فى هذه الأيام العصيبة والتاريخية فى حياة البلاد، أقولها بالصوت العالى لا إسلامية و لا مدنية و إنما وطنية، و لكنها ستكون وطنية حضارية تضمن الحقوق الواجبة للمواطنة، والوطنية حضارية معناها مرجعية إسلامية – قبطية – وإنسانية لا تشدد و لا تطرف وإنما تسامح واليد فى اليد هلالا ًوصليباً.
يجب أن يتوقف الجدل بين المدنية والإسلامية ويكون الإيمان بمصر من أجلها ومن أجل أبنائها ولا تستمر هذه الحلقة المفرغة... كفى كفى كفى... هذا الجدل يذكرنى بقول دارج ـ كدة كدة ولا كدة. كفاية يا ناس كنت أود الحديث عن عدد من النقاط المتصلة بالانتخابات البرلمانية و لكن فجيعة ميدان التحرير والشهداء، والمصابين الذين تجاوزوا 1700 مصاباً و من بينهم عدد كبير من الصحفيين استهدفوا استهدافاً مباشراً تجعلنى اليوم أتناول موضوع الانتخابات على مر الكرام.
الملاحظ أن المرشحين لعدد من الدوائر يمثلون جيلاً جديداً من المصريين نابه واثق الخطوة و معطاء و أحزن أن رجلاً مثل عمرو حمزاوى ينافس شابة ناشطة سياسية ترفع لها القبعات ويؤدى لها تحية تعظيم سلام و العكس صحيح كم كنت أتمنى أن يكون الدكتور حمزاوى و محفوظ على قائمة واحدة، و ظنى أن مثل هذه المنافسة بين جيل من الشرفاء سوف تتكرر فى دوائر كثيرة وهو أمر كنت أتمنى ألا يحدث.
ونفس الأمر ينطبق على مرشحى الرئاسة فلم يتحد بعد رجلين فى حملة واحدة ليكونا على بطاقة واحدة رئيساً و نائباً للرئيس، وربما الحديث فى هذا سابق لأوانه لأن مثل هذا البند أى البطاقة الموحدة للرئيس ونائب الرئيس يجب أن يتضمنها الدستور، أو مبدأ دستورى مؤقت حتى كتابة الدستور يتوافق حوله الأحزاب وكافة الأطياف السياسية.
وأعود إلى فجيعة ميدان التحرير فهل من المعقول الاستخدام المفرط للقوة غير المبررة؟ بالطبع هذا غير معقول و لا مقبول و هو مرفوض قلباً و قالباً و حتى عندما أعلن المجلس العسكرى أن الأمن لحماية المتظاهرين فى وقت متأخر من مساء، الاثنين، استمر الأمن فى مهاجمة العزل، فما هى القوة الخفية التى تحكم مصر؟ لابد من إجابات حاسمة على هذا السؤال و تحرك قوى لمواجهة الموقف.
وفى 28 نوفمبر القادم، تشهد البلاد المرحلة الأولى من انتخابات هى الأولى من نوعها منذ ستة عقود و المراحل الثلاثة سوف تحدد طريق مصر و لأن الشعب المصرى العظيم ليس أقل من غيره فى ضرب المثل الرائع فلابد من حشد ملايينه على غرار ملايين ثورة 25 يناير -11 فبراير لتحقيق رقم قياسى فى المشاركة فى الاقتراع لاختيار ممثليه فى مجلس الشعب ومن بعده الشورى.
فالناخب وحده يمكنه ترسيخ تقليد جديد من الحياة السياسية عنوانها الديمقراطية، وهو الذى سيقرر استعادة روح ثورة 25 يناير مع تعميقها و تأصيلها، و المحك هو تدفق المواطنين مسلمين وأقباطاً إعلانا وتأكيدا لمبدا المواطنة وإعلاء لعدم التمييز.
لا جدال فى أن تصويت الناخب ليس فقط واجبا و إنما هو فرصة لممارسة حقه فى تحديد هوية الجمهورية الثانية حتى لا تتكر مأساة انتخابات 2005 و 2010 لأن حق التصويت وممارسته و السماح بممارسة المواطنة تؤكد عودة ملكية مصر إلى مواطنيها من خلال ثورة 25 يناير، فالضمانة الوحيدة للحفاظ على هذه الملكية هى ممارسة الحق الانتخابى، وهى فرصة فريدة للمصريين ليقولوا من خلال بطاقة الانتخاب.. لا للتزوير، لا للفساد ولا لانهيار مصر، إذا عدنا إلى اللحظات المجيدة فى التاريخ المصرى، فإن ثورة 1919 هى الأقرب لثورة 25 يناير واقتبس من زعيمها سعد زغلول قوله المأثور " وكلاء نعم نحن لسنا بأوصياء على الأمة بل وكلاء عنها ولكن وكلاء أمناء فيجب علينا أن نؤدى لأمتنا الأمانة كما أخذناها منها" وقول مكرم عبيد" إن الذى ينتصر على غيره قوى، لكن الذى ينتصر على نفسه أقوى"، ونحن على أعتاب الانتصار على أنفسنا إذا قمنا بالممارسة الإيجابية للحق الانتخابى.
واختتم الحديث باقتراح من مصرية مغتربة لاستعادة روح الوطن من خلال تحويل الانتخابات القادمة إلى مهرجان فى حب مصر من خلال لجان شعبية تقوم بإعادة بمكبرات الصوت الأناشيد الوطنية فى الميادين و الحدائق العامة وتتقدم فرق الثورة الفنية بالعزف والغناء فى ليال الانتخابات لتدوى من جديد أغانى و موسيقى ثورة 25 يناير وروح ثورة 1919.