كشف الإخوان المسلمون، منذ قيام الثورة فى مصر وحتى الآن، عن فكرهم الحقيقى كـ"طائفة"، وليست جماعة إسلامية أو سياسية أو حزبية، حيث أوضحت كل المواقف التى مرت بها مصر عبر الشهور الماضية، أن تلك الجماعة لا يعنيها من شئون الوطن شيئاً سوى مصالحها الذاتية الوصولية، وسوى لهفتها الجائعة إلى السلطة، التى ظنت أنها قاب قوسين أو أدنى من يديها، وهو الهدف الأول الذى تسعى إليه، والذى دفعها إلى تبديل مواقفها حسب مؤشر المصلحة، بغض النظر عن مصلحة الوطن أو المواطن، وبغض النظر عن حسابات المبادئ الأخلاقية، والقيم الدينية التى تتحدث عن نصرة المظلوم، وإغاثة الملهوف، ونجدة المكروب، وغيرها، ناهيك عن فضيلة الإيثار، والتى نقصد بها إيثار مصلحة الوطن والشعب على مصالحها "الطائفية" الخاصة.
ولكن يبدو أن مبدأ الولاء والبراء للجماعة كان هو الحاكم فى قراراتها، وهو الذى أقعدها يوم الكرّ، وواراها يوم الكرب، لتبيع دماء من جعلوها اليوم جماعة غير محظورة، ذات حزب ومقر، وذات حيز للحركة، فإذا بمرشدها يوم التقى الجمعان، وسالت دماء شباب الوطن على أسفلت التحرير وتخومه، يمنع شباب الجماعة، ويحضهم على التخاذل، بحجج ملتبسة وساذجة، ويدعوهم إلى القعود للصلاة والدعاء والقنوت، بينما يئن المئات، وتزهق أرواح العشرات، فيما نراهم يتصايحون ويرجفون، ويثيرون الأتربة والغبار كلما اقترب أحد من منطقة الانتخابات التى يعتبرونها غنيمتهم العظمى، التى يريدون اقتناصها، ولو ملطخة بدماء شهداء الوطن، فى هذه المرحلة.
ورغم كل محاولات الإخوان للدفاع عن أنفسهم بعد أن تبدى للناس ما كانوا يسترون، من أن مشاركتهم ستؤدى إلى مزيد من العنف والقتل والتخريب، فهو – وللعجب - نفس ما قالته الجماعات السلفية، ونفس ما قاله الإخوان أنفسهم فى بدايات ثورة يناير، والتى واكبوها بعد أن بدت لهم ملامح انتصارها، واليوم يعيدون نفس الكرّة، بعد أن حقق الشباب الثائر فى التحرير بعض المكاسب، بتحديد جدول زمنى من المجلس العسكرى، واتضح لهم أيضا أن الشعب المصرى يستطيع أن ينجز ما يريد بدونهم، وهو ما سيلقى بهم خارج دائرة التأثير، بعد أن خدعوا المجلس العسكرى وبعض وسائل الإعلام بأنهم القوة الأكثر تأثيراً فى الحياة السياسية، وهى الخدعة التى أسقطها شباب الثورة خلال الأحداث الأخيرة.
فلا يختلف الإخوان إذًا عن فكر الطوائف والأقليات، حيث يُعلون مصالحهم على مصالح بقية الشعب، وينتمون للجماعة قبل انتمائهم للوطن، ولو تعارضت المصلحتان فإن مصلحتهم هى الأَوْلى والمقدمة على كافة المصالح، ويبدو أن سنوات عملهم السرى أثرت على سلوكياتهم ومنهجهم، كما يبدو أنهم يوجدون لأنفسهم المبررات الأخلاقية تارة والدينية تارة أخرى لابتلاع تلك الحالة المسمومة، حيث يبررون انتماءهم لأنفسهم باعتبارهم الفرقة الناجية، بين الآخرين الفاسدين من علمانيين وليبراليين فاسقين، وكما أفصح مرشدهم السابق أنهم يفضلون رئيسا ماليزيا لمصر على رئيس قبطى، فإن من الواضح أن الأممية مازالت تغلب على القطرية فى فكرهم، ولذلك فليذهب القُطر إلى الجحيم مادامت مصالحه تتعارض مع الغرض والهدف والمقصد، وهو تمكين الجماعة من أجل تنفيذ الهدف الأسمى الذى يقنعون به أنفسهم وأتباعهم، وهو الخلافة الإسلامية.
وإذا كانت الإخوان تنتهج نهج الطوائف، وتعتنق فكر الأقليات، فى الانحياز لأبناء الجماعة فقط، ونصرتهم فقط، وتشغيلهم فقط، ومساعدتهم فقط، بل وكما قال أحد نجومهم، فهم يحثون شبابهم وفتياتهم على الزواج من بعضهم فقط، فإن "الجماعات" السلفية لا تذهب بعيداً عن ذلك أيضا، حيث هى الأخرى تتحدث عن مصالحها، ويسيل لعابها على مقاعد البرلمان والقفز على السلطة، وتحاول أن تبتلع الفكرة الديمقراطية علنا، فيما تنكرها سرا، وتتحدث عن قبول الآخر على سبيل الدعاية، فيما تعتبر كل من عداها "أغيارا" وغير صحيحى العقيدة والمعتقد، بما فى ذلك الإخوان الذين قالوا عنهم كثيرا فيما مضى إنهم يمارسون السياسة، باعتبار أن ذلك سُبّة، وأنهم يسعون للحزبية، وهو ما كان يرفضه الفكر السلفى، إلى أن لاحت لهم فكرة امتطائها كوسيلة، وحَلَت فى عيونهم السلطة كغاية، والتى إن وصلوها –وهو ما لن يكون - فسوف يعضون عليها بالنواجز، وسوف يقاتلون من يحاول منافستهم عليها، أو تداولها معهم، فليس من فكرهم أن يترك "المؤمنون" الحكم لـ"الفاسقين"، بل يجب قتالهم عليه، حسبما يعتقدون.
هكذا تبدو الحياة السياسية والاجتماعية والدينية والفكرية فى مصر فى خطر داهم، طالما قسّمها "الطائفيون الجدد" بفكرهم الإقصائى إلى أغيار وأخيار، وإلى جماعات كافرة وأخرى مؤمنة وثالثة بين بين. وفيما يبدو أن هناك لعبة تقسيم أدوار بين الجماعات السلفية، التى اختلفت من قبل على الحكام والخروج عليهم، واعتبر البعض منهم أن مبارك هو أمير المؤمنين، ولا يجوز الخروج عليه، ولا تجوز محاكمته، فيما نرى سلفيين آخرين يبيحون هذا وذاك، ولا ندرى أى "سلف" يتبع هؤلاء، وأى "سلف" يتبع أولئك، على الرغم من أن كلا الفريقين يجد مبررا فقهيا للآخر، فيما يذهب إليه، وإن كان يخالفه ظاهريا فى تلك الوجهة.
ولكن تقف هنا أسئلة حائرة بين تلك الجماعات والفرق والطوائف، إذا كنتم جميعا سلفيين، وتتبعون سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما ذهب إليه السلف الصالح، فلماذا أنتم فرق وأحزاب ومذاهب وتيارات، بين سلفية علمية وسلفية جهادية و"سلفية أمن دولة" وغيرهم، باعتبار أن الإخوان أيضاً يقولون إنهم جماعة سلفية؟! وإذا كنتم فجأة آمنتم بالعملية السياسية والتحزب، فهل تؤمنون بتداول السلطة مع تيارات أخرى علمانية وليبرالية إذا اختارها الشعب؟.
عدد الردود 0
بواسطة:
dandy
فاتك القطار
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن
ربنا يهدي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سالم
مت بغيظك
عدد الردود 0
بواسطة:
هيثم
قل موتوا بغيظكم
موت بغيظك يا جيمى
عدد الردود 0
بواسطة:
اخواني و سلفي و اسلامي و لو تحب كمان ارهابي
اخواني و سلفي و اسلامي و لو تحب كمان ارهابي
عدد الردود 0
بواسطة:
Boistyboy
انا هاخد من مقالك آخر سؤال وهسالهولك بالعكس..؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
فارس
هههههههه
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
كلما زاد هجومكم علي التيار الاسلامي كلما التف الناس حولهم
عدد الردود 0
بواسطة:
ma7md
عفوااااااااااااااااا
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو رحمة المنصورة
يكفى عليك هذة التعليقات