بعيدا عن الصخب الإعلامى، وتضليل التليفزيون المصرى، وتجاهل بعض قنواته لما يحدث فى ميدان التحرير، هل يصدق أى عاقل أن القناة الأولى المصرية كانت تذيع أول أمس الاثنين ورغم تصاعد الأحداث، وتزايد عدد المصابين وارتفاع أعداد القتلى، حلقة من برنامج "دنيا الثقافة"، ولا يستطيع أحد أن يقنعنى أن هذا طبيعى أو إنسانى أو مهنى بدعوى أن هناك قناة النيل الإخبارية، وهى التى تقوم بتغطية ما يحدث فى ميدان التحرير وباقى الميادين ومحافظات مصر المختلفة، وكأن التليفزيون بقيادته والمسئولين عن اتخاذ القرار، قرروا فجأة تثقيف الشعب المصرى، وزيادة وعيه لإدراك ما يحدث حوله، ومن يعمل فى التليفزيون المصرى ومشاهديه يعرفون جيدا أن البرامج الثقافية كانت دائما فى ذيل خريطة البرامج بالتليفزيون المصرى بكل قنواته، وعادة ما كان يتم بثها فى مواعيد متأخرة نوعا ما من باب ملأ الوقت وتعبئة الخريطة.
ومن الأفضل أن يغلق التليفزيون المصرى قنواته أو يطرح حلولا بديلة لتناول أحداث التحرير مثلما قام الإعلامى يسرى فوده فى برنامجه آخر كلام باستضافة الدكتور أحمد حرارة وهو طبيب الأسنان الذى فقد عينه قبل ذلك فى 25 يناير، ثم فقد عينه الثانية فى أحداث التحرير مؤخرا، أحمد حرارة ذلك الشاب الذى كان أمامه مستقبل واعد كطبيب، إلا أن الطبيب الشاب المناضل بهرنى بروحه وأدائه وحديثه رغم إصابته الجسيمة، وأخرجنى من حالة الإحباط التى أعيش فيها فى ظل إصرار المجلس العسكرى على التعامل مع ما يحدث على أرض الواقع بنفس طريقة النظام السابق دون تغير يذكر وكأنهم لا يتعلمون من الدرس، حرارة الذى فقد بصره ومعه فقد مستقبله المهنى، قال له يسرى فوده إن هناك أملا فى أن يستعيد بصره، أجابه حرارة بابتسامة تأخذ القلب "بداية قدر الله وما شاء فعل، وأنا أعرف جيدا أن حجم الإصابة خطير، وأن فكرة استعادة ولو بصيص ضوء من نظرى هى فكرة أقرب إلى الاستحالة.. إلا أن ذلك كله لا يهمنى أنا حظى كويس - تخيلوا حجم الإصابة وفقده لبصره وعمله ويقول أنا حظى كويس، قياسا لحجم الإصابات الأخرى- إلا أن حرارة يصر على أنه أفضل من غيره.
وحتى هذه اللحظة لا يعرف ماذا سيفعل هذا الطبيب الشاب، الذى يملك طاقة من الإصرار والحماسة، حيث قال إنه قد يلجأ لتعلم طريقة برايل ليحاول أن يستعيد ولو جزء من حياته، المهم أن يحدث التغيير، فى مصر فهو فقد عينيه من أجل أهداف عامة تتعلق بمستقبل أفضل لمصر، أحمد حرارة نموذج للكثير من الشباب المصرى الموجود بالتحرير والذى يعرف أنه لم يعد يملك سوى المواجهة لأنه لا يوجد شىء يخسره، لذلك على المجلس العسكرى أن يعى الدرس ويعرف أن التحرير به آلاف مثل حرارة، أفلا يبصرون؟
عدد الردود 0
بواسطة:
بحبـــــــــــــــك
عدد الردود 0
بواسطة: