محمد أبوزيد الطماوى

جامعة للشعوب أم للأنظمة ؟

السبت، 26 نوفمبر 2011 10:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لأول مرة فى تاريخ العالم العربى اتحدت الشعوب بطريقة لا إرادية، للأخذ بزمام التغيير مهما كان المصير، الهدف هو إزاحة تلك الأنظمة المستبدة، وبرغم الإمكانيات الضعيفة، والأصوات المرتعشة، والقلوب الخائفة نجحت فى أن يصل صداها إلى أعلى قمم الحرية، حتى زلزلت العروش العاتية التى احتكرت الحكم لعقود كانت أشبه بطريق نجاح نحو الانتحار.

ومع هذا كله فقد كان موقف الجامعة العربية معاكساًً لما يطلبه الجمهور، فقد تخاذلت عن تحقيق الهدف الذى أنشئت من أجله "الخضوع للإرادة الشعبية "، ولذلك كانت كثيرة هى رؤوس الأقلام التى دونها المراقبون للمشهد السياسى، وكشفهم انعدام الرؤية الاستراتيجية للجامعة، من جانب تحديد معايير علاقة الأنظمة والشعوب، حيث ُبنى هذا المصطلح من خلال المواقف التى اتخذتها الجامعة تجاه الثورات العربية، بداية من تونس إلى سوريا، فقد كان موقفها من الأولى " بأن ما حدث هناك شأن داخلى"، وكان نفس التعبير أشبه مع الثورة المصرية، خاصة - الأمين العام - يحتمل أن يلعب دوراً سياسياً فى الفترة القادمة، فكان موقفها مع مصر وتونس أقرب من المثل الشعبى " امسك العصا من النصف" يعنى ارتدت ثوب الحيادية السلبية ، ثم هلت بشائر الثورة فى "ليبيا" لتأخذ الجامعة العربية خطوة تعتبر إيجابية بارزة ربما تكون الحسنة الوحيدة لتعجيلها بالقرار، حينما علقت عضوية ليبيا وطلبت من مجلس الأمن اتخاذ الإجراءات لحماية المدنيين، وتبعها الموقف مع "اليمن" فألقت ملفها برمته إلى مجلس التعاون الخليجى، وإلى الآن لا نرى إلا تفاقما فى الأوضاع وحروبا شبه أهلية إضافة إلى الكبر الذى زاد عن حده من " صالح ".

وأخيراً الرياح الغاضبة التى هبت لتجتاح الشارع السورى لإنقاذه من هواء أهل الفساد الملطخ بالدماء، فلاقت تلك الرياح طواحين وحشية وعنفا بالغ التصورات، ليصبح موقف الجامعة أكثر سوءاً، بل وصف بالقشة التى قصمت ظهرها، لأنها لم توجه نقدا علنيا واضحا تجاه النظام السورى، وكل ما قامت به هو دعوة للإصلاح ، ومن هنا يأتى رأى المراقبين أن الجامعة تأخرت فى قرارها الخاص بتجميد عضوية سوريا، وسحب السفراء العرب ، وكان عليها ممارسة الضغط والقوة تجاه "بشار وأعوانه " على سبيل إنهاء العلاقات الاقتصادية .

من خلال هذا العرض المختصر لمواقف الجامعة العربية التى هى أقرب من أن تكون جامعة الأنظمة وليست الشعوب ، التى لوحظ فيها تجاهل الفوران الشعبى وتحويلها إلى عمليات إصلاحية، يؤكد أنها هيئة إدارية وليست سيادية ذات طابع خاص من القرارات ،أى أنها لا تستطيع أن تتخذ موقفا سياسياً مستقلا ، بعيداً عن رأى الدولة الثائرة فى طبيعة ما بداخلها، ومن هنا نستطيع القول بأن الحديث عن تطويرالجامعة العربية فى ظل نظامها المكتوب فوق عرشه "البقاء للأقوى " لن يأتى بعواقب ملموسة يمكن الاعتماد عليها فى تطوير ومكانة المواطن العربى والعلاقات المشتركة ، فيبقى الوضع كما هو عليه .

الحل هو أن تسير الثورات العربية برغم بطئها فى استخدام سلاح الضغط الشعبى السلمى ، وتواصل نجاحها ومواكبة التطوير، وسحب البساط من تحت الطغاة الجبابرة ، الذين استعبدوا أناسا ولدتهم أمهاتهم أحرارا ، وبعد ذلك تنشأ لنا أنظمة أكثر قوة واستقلالا وحرية؛ وحرصا على ما يريده شعوبها واحترام إرادتهم، سيكون نتيجة ذلك جامعة عربية ( محصلة لدول قوية )، تأبى ما يطلبه الحكام بدون رغبات الشعوب ، وليست كما نراها الآن محصلة دول ضعيفة وأنظمة ظالمة .

فلننتظر الصوت الحر الممثل من الشعوب والأنظمة معا ، ونترك للقارئ السؤال الذى لابد أن يوجهه كل عربى ، يرغب فى العدالة والحرية والمساواة ، من يؤثر فى من الجامعة العربية أم الثورات العربية ؟!!





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

مصطفى الطبجي... كاتب ساخر

كلام سليم

عدد الردود 0

بواسطة:

Dr Ashraf Ismail

A well planned fate

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود المصري

خربها عمر موسي

عدد الردود 0

بواسطة:

على الحوفى

فى الصميم

عدد الردود 0

بواسطة:

رحمه

رائع ربنا يحفظك سؤال فعلا مهم جدا وموضوع اهم

روعه

عدد الردود 0

بواسطة:

نزار الريدي

المقال محترم و الكاتب اكثر احتراما"

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود رمضان

ربنا يوفقك

عدد الردود 0

بواسطة:

أبومعاذ النحاس

لله درك يا عملاق الكتابة

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد جابر

مبني بلا معني

عدد الردود 0

بواسطة:

رقيه محمد

مقال رائع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة