توقف صاحبى عن الكتابة فلم أعد أقرأ له المزيد وهو النشيط أحب الدفق الجميل على الورق، وسبقنى فضولى وبعض من القلق خاصة وأنى أشاركه الرأى والكتابة، وأعترف أنى لست مثله فى هذه الأحاسيس الجياشة والتعبيرات الرائعة وتوجعاته التى تبدو معبرة عنه وكأنى أراه شاخصا على الورق.
سألته: مابك.. فينك من شهر لم تكتب سطرا واحدا سلامات رد على الفور وكأنه فهم ما أعنيه ماليش نفس خلاص أكتب!!
قلت ماذا ؟ ليه؟ كفانا الله الشر!!
قال: قرفت ..!
قلت: وكمان بتقولها بالعامى.. فقد تعودت أن ينطق لسانه العربية الفصحى حتى أثناء حوارنا معا، فحين ينطق بالفصحى أحس أنى لا افتقد اللغة العربية، الجميلة والتى شعرت بافتقادها لكثرة ما أقرأ من العامية والتعبير بالعامية والذى تحزب له الشباب خاصة أصحاب الفيس.. ثم تابع.
قال: مهما كتبت أنا أو أنت، مش حاسس بفايدة من الكلام ما نكتبه اليوم نكرره غدا بصيغة أخرى، الحال كما هو كأن أحدا لا يستمع إليك ودن من طين وودن من عجين.. تعرف أنا نفسى فى إيه؟ أذهب للوقوف هكذا بمفردى على شط النيل وأراقب المراكبية ومياه النيل التى تتحرك على مهل وبطء، وأشاهد البسطاء عاوز أحس إن الدنيا بخير وأنس السياسة والمظاهرات.
قلت: قول إنك عاوز تستجم وتاخد أجازة مافيش مانع وأنا اشجعك.
قال: أشكرك بس عاوز أكون لوحدى.... لوحدى.... كررها وتوقف عن الكلام وكأنه شرد بذهنه وأعرض بجانبه وألقى بنظرة بعيدة لا أعلم إلى أين؟ شعرت بعدها وقد تأسيت لصورته كأن حال من الاكتئاب الوقتى انتابته حال تنتاب أى كاتب عندما تصل الأمور إلى الغليان والشد والجذب مثل بركان أنذر أن يثور غير انه يعود ادراجه من جديد وكأنه تراجع عن قراره، أكاد أهتف لصاحبى الذى يحاول الاستسلام للاكتئاب وأقول له قولا جازما.
ألا سمعت من قبل أن كلام الله وقرآنه قد يئس وكف عن التلاوة وهو يتلى على مسامعنا ليل نهـار لأكثر من ألف وأربعمائة عام، ويذكر لنا بجلاء بين آياته صورة النبى الصبور الرائع نوح عليه السلام الذى صبر قرابة آلف عام يخاطب قومه، يتمنى لهم الهداية ولم يرفع راية الإعراض واليأس، ألا تجدر هذه الأمثلة أن تكون قدوة لنا نحن الكتاب عفوا يا صاخبى فلن يكف لنا قلم ولن يجف لنا مداد، سنظل على الدرب يا صاحبى ونقول هذا خطأ.. هذا صواب.. العدل.. الحرية. التراحم إنها سنة الله التى نكتشفها كل يوم، ونحن عنها غافلون يصر بعضنا على اليأس والذى يدفعنا أحيانا إلى الصراخ أو الانتحار!!!
