فى تقرير أعدته صحيفة "الجارديان" استطلعت خلاله آراء عدد من الكتاب والناشرين المصريين حول الأسلوب المتشدد للعسكر بعد سقوط "مبارك"، وتفشى حالة من الخوف لدى المصريين من فقدانهم للحريات التى اكتسبوها فى الأيام الأولى للثورة، وذلك فى ضوء عدة أحداث منها ما جرى فى التاسع من أكتوبر الماضى، حيث قتل 27 شخصا وأصيب 329 آخرين، خلال المظاهرة التى قام بها المسيحيون فى مصر، واُعتقل فيها أكثر من 30 شخصًا فيما عرف بـ"مجزرة ماسبيرو"، وتداول النشطاء مقطع فيديو يظهر عربات الجيش وهى تسحق المتظاهرين، وأعلن المجلس العسكرى أنه سيحقق فى هذا الحادث، إضافةً إلى أن المجلس العسكرى خلال محاولاته لحفظ الأمن بعد الثورة قام باعتقال 1200 شخص ومحاكمتهم أمام القضاء العسكرى، وبالرغم من كل ذلك، فإن البعض كان يرى منذ تنحى مبارك أن الجيش هو "الحارس للثورة". ووفقًا لتقرير "فإنه عند الحديث لأى شخص فى القاهرة يؤكد أن هذه "ثورة غير مكتملة".
قال الناشر إبراهيم المعلم مدير دار الشروق "هذه فقط البداية، فالبرغم من صعوبة الوضع منذ رحيل مبارك، إلا أن الناس أصبحت تتكلم بحرية، فالثورة أثبتت لنا أننا تغلبنا على مخاوفنا، وأعادت كرامتنا وثقتنا فى الأجيال القادمة"، فبعد مرور تسعة أشهر، المتظاهرون الذين نزلوا الى التحرير مطالبين بإنهاء حكم مبارك هم أنفسهم من يطالبون الآن بمزيد من المظاهرات للدفاع عن الثورة المصرية من المحاكمات العسكرية للمدنيين وعودة الرقابة الإعلامية التى يقوم بها الجيش، إلا أنه بالرغم من حالة الإحباط وخيبة الأمل، فلا يوجد شك فى أن الثورة قامت بتحول ثقافى وسياسى كبير.
إلا أن الأجيال الشابة يشعرون أن الثورة فى خطر، فعلاء عبد الفتاح، المدون المصرى الذى تم القبض عليه بعد نشره انتقادات للمجلس العسكرى، وعرضه على النيابة العسكرية التى اتهمته بسرقة سلاح عسكرى وإثارة الشغب، قالت أهداف سويف الأديبة والكاتبة الصحفية وخالة علاء عبد الفتاح، "مصر تدفع ثمنا غاليا لثورة شعبية بلا قيادة"، وتوضح أنه بالرغم من استبدال روح التفاؤل والأمل التى عاشها الشعب المصرى يناير وفبراير الماضى، بحالة من التوتر والقلق، إلا أننا لن نعود إلى الخوف من جديد، فالجميع يترقب ما هو قادم، ويعرف ما قام به الجيش، مضيفة "هذه هى نهاية اللعبة".
وأوضح التقرير أن هناك العديد من الكتاب المهتمين بتوثيق كل ما حدث ومازال يحدث فى مصر، مثل الكاتب خالد الخميسى الذى يقول "إن روح الأمة قد تغير، فنحن فى مصر لدينا ثورة حقيقية، ثورة نفسية، والاختلاف هو أننا ندرك قدرتنا على التغيير"، مضيفا "أن الجيش يحاول أن يبقى على نفس الأشخاص، ليقضى على على فكرة التغيير، إلا أن الثوار يؤمنون بقدرتهم على الاستمرار لتحقيق هذا التغيير، فالمصريون يجب أن يدركوا أن ما حدث هو ثورة اجتماعية، والثورة السياسية قادمة، وما نطلبه الآن أكبر من رحيل مبارك".
وقال الروائى علاء الأسوانى الذى يفرق بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة والجيش نفسه، "ما حدث منذ تنحى مبارك فبراير الماضى وحتى الآن، هو صراع بين رغبتين، رغبة الثوار، ورغبة المجلس العسكرى والتى تتعارض مع الثورة، فالمجلس يريد أن يحافظ على النظام القديم بقدر ما يستطيع، بينما يريد الثوار قرارت وأفعال ثورية".
وقال الأسوانى الذى نجا من طلقات القناصة فى التحرير أكثر من مرة كما أشار التقرير، " أكثر شىء أبهرنى فى الميدان، هو صمود المتظاهرين لحظة ضرب النار وسقوط العديد من القتلى، فلم يخف ذلك باقى المتظاهرين بل زادهم ثباتا ورغبة فى الاستمرار" مضيفا أنه خلال الثورة تحولت "الأنا" الى "نحن"، وأصبح الأشخاص لا يهتمون بحماية أنفسهم وساد شعور بأنهم جميعا يمثلون كيانا واحدا".
وأوضح الأسوانى أن مستقبل مصر ليس فى الانتخابات القادمة، ولكن فى قدرة الشعب فى التأثير فى ثورة أخرى، فقوة الثورة فى استمرارها وأن نبقى فى الشارع، مضيفا أنه يشعر بالتفائل، ويعتقد أن العشرون المليون الذين قاموا بالثورة يجب أن يعودوا الى الشارع مرة أخرى. ويضيف الأسوانى"أن دور الكتاب خاصة الروائيون أن يكونوا وسط الناس، فكونك كاتب يعنى أن تحافظ على القيم الانسانية من خلال روايتك، فالرواية هى لحظة صدق والأدب الجيد هو أداة لتفاهم الإنسانية".
وقالت الكاتبة نوال السعدواى، المناضلة السياسية والاجتماعية كما وصفها التقرير،" إننا قطعنا الرأس إلا أن الجسد مازال باقيا". وقالت أنها تحلم بهذه الثورة منذ أن كانت فى العاشرة، مشيرة الى غضبها الشديد بسبب محاولات الجيش للتقليل من دور النساء فى الثورة، والتى كانت تلعب دور رئيسى فى الميدان، إلا أنه بالرغم من كل ذلك تقول "أشعر بالتفاؤل وأثق فى الأجيال القادمة.
وقالت الكاتبة الشابة غادة عبد العال، المدونة ومؤلفة كتاب "أنا عايزة أتجوز"، " إن أربعين سنة من الفساد لا يمكن القضاء عليها فى عام واحد، أعتقد أننا نحتاج لمزيد من الوقت". كما تقول "ليس هناك فوضى ولكن حالة من الارتباك. وتساءلت عبد العال "إننا اذا وقفنا ضد الجيش الذى حمانا فى الميدان، فمن الذى سيكون فى صفنا؟".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة