيران، الأول أنه شخص غير جاد، كان يتسلى ويلعب طول هذه المدة، استمرأ فكرة بعد أهلك عنك، واستضعفك، فقرر أن (يعيش اللحظة) معك، وأن يستمتع بحبك وبمشاعرك إلى حين أن يأتى وقت الجد، فيبعد عنك وكأن شيئا لم يكن.
والتفسير الثانى هو أنه أحبك فعلا، وأنه صادق معك فى مشاعره وفى رغبته فى الارتباط بك، لكنه خائف من وضع نفسه وأهله وأولاده فى مشاكل لا صلة لهم بها، خاصة لو كانت مشاكل من النوع الضخم، كالمحاكم والقضايا وما شابه، هو أيهما؟، أنا لا أعرف، أنت وحدك من تستطيعين الجزم بقوة وصدق مشاعره تجاهك، وإن كنت أرجح، لكن لا تعتمدى على ترجيحى لأنه من بعيد، انه هو الاحتمال الثانى، وبنيت ترجيحى هذا على ثقتك من أنه يحبك فعلا، وعلى حديثك عن احتوائه لك، وحنانه معك طوال السنوات الماضية، فاعتقد أنه إن لم يكن يحبك بصدق، لم يكن ليتحمل المشاكل طول هذه الفترة، ولم يكن لينجح فى إشعارك بالحنان والتفهم والاحتواء بحق كما قلتى.
إذا ما العمل؟، أنا رأيى أن تمنحيه فرصة أخيرة، تدعى له فيها الوقت ليتغلب على مخاوفه، ويقرر من داخله أن إحساسه تجاهك يستحق بعض التضحيات ومواجهة المشاكل، أقول أعطيه الفرصة لكن بطريقة مختلفة عن التى طلبها هو، كيف؟، سأخبرك..
أمنحيه تلك المهلة التى طلبها، لكن بشروطك، بمعنى آخر (اتقلى عليه)، أفهميه أن تركه لك بعد هذه المدة فاجأك وجرحك وهز صورته فى عينيك، وأنك أنت أيضا بحاجة إلى إعادة النظر فى الارتباط به، وأنك بحاجة إلى التفكير فيه وتقرير ما إذا كان هو الشخص المناسب الذى يصلح لتحمل المسئولية فى المستقبل أم لا، أشعريه أنه هو أيضا محل دراسة واختبار، وأنك من الممكن جدا أن تقبلى أو ترفضى أنت الأخرى، أخبريه بأن كل منكما فى حل من ارتباطه بالآخر طوال تلك الفتره (3 أشهر)، وصممى على ألا تعودا للتواصل من جديد كما كنتما سابقا، حتى لو شعرتى بافتقادك له، وبأنك تحنين إلى التواصل معه، اثبتى على موقفك ليفقه أنك لست تحت أمره ورهن إشارته، وأنك أمامك فرص أخرى غيره، وأنه من الممكن أن ترتبطى بغيره فى أى وقت، ثم اتركى الكرة فى ملعبه، فبالتأكيد إحساسه بأنك لم تعودى (مضمونة) سيغير من الأمر، فبعد أن يوقن أنك من يتمناها، وأنك تستحقين، وأنك ربما تضيعين منه إلى الأبد، بالتأكيد كل ذلك سيجعله يأخذ قراره فى أسرع وقت ممكن، وربما لن تضطروا إلى الانتظار الثلاثة أشهر.
لكن اتفقى معه بوضوح من الآن أنه إذا عاد لك (وأنت وافقتى على الرجوع إليه) فلن يفتح موضوع مشاكلك العائلية هذا مرة أخرى، وخذى منه العهد بأنه لن يأتى اليوم ويعايرك أو يقلل من شأنك بسبب هذا الموضوع، قولى هذا وأنت كلك ثقة بنفسك، لأنه هناك الكثير من البنات مثلك وفى أوضاع أسوأ ومع هذا تجد من يحبها ويقدرها، ولأنك لم تكذبى عليه أو تزيفى الحقائق، وهذا يحسب لك بكل تأكيد.
كلمه أخيره، أرجوكِ أن تضعيها فى ذهنك دائما، حتى لو لم يختارك، وحتى إن كان أضعف من أن يتحمل عواقب الارتباط بك، وحتى إن فقدتيه وأنت تحبينه، لا تجعلى هذا أبدا يغير من نظرتك لنفسك، ومن اعتزازك بذاتك، فأنت بالرغم من كل المشاكل التى مررتى بها، إلا أنك نجحتى فى أن تكونى إنسانة سوية وناجحة، استطعتى أن تعتمدى على نفسك وقاربتى على الوصول إلى بر الأمان، فستتخرجين وتعملين وتبدأين حياة جديدة مختلفة تماما عن كل ما سبق، وهذا ليس بالشىء السهل، فما أكثر الشباب التافه الضائع بالرغم من توفر كل الرعاية له، على عكس ظروفك تماما، إذ أنت لست بالشخصية الضعيفة أو القليلة، أنت إنسانة جديرة بالحياة المحترمة، والتى حتما ستجدينها طالما حافظتى على تقديرك لنفسك، ولم تسمحى للظروف المحيطة أن تهز من إيمانك بالله.
وختاما (ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك)، أى أنه لا أحد منا يعرف أين نصيبه، والذى حتما سيصله مهما حدث، لهذا اطمئنى واهدئى بالا، إن كان هذا الإنسان هو المكتوب لك فى السماء، فسوف تتزوجان مهما حالت بينكم الظروف والعقبات، وإن لم يكن هو فما أدراكِ؟ ربما القادم أفضل؟.
للتواصل مع د. هبه وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com
(افتح قلبك مع د. هبه يس).. جاى يفتكر بعد 3 سنين؟!
الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011 12:23 ص