تعالت الأصوات المنددة بموقف الإخوان المسلمين، من عدم نزولهم لميدان التحرير، خاصة بعد تنظيمهم لمليونية المطلب الواحد، وذلك على مدار الأيام الماضية، وكال إليهم الكثير من ثوار التحرير الاتهامات، التى بدأت بتخوينهم للثورة، والعمالة للمجلس العسكرى، ونهاية بالانكباب على الفوز بكعكة الانتخابات حتى لوكان ذلك على حساب مصلحة الوطن.
واسمحوا لى أن نطرح موقف الإخوان ونُحكم فيه العقل، حتى لا يأخذنا التعصب الأعمى، وفورة الثورة، وحماس الشباب الذى أصبح فى أمس الحاجة للاستنارة بحكمة المنطق والخبرة السياسية، فلا يستطيع أحد أن يزايد على جهاد الإخوان قبل وبعد الثورة، فالكثير من المعارضين نعم بالاشتباك الناعم مع نظام مبارك، لكن من ذاق الأمرين وعانى من غيابات السجون والمحاكمات العسكرية هم الإخوان، كما أن شباب الجماعة كانوا وقود الثورة منذ اللحظة الأولى، كما كانت الجماعة الحاضر الدائم فى كل ما يجمع القوى السياسية ولا يفرقهم بعد الثورة، وخير دليل على ذلك مبادرة التحالف الوطنى، الذى يخوض الان الانتخابات بكل قوة بمختلف أجنحته.
لكن إذا تطرقنا لموقف الإخوان من تطور الأحداث الأخيرة، فعلينا أولا أن نؤكد على موقف الإخوان من التمسك الكامل بتسليم العسكر لسلطة مدنية ووضع جدول زمنى لانتخابات الرئاسية، وإخضاع العسكر وميزانيتهم لمؤسسات الدولة، ولعل المليونية الأخيرة واستهدافها إسقاط وثيقة السلمى، وخاصة مايخص الجيش فيها، خير دليل على حدة الموقف وعدم المساس بمدنية الدولة. فمن العيب كل العيب أن يتهم بعض القوى السياسية فصيلا وطنيا كالإخوان بالخيانة والعمالة للمجلس العسكرى، فى حين أن الإخوان كان موقفهم واضحا وضوح الشمس من اتهامات الخيانة والعمالة للخارج، لبعض قوى الثورة وعلى رأسهم حركة 6 أبريل وقياداتها،وتصدى رموز الجماعة بكل قوة لهذه الدعوات ورفضوا شق الصف بمثل هذه الدعوات، ولعل موقفهم من هذه القضية دفع المجلس العسكرى للتراجع عن موقفه من هذا الملف.
كما أن الإخوان دأبوا فى تحركاتهم، حتى فى أحلك اللحظات وأشد الضغوط، على تحكيم العقل والمنطق حتى يبرئوا ذمتهم أمام الله من أى أخطاء، لذا رأى الإخوان بعد دراسة الموقف بتأن، ألا ينزلوا للميدان بعد مليونيتهم، ولا يشاركوا فى مليونية الإنقاذ الوطنى التى نظمها شباب الثورة، وذلك لعدم زج البلاد فى مزيد من العنف والاحتكاك، ولتفويت الفرصة على الخلايا الكامنة للنظام السابق فى جهاز الشرطة، لسفك مزيد من دماء الشهداء، ولعل ما حدث من تطور لأحداث العنف وسقوط الشهداء، وطغيان بعض الضباط ومحاولة ثأرهم من شباب الثورة، يؤكد أن هناك مخططا مسبقا لشياطين الداخلية لإغراق الوطن فى بحور الدم، ودخول البلاد فى النفق المظلم، لذا كان من الحكمة والعقل تفويت الفرصة على هؤلاء المجرمين، الذين لابد من محاسبتهم فورا على سفك دماء شبابنا الأبرار، ولعل موقف الإخوان على مدار الأيام الثلاثة الماضية من اغتيال شباب الثورة، ومطالبتهم بمحاسبة المجرمين الذين تورطوا فى هذه الجريمة، ووقف العنف ضد المتظاهرين بالتحرير، يؤكد توحد الإخوان مع شباب التحرير وإن اختلفت المواقف.
ولعل موقف الإخوان لا يأتى على هوى الشباب المتحمس، الذى لا يرى إلا زهوة الثورة وأجواءها، لكن لابد من تحكيم صوت العقل، والتخطيط للمستقبل وإتاحة الفرصة للتفاوض بين أبناء الوطن، حتى نصل لحل يصب فى مصلحة البلد، وأرى أن الانتخابات وإتمامها بصرف النظر عن نتائجها، حل سحرى للمتاهة والضبابية التى نعيشها، وهى الطريق الأقصر للتخلص من وجود العسكر على رأس السلطة، وليس من الحكمة فى شىء أن نشعل نيران الاختلاف بين كل القوى السياسية ومؤسسات الدولة، فعلينا أن ننظر للمستقبل بعيون الحكمة حتى نخرج من هذه الفتن التى تضرب عرض البلاد وطولها.
إن تقدير جماعة الإخوان للموقف، تقدير بشرى يحكمه إخلاصهم للوطن، وحبهم لكل المصريين وحرصهم على حقن الدماء، ومن الممكن أن يكون صائبا أو مخطئا فهم ليسوا ملائكة، ومن حقهم اتخاذ الموقف الذى يرونه، ومن أبجديات الديمقراطية احترام رؤية الآخر، وإتاحة الفرصة له للتعبير عن موقفه، دون كيل الاتهامات بالعمالة والتخوين، فذلك مرض عضال إذا أصاب قوى سياسية بوطن أغرقهم جميعا فى بحور الانشقاق، وظلمات التراشق وهلاك التخلص من الآخر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
saidsawy
بارك الله فيك وانعم عليك الله بالفهم والعقل
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو عمر
كلام كالدهب
ينصر دينك أ هانى
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف ابو عميرة
الاخوان مدرسة فكرية متحضرة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله المنسي
بعد أن بدأت الحرب في وضع اوزارها
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد هيبه
ياريت حضرتك تبلغ كلامك ده لعادل السنهورى بك
فوق
وردا على مقاله
عدد الردود 0
بواسطة:
عزت المصرى
لم يخطئ الاخوان بل اخطأ الغلمان فى الميدان
عدد الردود 0
بواسطة:
mostafa
انصاف للاخوان ؟؟؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
د محمد
اتفق معك تماما
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام جودة
حتى الاعتذار مستكبرين عليه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
طيب هما ليه ماخدوش نفس الموقف العقلانى ده ايام مبارك ولا هما دلوقتى علشان عندهم حاجه يخسر