ما أخطر سلاح الخيال على النفوس، من الممكن أن يمهد القلوب لتنال الخيرات أو أسوأ العقبات، ربما كان هو الهدف، الطموح، الإرادة، أو أن يصبح الحذر، الخوف، القلق، الانهيار.
ينشأ الإنسان منذ طفولته متشوقاً إلى التعرف على الدنيا، متسرعاً فى فهم كل ما حوله، وسرعان ما يتلقف أى معلومة حتى وإن كانت ناقصة ليكملها فى خياله، أخيراً عرف الإنسان معنى الأب والأم والأرض والوطن والبطل والحب والعزة والحرية.
كون معرفته بتلك المعانى وغيرها فى خياله، بعد أن نسج آلاف المعلومات فى عقله ليصورها فى قلبه ويكون منها معتقداته وتظهر فى أعماله وردود أفعاله، فإن كانت تلك المعلومات كاذبة، نتج عنها خيال مريض وحلم عاجز، لا يقوى على مقاومة تحديات الواقع ويتلاشى هارباً إلى القلوب الحائرة المتسائلة عن سبب عجز الحلم عن التحقق.
حين لا يرث الأبناء من آبائهم معلومات سليمة تصنع خيالاً جميلاً لحلم تشترك كل الأسرة فى تحقيقه، حينها يفقد الإنسان إحساسه بدوره فى أسرته ويفقد انتماءه لها، ليبحث عن مصدر معلومات جديد يمكنه من صنع خيال ليصنع منه حلماً يشعره بدوره فى الحياة.
ما أصعب ألا يرث الأبناء خيال وطموح الأجداد وتجارب الآباء، وألا يرى الابن أباه مجرد أب، وأمه مجرد أم، وبيته مجرد بيت، وفى نفسه مجرد إنسان يأكل ويشرب وينام، وربما انتشر هذا الأمر بنواحى أخرى، فلا يكون المعلم رمزاً للعلم، ولا القانون رمزاً للعدل، حين تكون كل معطيات الحياة مجردة من معنى يعمق دورها بالنفوس، حين يبحث الابن فى ميراثه المعرفى فلا يجد به حلماً يكون بطلاً فيه فيبحث عن هوية أخرى ينتمى لها بعيداً عن بيته عله يحقق بطولته.
ما أقسى أن يتشارك أبناء الأسرة الواحدة فى كل شىء إلا الخيال والحلم والهدف، قد تجدهم يتشاركون المكان لكن فى كل إنسان وطن، وطن تحتله الأحزان، وآخر تحتله الهواجس، وآخر تحتله الحيرة، وآخر تحتله المفاسد، ولمَ لا؟ وكل إنسان خرج باحثاً عن حلمه بغير كتاب معين أو دليل عليم.
ما أحوجنا إلى تحرير أوطاننا التى تكونت بداخل كل منا ليجمعنا وطن واحد نحلم به جميعاً، حلماً صادقاً واعياً واثقاً من صدق المعلومات التى تغذى بها الخيال، حلماً يتحول لهدف محدد الخطوات والأوقات، تحققها نفوس جريئة فى مواجهة الأخطاء، وقلوب متطلعة لتحدى العقبات، تثق فى بعضها وتعبر فوق المحن والأزمات.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام كرم الطوخى
وطن واحد
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
سلمت يداك
عدد الردود 0
بواسطة:
شاكر رفعت بدوي
كلمات بديعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شاكر رفعت بدوي
كلمات بديعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمان محمد البستانى
دائمماً متالق
عدد الردود 0
بواسطة:
جيهان الحسيني
ثراء و رقي و إصلاح و رؤية واضحة في كتاباتك
عدد الردود 0
بواسطة:
ولاء المصري
ما بين القناعة والطموح
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود كرم الدين محمود
أشكركم جميعاً وإليكم أهدي تلك الكلمات