حتما سنغادر.. بهذه الحتمية التى أكدها فناء الأشياء سنغادر الجماد سيغادر.. الزهور الملونة ستغادر.. العصافير التى تطرق على نوافذنا كل صباح لتسعدنا أيضا ستغادر، ولعبة الحياة ستنتهى حتما وننتهى.
حتما سنرحل.. بذكرياتنا المليئة بالدُمى، وكراريس المدارس، بالطباشير الملونة وصخب الضحكات، بالحب القديم والجرح الغائر وألم الفراق حتما سنرحل. بالقلب الملىء بالندبات الذى طالته الأحزان كثيراً والأفراح قليلا.. سنحمل كل الأثقال ونرحل أخى مات شابا وهو يستعد للحياة! صديقتى الجميلة تركت ثلاثة أبناء وراءها ورحلت قبل أن ترقب ابنتها فى عرسها! قريبتى الغالية أيضا ماتت وهى فى أوج فرحتها بنجاح أبنائها.. قطتى البيضاء، ووردتى الحمراء وشجرتى الوارفة كلهم سيغادرون حتما سيغادرون.. فبأى شىء ستحتمى وقوارب الإنقاذ قليلة والأمواج عالية، والبحر الصاخب لا يعرف صديقا؟ لن يفُرق الموت وهو يحصد الأرواح بين شيخ وطفل بين مُعّمِر قارب المائة ورضيع لم ير من الحياة شىء بعد! ليس يأسا ذلك الشعور الذى ينتابنى بين وقتٍ وآخر بأن رحلتى قاربت الوصول وأن قطار العمر يمضى حيث رحلته الأخيرة.
إنها الحقيقة وغيرها وهم، تخيل، أحلام نغرق بها لنسعد.. لنخفف وقع الحياة الثقيل، لنلون الأحزان ونُحلى أيامنا.. شعور صادم ربما لكنه الحقيقة كل الحقيقة.. الحكاية بلا نقصان، بلا إضافة المُقّبلات والمشهيات لنستطعم بها أكلة مُربكة للمعدة اسمها (الحياة). نُلاطفها فتأبى!، نُجمِّلها فتمسح عنها الرتوش، نخضع لها فتقسو! كل الأرصدة إلى نفاذ، وكل من كنا نحتمى بهم، نأتلف معهم ونأتنس بهم رحلوا.. رحلوا، ولن يبقى سوى نفسك.. فخفف حمولتك واصعد.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
hossam eldaly
جميل جداااااا ولكن ...
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود كرم الدين محمود
انتقال لا رحيل