وائل السمرى يكتب.. الطريق إلى الميدان مفروش بخطايا المجلس العسكرى.. ومن أتى من الميدان عليه الرحيل أيضًا من الميدان.. وإن أراد المجلس استفتاء فليجعلها انتخابات بينه ومجلس رئاسى وطنى

الأربعاء، 23 نوفمبر 2011 11:23 م
وائل السمرى يكتب.. الطريق إلى الميدان مفروش بخطايا المجلس العسكرى.. ومن أتى من الميدان عليه الرحيل أيضًا من الميدان.. وإن أراد المجلس استفتاء فليجعلها انتخابات بينه ومجلس رئاسى وطنى التحرير - صوؤة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أن تسأل مستنكرا: الناس اللى فى التحرير دول عايزين إيه؟ اسأل نفسك صادقا: أنا قاعد فى البيت بعمل إيه؟ فليس بعد الروح ثمن لمن يؤمنون بفكرة أو حلم، وإلى الآن مات أكثر من 33 شهيدا على أعتاب التحرير، كذلك ليس بعد نور العين ثروة، وكم من أنبل وأجمل شباب مصر فقدوا أعينهم فى المظاهرات المطالبة بإسقاط الحكم العسكرى الغشوم.

لو قادك السؤال إلى محاولة التفكير فى أسباب نزول الشباب إلى التحرير وتضحيتهم بأرواحهم فى سبيل استكمال الثورة، فتعال معى لنستعرض أسباب هذا "الطيش الوطنى" الذى جعل من آلاف الشباب يعرضون أرواحهم إلى الموت فى سبيل فكرة أو حلم، والأسباب كثيرة، فقط اغمض عينك استرجع معى ميراث التسعة أشهر الماضية التى اجتهد المجلس العسكرى خلالها فى إفساد روح الثورة، والعمل على إفسادها، ومحاربة رموزها واتهامهم بكل الاتهامات الممكنة وغير الممكنة، وكانت النتيجة هى بقاء الوضع على ما هو عليه، وتفشى الفساد مرة أخرى، وتشغيل عجلة الإفساد بأقصى طاقتها، والكفر بكل مبادئ الثورة الشريفة والمجيدة الطاهرة، وليس بعد الكفر ذنب.

بدأت المؤامرة مبكرا جدا، وفى غمار الثورة وأفراحها المفترضة اجتهد الإعلام الحكومى والخاص فى إظهار بعض الشخصيات من النشطاء والسياسيين باعتبارهم أبطالا، وتم التركيز عليهم بكثرة، حتى تم تلخيص ثورة الشعب فى بعض أشخاص، ولأن كل ابن آدم خطاء اجتهد مستشارو السوء فى تعقب أخطاء البعض، واختلاق أخطاء للبعض الآخر، مع إطلاق الكثير من الشائعات حول النشطاء السياسيين والحقوقيين بقيادة قائد مليشيا الشائعات فى الجيش المصرى اللواء الروينى، وبفعل فاعل أجبر المتربصون الناس على كره بعض الشباب المحسوبين على الثورة، ولأن الناس لم تر من الثورة خيرًا لأن الثورة السياسية لم يعقبها ثورة اقتصادية ولا تصحيح الأوضاع المقلوبة، ازداد حنق الناس على الثورة بدلا من أن يزداد حنقهم على من يديرون المرحلة الانتقالية، وبدلا من أن يلتف المصريون حول ثورتهم، تفرقوا بفعل فاعل وعلت الأصوات الفاسدة مرة أخرى.

كان مفارقا أن الذين هتفوا فى الميدان "الجيش والشعب إيد واحدة" أن يهتفوا مرة أخرى، يسقط يسقط حكم العسكر، ومع الجزم بالتفريق بين الجيش كمؤسسة وطنية مخلصة، والمجلس العسكرى الذى يدير البلاد سياسيًا، فقد أصبح من العبث أن يتمسك الذين بذلوا أرواحهم فداء للحرية بالمجلس العسكرى الذى يبذل أقصى ما فى وسعه لكبت هذه الحرية ومصادرتها، فقد أصبح شائعا ومعروفا أن هذا المجلس لا يريد أن يسقط النظام الفاسد وإنما يريد أن يحتفظ به بكل هياكله ومدعماته ليغير ما يحلو له ويترك ما يحلو له، فكم مرة تساءل الثوار، لماذا يحافظ المجلس على فاسدى النظام القديم، ولا يريد أن التخلص منهم، ولماذا لا يريد تطبيق الحد الأقصى للأجور الذى سيضاعف مرتبات العمال الموظفين، ولماذا لا يدعم رجال الأعمال من قوت الشعب المصرى بعشرات المليارات "المبلغ قارب المائة مليار" وكان الجواب الذى أظهرته الأيام أنه يريد أن يحتفظ بالمستفيدين القدامى ليكونوا مستفيدين جددا، ليعينوه على حكم البلاد وإدارة الانقلاب على ثورة الحرية.

انظر إلى ما حدث فى التسعة أشهر الماضية فستتأكد أن ثمة مؤامرة حيكت بليل لإخضاع الشعب وتخويفه، انفلات أمنى مقيت وغير مبرر برغم أن الداخلية قادرة على وأده فى ساعات لو أرادت فمعظم البلطجية معروفون ومعظمهم أيضا صادر ضده أحكام قضائية نهائية وأماكن سرقة السيارات معروفة للجميع، والناس تتداول الأحاديث حول أن الضباط يعطون المبلغين عن سياراتهم المفقودة أرقام تليفونات السارقين ليتفاوضوا معهم على إرجاع السيارات، بما يوحى أن هناك مؤامرة مشتركة بين فاسدى الداخلية السارقين، كل هذا كوم واجتهاد المجلس العسكرى فى أن يفسد الثورة ويدس فيها تيارات دخيلة عليها كوم آخر، فقد اجتهد فى تدمير ائتلاف شباب الثورة بزرع عشرات الائتلافات التافهة، والمبالغة فى الاحتفاء بهم حتى يظن الناس أنهم هم الثوار، بينهم أعضاء فى الحزب الوطنى وآخرون أعضاء فى أحزاب أمن الدولة التى ظهرت أيام مبارك وبرعايته، وفى الوقت الذى اتهم المجلس شباب الحركات السياسية والحقوقيين بالحصول على التمويلات الخارجية جزافا، سمح ببقاء وزير مثل على المصيلحى فى وزارة التضامن الاجتماعى حتى يوافق على تمويل السلفيين بمئات المليارات، دون أن يوجه إليهم أى لوم ولا حتى عتاب.
من الناحية القانونية، لا يتمتع المجلس العسكرى بأية شرعية، فمن المعروف أن الدساتير تنهار حينما تقوم ثورات شعبية، لكن للأسف تمسك المجلس بالدستور المنهار واكتفى بتعديله، باستفتاء فاسد أبدى معظم الشعب ندمه على الموافقة عليه وبدأت مراحل انتهاك الاستفتاء بالإعلان الدستورى الذى فرضه المجلس العسكرى، والذى يعد أكبر انتهاك للمواد التى استفتى عليها الشعب، ثم بدأت عمليات انتهاك الإعلان الدستورى، الذى انتهك مواد الاستفتاء، فالمجلس لم يجعل الشعب هو مصدر السلطات كما فى "المادة 3" وانفرد هو بإصدار كل القوانين والاستحواذ على كل السلطات، كما خالف "المادة 5" ولم يبن اقتصاد المرحلة الانتقالية على العدالة الاجتماعية والحفاظ على حقوق العمال، وخصص الجزء الأكبر من الموازنة لرجال الأعمال والمستشارين كما انتهك الحرية الشخصية التى اعتبرها الإعلان الدستورى "حق لا يمس" بالمخالفة "للمادتين 8 و9" كما عامل المواطنين المقبوض عليهم معاملة مزرية تنتهك الكرامة الإنسانية، وآذاهم بدنيّا ومعنويّا فاعتقل الآلاف عشوائيّا عذب الكثيرين منهم فى المتحف المصرى والسجن وضرب أهالى الشهداء والمتظاهرين أمام المحاكم، وانتهك أعراض البنات، وبالمخالفة للمادة 12 من الإعلان بعدم كفالة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وانتهاك حرية الصحافة والإعلام، وترك الكنائس تهدم، وسن المجلس قانونًا لتجريم المظاهرات والاعتصامات دون وجه حق، وارتكب العديد من الاعتداء على الحريات الشخصية جريمة لا بالمخالفة لنص المـــــادة 17 .


كما انتهك المادة 19 التى تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، وأن المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه أمام قاضيه الطبيعى وحاكم الناس عسكريا بالمخالفة للمادة 20 و21

كما لم يعاقب المجلس من يقصر فى أداء عمله من وزارة الداخلية والشرطة المصرية والمصالح الحكومية والوزارات، بالمخالفة للمــــــادة 24، وتركنا نعيش فى «بلطجة وانفلات أمنى» يسخر من حقوق الناس ويهزأ بأمنهم وأمانهم، كما خالف المادة 51 التى تقول القانون ينظم القضاء العسكرى ويبين اختصاصاته فى حدود المبادئ الدستورية، وجعل القضاء العسكرى هو الذى ينظم القانون وينتهك المبادئ الدستورية، كما خالف المادة 55 التى تنص على أن الشرطة هيئة مدنية نظامية، تؤدى واجبها فى خدمة الشعب، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن، وجعلها أداة قمع وتعذيب وفقأ أعين، ولم يمرر المجلس العسكرى قانون الطوارئ على مجلس الشعب أو على أى من ممثلى القوى السياسية ولم يستفت الشعب قبل تطبيقه بالمخالفة للمادة 59 من الإعلان الدستورى، وفرضه بالقوة دون الرجوع لأحد.

أضف إلى ما سبق من انتهاك للشرعية لم يبادر المجلس العسكرى بعمل أى خطوة من أجل الثورة، ولم ينفذ مطلبًا واحدًا من مطالبها إلا بعد التهديد والوعيد والمليونيات الحاشدة، وهذا يدل على نيته المبيتة للاستكانة على فساد النظام القديم، الذين يضمن ولاءهم لأى سيد يتسيد عليهم، ليضمهم إلى الجمعية التأسيسية التى يريد أن يشكل 80% من قوامها، لينفذوا ما يريد ويعطوا له الصلاحيات المطلقة فى إدارة شئون البلاد، محتفظا بسرية ميزانية الجيش والمعونات التى يتلقاها من أمريكا ومهددا النظام الديمقراطى الوليد بانقلاب عسكرى فى أى وقت وبحكم الدستور.


الأغرب من كل ذلك أن المجلس العسكرى سن الكثير من القوانين المتعارضة مع أهداف الثورة كقانون الطوارئ وقانون تجريم الاعتصامات والمظاهرات، وفى ذات الوقت حافظ على قوانين مبارك الفاسدة التى سنها مجلس الشعب المزيف ليحافظ على النظام الفاسد، مثل قانون الاحتكار وقانون المناقصات والمزايدات، وقانون حماية الآثار، وقانون التأمينات الاجتماعية، وفى الوقت الذى حاكم فيه الثوار عسكريا لم يتزحزح عن موقفه الرافض لإجراء محاكمة عاجلة لمبارك، ولم يكتف بذلك بل تهاون مع قتلة الثوار وأخفى أدلة اتهامهم، وضلل الشعب بمقولة إن المجلس حمى الثورة ورفض أمر مبارك بإطلاق النار على الثوار، بينما شهد المشير فى المحكمة لصالح مبارك.


والصعيد الخارجى مثله مثل الصعيد الداخلى، ملأ بالفساد والمفسدين، فقد حافظ المجلس على سفراء مبارك، وأتى بأحدهم وزيرا للخارجية، فارتكب حماقة لن تغفرها له مصر ولا شعبها بأن تزلف عن أمير السعودية بشكل مهين، ووصل الأمر إلى أن إحدى سفارات مصر فى أوروبا وثقت عقد بيع شركات حسين سالم المطلوب قضائيا لشريكه التركى، كما حافظ على السفير ماجد عبدالفتاح فى منصبه مندوبًا لمصر فى الأمم المتحدة بعد تسعة أشهر من قيام ثورة يناير التى حاربها وسعى إلى تقويضها بعلاقاته الخارجية منذ بدايتها، وهو الذى كان متحدثا رسميا باسم مبارك وسكرتيره الشخصى للمعلومات والمتابعة!!

تسعة أشهر من الخطايا قادت الشعب المصرى إلى الميدان، وقد كان من الممكن أن نتجنب هذه اللحظة، لولا الحرص الغريب على نظام فاسد لم يجد المصريون أملا فى الفكاك منه إلا تحدى بطش الداخلية وعشوائية المرحلة الانتقالية مطالبين بعودة المجلس العسكرى إلى ثكناته وتسليم السلطة إلى مجلس رئاسى مدنى، ضاربين بذلك المثل فى التحدى والاقتدار، مودعين عهد الاستكانة والخضوع، مؤكدين أن الشعب لن يصبر 30 عامًا أخرى على أى حاكم مستبد، ومما سبق يتح أن المجلس العسكرى أيقن أن شرعيته قد انتهت وأنه انتهك هذه الشرعية وارتكب من الممارسات ما جعله يخسر شعبيته التى كانت جارفة، ولهذا ألمح المشير طنطاوى فى حديثه أمس إلى إجراء استفتاء على هذه الشرعية، متجاهلا أنه أتى إلى الحكم من الميدان وليس باستفتاء، ومن جاء ومن يأتى من الميدان فعليه أن يرحل من الميدان أيضًا.

يقتل المجلس المتظاهرين فى الميدان، ثم يلجأ إلى لعبة مكشوفة فى بيانه هى الاستفتاء لكى يثير فتنة بين ميدان الملايين، وبقية المصريين، غير منتبه إلى أن المصريين قد تغيروا أيقنوا أن المجلس والأحزاب الورقية والجماعية الإسلامنجية، يلعبون بعواطفهم ويستغلونها، ويريد المجلس أن يعيدنا إلى الوراء مرة أخرى، ليخيرنا على طريقة استفتاءات مبارك، ما بين المجلس العسكرى والمجلس العسكرى، كما كان يفعل قائده حينما كان يجرى استفتاء من طرف واحد وما علينا إلا أن نقول "نعم أو نعمين" وهذا بالطبع عبث تجاوزه الزمن، ولذلك قلت فى لقائى مع الشاعر والإعلامى والرائع عبد الرحمن يوسف فى تغطيته لأحداث مليونية الإنقاذ الوطنى على قناة "سى بى سى" أن فكرة الاستفتاء بوضعها هذا غير مقبولة، وإن كان يريد المجلس حقا أن يجرى استفتاء فيجب أن يخير الناس بينه وبين قائمة مجلس رئاسى وطنى، لكى لا نقع فى فخ الاختيار ما بين المجلس العسكرى والمجهول، ودعوت بعض الشخصيات المحترمة المناضلة التى قالت "لا" فى وجه مبارك فى عز جبروته مثل الدكتور محمد البرادعى والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والمناضل حمدين صباحى والقاضى المستنير هشام البسطويسى والشيخ حازم أبو إسماعيل إلى تشكيل قائمة واحدة تقف فى وجه استبداد المجلس العسكرى، وهذا ما سيتحدد فى الساعات المقبلة إن شاء الله.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة