إنها مسرحية الحياة مسرحية الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. إنها مسرحية الإنسان كى يكون إنسانا. وعلى أكبر خشبة مسرح فى التاريخ "مسرح التحرير"، تحرير العقل من عبودية الجهل وتحرير الخوف من تسلط الظلم وتحرير الأمل من جبروت الظلام.
عادت المسرحية بعد توقف استمر أشهر طويلة، عادت من جديد، كل من هناك يؤدى دوره على أكمل وجه، فها هى الجثث تتساقط وها هو شلال الهتاف يدوى "الشعب يريد إسقاط النظام"، وها هم حبات الندى الطاهرة يجرون هنا وهناك مرة يحملون قتلاهم ومرة يطببون مصابيهم وتارة يناوشون كلاب النظام من شرطة وعسكر.
من هناك بالميدان من خيرة شباب مصر ينتظرون تلك اللحظة بفارغ الصبر إنها اللحظة التى لن تتكرر للصعود على خشبة المسرح، مسرح " أكون أو لا أكون"، هؤلاء ظلوا فى الكواليس وخلف الستار لمدة ثلاثين عاما لم تتح لهم الفرصة للتعبير عن إمكانياتهم ومواهبهم لم يجدوا من يفجر جينات التفرد بداخلهم، وجدوا أجيالا سابقة ساكنة لا تتحرك بطيئة كالسلحفاة تعيش كأهل الكهف بين اليقظة والنوم، هؤلاء الشباب وجدوا أجيالا تسبقهم لا يحترمون آراءهم ولا يقدرون طاقاتهم. والآن وقد سنحت الفرصة، فرصة الحياة فلن نسمح بأن تضيع أعمارنا مرة أخرى فى انتظار لحظة أخرى قد تتكرر ونحن بين الأموات.
وخارج المسرح فى البيوت وفى الشاشات تجد المشاهد الصامت الذى يتعاطف أحيانا يتضايق أحيانا وأحيانا أخرى يشعر بالخوف رغم أنه طيلة حياته يعيش فى جبن ولامبالاة، الفرصة لن تتكرر لمن يريد أن يعتلى خشبة المسرح لكى يجد نفسه وقيمته وكرامته فى هذه الدنيا التى خلقنا الله لنخلفه فيها، قد يكون هذا هو الفصل الأخير، قد يكون مأساويا مليئا بالألم ولكنه حتما سيسدل الستار على شمسا مشرقة لغد أفضل نحن أصحابه وصانعيه، سنتعلم فيه وسنجرب وسنخطأ وسنصيب وسنتمرد ثم نتعقل بعد ما تعلمنا التجربة، هكذا كل من سبقونا، لم تكن أبدا هناك مدينة فاضلة ولكن لابد من أن تكون مدينة مليئة بالكرامة والحرية لخليفة الله على الأرض.. إنها الفرصة الأخيرة لجيل يحتاج أن يعبر عما بداخله، هل ستشارك فى الفصل الأخير وتصنع لوحة يخرج منها أمل لى ولك؟! أم هل ستظل صامتا سلبيا تدعى انك تخشى على أولادك وعلى وظيفتك؟! هل ستصفق لك الدنيا وتنحنى إعجابا بالإنسان الذى أبى إلا أن يكون غير الإنسان؟! أم هل ستنهال عليك لعنة القدر و الإنسان و التاريخ.
الأمر متروك لك حتى تقرر ما يجب أن تكون .........
