شرخ فى الجدار.. قصة لأشرف العشماوى

الأحد، 20 نوفمبر 2011 02:27 م
شرخ فى الجدار.. قصة  لأشرف العشماوى أشرف العشماوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ردد الحاجب بصوته الجهورى المميز العبارة الشهيرة.. رُفعت الجلسة نهض كامل بك المانسترلى رئيس محكمة الجنايات بهدوء.. دلف إلى حجرة المداولة يتبعه عضوا اليمين واليسار رياض بك توفيق ومحمد عبد المنعم المنضم حديثاً إلى تلك الدائرة بعد ترقيته مستشارًا.

-سأختص أنا بالنظر فى قضايا الاختلاس وإهدار المال العام وسأوزع عليكما باقى القضايا بالتساوى.. هكذا قال المستشار كامل وهو يدون فى ورقة أمامه بقلم رصاص حروف لاتينية A,B,C لتوزيع القضايا على أعضاء دائرته.

رجع المستشار رياض بمقعده للخلف قليلاً وأشعل غيلونه.. نفث فيه عدة مرات، ثم سحب منه أنفاساً متقطعة حتى اطمأن لوصول نيران عود الثقاب إلى أوراق التبغ بالكامل.. أطلق زفرة طويلة نحو رأس العود المشتعل حتى أطفأها ثم هزها مرتين بيده ليتأكد أنها خمدت تماماً ووضعها برفق فى المطفاْة التى يعلوها الصدأ أمامه مبدياً امتعاضه من عدم تغيرها من بداية العام القضائى رغم إحضاره لواحدة من الكريستال الفاخر من مسكنه.. وجه حديثه إلى رئيس الدائرة: هل الجلسات القادمة تبدأ يوم 28 يناير أم 29.

أجاب المستشار محمد عبد المنعم فى سرعة: يوم 29 يناير يا فندم لأن 28 يوم جمعة هب كامل بك واقفاً وقال: هذا أفضل.. إذن لدينا وقت كاف للمداولة وإنجاز القضايا أراكم على خير ونبدأ المداولة المبدئية الأسبوع القادم.

طوال الطريق الفاصل بين قاعة المداولة وجراج المحكمة يعلو صوت الحاجب الذى يتقدمه منادياً: طريق.. طريق.. من فضلكم يا أساتذة.. حتى يفسح مجالا لمرور المستشار الوقور الذى يعلو الشيب مقدمة رأسه وكأنه يغزوها ببطء ويغطى فوديه فيزيده وقاراً بينما يسير خلفه حارس المحكمة الصول رمضان وهو يلهث من جراء ثقل ملفات القضايا التى يحملها فى رابطة ورقية من جرائد قديمة ملفوفة بالدوبار القديم ويحتضنها بيده اليسرى بينما يحمل الحقيبة الجلدية ذات اللون البنى الداكن الذى يشبه وبر الجمل الاسيوى بيده اليمنى.

-كله تمام يا باشا.. يقولها فتحى عامل الجراج بعد أن تأكد من إغلاق صندوق السيارة الخلفى.. شيفروليه سوداء عتيقة موديل 1966.. يقودها كامل بك بنفسه و يعتز باقتنائها منذ أن ورثها عن والده.

يخرج كامل بسيارته وسط تحيات عسكرية من ضباط وجنود الحراسة بالمحكمة ودعوات الحاجب بأن يعود لهم سالماً الشهر القادم كالمعتاد.. بعد أن دس فى أيديهم الممدودة أوراقا نقدية.

فى المساء كان يشاهد التليفزيون مع زوجته قطعت عليه صمته ومتابعته وهى تتأهب للجلوس بجواره وتخرج نظارتها الطبية وتمسح عدساتها برفق لإزالة طبقة أتربة رقيقة علقت بها: هل أخبرك حارس العقار بأمر الشرخ فى جدار المنزل.. يقول إنه صار عميقاً.

رد كامل فى برود: لا تهتمى لكلامه.. الشرخ سطحى ولا يحتاج حتى إلى ترميم ويستطيع أن يحمل أساسات المنزل ستون عاماً أخرى..!

عبلة هانم وقد يئست من عدم موافقته على إصلاح الشرخ فأرادت تغيير دفة الحديث: لماذا تبدو واجماً هكذا إنك منذ بداية الجلسات هذا الشهر وأنت على هذه الحال!

كامل بك: لا أدرى إنما لدى خمسة قضايا كلها فساد و رشوة و اختلاس وإهدار للمال العام لا أعرف لماذا استشرى الفساد هكذا فى مصر حتى تغول.. تخيلى قضية منهم تخص نائب وزير يتقاضى نحو أربعين ألف جنيه شهرياً بدلات ومكافآت خلاف راتبه ومتهم بالاختلاس!!
عبلة هانم: وكم اختلس؟
كامل بك: نصف مليون جنيه بالتمام والكمال.. والتهمة ثابتة وأنا فى حيرة من أمرى هل أحكم عليه بالمؤبد أم أكتفى ببضعة سنوات فقط فهو فى السبعين من عمره ويمدون له منذ تسعة سنوات تقريباً وكان محل ثقة الوزير، كما أنه عضو بالحزب ولديه أبناء فى مراكز مرموقة وأحفاد فى مراحل التعليم المختلفة.. كيف لم يعمل حساباً لكل ذلك..!

عبلة هانم: ولماذا تركوه كل هذه السنوات فى منصبه! لا بد أنهم مستفيدون أيضاً من وجوده أو لا يعلمون عن أمره شيئاً وفى الحالتين تلك مصيبة!!

كامل: لا أعلم أنا أحكم من الأوراق التى أمامى ولا شأن لى بمن جدد له ندبه أو من أتى به إلى منصبه أنا لدى أدلة وبراهين وشهود ومستندات دامغة على الاختلاس.. ولا أجد له مبرراً.
عبلة هانم : وهل هناك اختلاس مبرر؟!
كامل وهو يبتسم: لا.. لا أقصد ذلك بالتحديد، وإنما لدى قضية أخرى اختلس فيها مدير عام مبلغ خمسين ألف جنيه من خزينة الشركة لإجراء جراحة لابنه الوحيد المصاب بالسرطان.. ربما يكون ذلك مبرراً لتخفيف العقوبة فلم أتشاور فيها مع زملائى حتى الآن ولكنه مدان على كل حال..

عبلة هانم وهى تحاول دفعه إلى الحديث أكثر حتى لا يعود لصمته: وماذا عن باقى القضايا التى لديك!
كامل بك: إهدار مال عام فى ثلاث وزارات خدمية.. للأسف الشديد يبدو أنهم يعتمدون على موظفين خربى الذمة لإهدار مئات الألوف من الجنيهات دون جدوى .. تخيلى أنفقوا أكثر من مائة ألف جنيه لطلاء واجهة مبنى وإصلاح الكهرباء به وتركيب محول بينما الأمر لايتجاوز فى أعلى تقدير ثلاثون ألف جنيه!!

عبلة هانم وقد أشاحت بيسراها ومطت شفتيها قليلا وبدت عليها علامات الامتعاض: المال السايب يعلم السرقة وأين الوزراء الثلاثة من ذلك كله؟
كامل بك: لا أدرى فالأوراق التى أمامى لا تشير إلى دورهم على الإطلاق ووكيل أول الوزارة لديه صلاحيات الوزير المالية والإدارية وهو الذى يعتمد المستخلصات المالية ويوقع أوامر الصرف دائما.
عبلة هانم: وهل كل ذلك كان دون علم الوزير؟!
كامل بك وهو يتثائب إستعداداً للنوم: لا أدرى.. الورق ليس فيه سوى ما قلته لك.. ثم هندم روبه الحريرى الأزرق الداكن وتوجه إلى غرفة نومه.. لم يذق طعم النوم فقد ظلت كلمات زوجته تقفز إلى رأسه لا تريد أن تتركها أبداً وهو كان مشغولاً بها أيضاً ولكنه لم يشأ أن يبوح لها بهواجسه فقد كان يوقن أنه لن يستطيع أن يفعل شيئاً حيال نظام فاسد يقدم موظفى الصف الثانى للمحاكمة قرباناً لكبار المسئولين، كما أن الأوراق لن تسعفه مهما حاول أن يطوعها...!!

- مؤبد؟! لا لا أنا رأيى عشر سنوات والعزل من الوظيفة عقوبة كافية، خاصة أنهم موظفون صغار.. أنا مع محمد بك عبد المنعم فى رأيه.. هكذا قال المستشار رياض توفيق عند المداولة عبر الهاتف فى قضايا الفساد الخاصة بكامل بك، والذى صمت برهة بعد سماع رأى رياض، مما دفعه لأن ينادى عليه عبر الهاتف متصوراً أن الاتصال قد قطع..

رد كامل بك فى هدوئه المعتاد: أنا معك يا رياض.. بس محمد عبد المنعم مكون رأيه على أساس أن النيابة لم تقدم الوزير للمحاكمة وإحنا معندناش حاجة فى الورق تقول كده وبالتالى ممكن رأيه يكون محتاجا الى إعادة نظر.. خصوصا إنه حديث العهد بالعمل فى الجنايات وفكرة سلطة الاتهام من عمله فى النيابة لا تزال مسيطرة على تفكيره بالتأكيد.

رياض توفيق: ربما ولكن عشر سنوات سجن ليست بالأمر الهين.. وفيها ردع كاف على أى حال اليوم 25 يناير ويتبقى أربعة أيام على الجلسات.. لدينا وقت نفكر مرة أخرى.. ثم انتقل به رياض إلى نقطة أخرى تماماً وكأنه يسحبه برفق إلى زمن آخر وحدث جديد..

رياض: هل سمعت سعادتك عن المظاهرات اليوم؟

كامل بك فى شرود: نعم رأيتها أيضا من شرفة مسكنى، فكما تعلم أنا أسكن فى قلب ميدان التحرير ومن شرفتى فى الدور السابع أستطيع مشاهدته بالكامل لقد رأيت الشباب وهم قادمون من ميدان الجلاء، لكن لم أستطع أن أحدد انتماءهم السياسى سواء من هتافهم أو حتى من هيئتهم..!
رياض توفيق: أكيد من الجماعات غياها أنا عندى إحساس قوى بذلك.. أو على الأقل ناس مأجورة..! البلد لا تحتمل مظاهرات أو احتجاجات وكل يوم أصبح لدينا كارثة ثم أردف.. والله يا فندم أنا منذ حادث الكنيسة ليلة رأس السنة لا أنام جيدا.. ربنا أنا لا أعرف لماذا تتركهم الحكومة يتظاهرون هكذا..؟!، أنا ضد المظاهرات على طول الخط..

أنهى كامل المحادثة فلم يكن راغبا فى سماع الباقى من حديث رياض فهو يعرفه جيداً.. مسالم لدرجة المهادنة ولا يشغل تفكيره بالشأن العام على الإطلاق..

جلس كامل فى الشرفة يتأمل الميدان..كان شبه خاو بعد أن انسحب الكثير من المتظاهرين من دائرته الخضراء وباتت هناك مجموعات قليلة لا تزيد عن العشرات كل منها متناثرة فى أرجائه يجمعون شتاتهم وكأنهم جنود خسروا معركة، ولكنهم لم يخسروا الحرب بعد..!

فى نحو الخامسة والنصف مساءً دق جرس الهاتف فى منزل كامل بك الذى لم يتمكن من أداء صلاة الجمعة فى عمر مكرم بسبب الزحام الشديد بالميدان.. كان المتحدث رياض توفيق، الذى ما أن سمع صوت كامل على الطرف الآخر حتى بادره: شفت إللى بيحصل يا فندم البلد بتولع والجيش نازل غالباً خلاص أنا قلق جدا..

رد كامل بصوت مبحوح قليلاً من جراء إطلاق القنابل المسيلة للدموع أسفل مسكنه ووصول آثارها إلى شرفته المطلة على الميدان: نعم الوضع حرج جداً والشرطة تجاوزت كثيراً مع المتظاهرين.. عشرات الجرحى سقطوا أمامى ربما كان هناك قتلى أيضاً لا أعرف.. أين أنت الآن؟

رياض: فى الفيلا بالمنصورية، ولكن الاتصالات مقطوعة منذ الصباح وكذلك الإنترنت.. بس فيه قنوات فضائية بتذيع مشاهد غريبة من الميدان إنما التلفزيون المصرى مطمنى شوية، وبيذيع مشاهد توضح أن الأمور هديت شوية..!

كامل مبتسما فى مرارة: عادى يا رياض طول عمرهم بيعملوا كده بس المشكلة أن المرة دى موش زى كل مرة.. أنا أول مرة أشوف شباب متحمس كده وصغير فى السن كمان وموش سكان عشوائيات وموش الجماعات إياها اللى إنتا خايف منها.. دول شبه ولادنا يارياض..
رياض توفيق بصوت متهدج: ربنا يستر يا فندم بس أنا فعلا خايف ومتوتر جداً وكمان ابنى فادى خرج من الظهر ومرجعش وموش عارف أوصله خالص..!

كامل: لا تقلق خير إن شاء الله ربنا يطمنك عليه.. على العموم هما أعلنوا حظر تجول يعنى مفيش محكمة بكرة.. حاول تتصل بمحمد عبد المنعم فى بيته وتقوله لأن أنا كلمته كتير لكن محدش بيرد وأنا عارف أنه موش متجوز وقاعد لوحده والاتصالات المحمولة لسه مقطوعة..

فى صباح الثالث من فبراير ألتقى كامل بك بالمستشار رياض توفيق بنادى الجزيرة العريق المطل على نيل الزمالك.. تلك المنطقة الراقية الهادئة وإن كانت لم تنم منذ أيام ولا تزال.. كان رياض توفيق متحمساً جداً لخطاب الرئيس مبارك الثانى وتوقع إنهاء حالات التظاهر والاحتجاجات.. ومع ذلك كان مضطربا.. يبدو وكأنه يقول أمراً ويكتم أمراً آخر يتوجس منه خيفة.. يتمنى الهدوء والاستقرار ويشعر ينذر عاصفة قريبة تلوح فى الأفق ولا يعلم لذلك سبباً واضحاً أو منطقياً.. كان قد تخلى عن غليونه المطعم بالعاج منذ أيام فقد نفذ ما لديه من مخزون التبغ المستورد فاضطر إلى العودة للسجائر وكان يلتهمها التهاماً لايكاد يطفى واحدة حتى يسارع بإشعال أخرى وكأنه يصر على أن يستبق الموت البطىء..!

كامل فى وجوم: أنا لا أرتاح إلى هذا الخطاب وإن كنت أميل إلى أن يتحقق إستقراراً وهدوءاً إلا أننى أخشى أن يكون هدوء من ذلك النوع الذى يسبق العاصفة ووقتها سيأتى الطوفان وسيقضى على الأخضر واليابس، لذلك أنا أشعر إننى بعد تفكير هادئ أميل إلى أن يترك الرئيس منصبه فورا فهو لن يستطيع القيام بأى إصلاح فى هذه المرحلة ولا فى هذه السن المتقدمة ولا بنفس رجال الحزب أو الوجوه القديمة..

رياض: لماذا هذا التشاؤم يا كامل بك!! بالعكس الرجل صادق معنا كالمعتاد ولقد أدرك خطأه حتى ولو كان رد فعله بطيئاً أو متأخراً فلأن الحدث أكبر من استيعابنا جميعا إلا أنه أفاق فى النهاية.. أنا على العكس منك.. متفائل جدا فما حدث سيشكل لديه هاجسا دائما بأنه قد يتكرر لذا سيمضى نحو إصلاح حقيقى وبخطى ثابتة..

رد كامل فى هدوء ووجه جامد تعلوه قسمات الجدية: من لم ينصلح حاله طوال ثلاثين عاماً لن يحقق شيئاً يذكر فى شهور قليلة ومن لم يتعظ من دروس التاريخ لن يفلح فى مستقبله أبداً.. ثق يا رياض فيما أقوله لك أنا قاربت على السبعين وسأخرج إلى المعاش بعد بضعة شهور من الآن ومن لم يكن صالحاً ومتوزاناً نفسياً قبل 25 يناير لن يكون كذلك بعدها ومن الملائم له أن يترك منصبه فذلك أكثر احتراما له ولسنه بدلا من أن يلقى مصيراً بائساً..

رياض: الجيش سيحميه ولا تنس أن أمريكا تؤيده.. ثم إنه فعل الكثير للبلد والفترة المتبقية شهور قليلة فما الذى سيحدث فيها وما الذى يملك أن يفعله؟ لا شئ.. هل تريد الفوضى بديلاً عن الاستقرار؟!

كامل: تلك كلمة حق يراد بها باطل.. أنا أريد الاستقرار ولكن الاستقرار الحقيقى والدائم لا استقرار مؤقت مزيف أشبه بالمسكن قصير المفعول.. أنت تتابع الأحداث من مسكنك مستلقياً على أريكة تأكل وتشرب وتنام وتشاهد ما تنقله وسائل الإعلام.. وتنظر من زواية محدودة وضيقة على حدث جلل فلا تقف على تفاصيله فتكون محصلتك ناقصة وبالتالى سيكون حكمك قاصراً فى النهاية.. أما أنا فأعيش فى قلب الأحداث.. شباب كالورود يتساقط شهيدا أمام عينى ودماء ذكية تسيل من أجساد طاهرة تفديك وتفدينى بلا مقابل سوى حرية بلد وتحرر وطن.. طلقات الرصاص فى كل مكان حتى أصابت بعضها نافذتى مرتان..

مخدومتى فقدت إحدى عينيها وهى تتفاعل مع الأحداث بالهتاف ملوحة بعلم مصر من شرفة مسكنى، شباب أعزل وكلهم فى عمر الزهور لو كنت رزقت بأولاد لكانوا مثلهم.. شاهدتهم يضحون بأرواحهم من أجل فكرة آمنوا بها.. نحن لم نكن مثلهم يوما ما.. لم تكن لدينا شجاعتهم ولا حماستهم ومهنتنا أضفت علينا ظلالاً كثيفة حجبتنا عن مخالطة فئات كثيرة مهمة.. فقط تعاملنا معها من خلال أوراق وتحقيقات ونظرنا اليها من برج عال..كان لدينا بصر ولكننا افتقدنا بعض البصيرة أحياناً..!!

أراد رياض أن يغير دفة الحديث فلم يكن يرتاح لسيناريو استمرار الاحتجاجات والاعتصامات بالميدان كان دوماً يحب الإستقرار لنفسه حتى ولو لم يكن غيره مستقراً المهم أنه يكون آمنا على نفسه.. على بيته وأطفاله.. وعلى عمله.. وكانت حياته المترفة تساعده على ترسيخ مفاهيمه وتؤكدها بداخله أكثر وأكثر قال رياض بعبارات متقطعة من جراء انشغاله بإشعال سيجارته بقداحة من البلاستيك يبدو أنها قد فرغت من الغاز من فرط الاستخدام: هل لديك أخباراً عن محمد عبد المنعم..؟ أنه لايرد على هاتفه منذ 28 يناير الماضى أخشى أن يكون قد أصابه مكروه..

رد رياض وعلى وجهه ابتسامة تنم عن إرتياح واقتناع بما يقول: اطمئن إنه بخير لقد صعد إلى مسكنى ليلة أمس بعد أن أصيب إصابة بالغة.. أصابه شخص يمتطى حصانا بجروح شديدة فى رأسه ورقبته بعد أن ضربه بسوط بلا هوادة لقد كان معتصماً فى الميدان منذ 28 يناير حتى الآن ويبدو أنه لن يرحل منه حتى يرحل من لا يريد الرحيل..!

قالها كامل بك وانصرف تاركاً رياض توفيق فى مكانه مندهشاً حتى نالت سيجارته من أحد أنامله فحرقته فانتفض جسده قليلاً ثم ترك سيجارته تسقط على الأرض وتتدحرج بضعة سنتيمترات حتى استقرت وهى تحترق الى أن خمدت جذوتها بعد قليل فدهسها بحذائه حتى فركها تماما وكأنه يعاقبها على ما فعلته به!

دخل المستشار كامل بسيارته السوداء الكبيرة إلى فناء المحكمة.. حياه رجل وهو جالس فلم يرد كامل التحية فلم يكن يعرفه من قبل وظن إنه لا يخصه بتحيته.. كان الحاجب فى إنتظاره وبجواره شخص آخر يبدو مآلوفاً له نوعاً ما وكأنما قد شاهده من قبل ولكن لايتذكر أين بالتحديد وعندما نزل من سيارته واقترب منه هذا الشخص محياً إياه بتحية عسكرية رغم ارتدائه لملابس مدنية أدرك على الفور أنه الصول رمضان الذى فقد كثيراً من وزنه خاصة علامته المميزة..كرشه المتهدل حياهما المستشار كامل فى حرارة فقد مضى أكثر من شهرين لم يرهما فيها بسبب الأحداث.. مضى كامل يسير خلف الحاجب كالمعتاد الذى كان شبه صامت وكأنه فقد صوته.. كان مهذباً يرتب على أكتاف المتقاضين برفق طالباً منهم إفساح الطريق للمستشار فى هدوء وعلى وجهه إبتسامة مصطنعة معتقداً أنها تحميه عند مواجهة حالات غضب مكتوم قد يصبها أحد منهم على رأسه إذا ما عنفهم لإفساح الطريق بينما كان الصول رمضان يسير مبتعداً عن المستشار بمسافة حرص على الحفاظ عليها وكأنه لايريد أن يحتسبه أحد عليه أو ربما حتى لا يتذكره المترددون على المحكمة و بأنه كان من أفراد الشرطة وهو ماجعله يحرص على عدم ارتداء ملابسه الميرى هذا الصباح.!

كان عضوا اليسار واليمين قد سبقاه إلى غرفة المدوالة فهبا واقفين لمصافحته ثم جلسوا ثلاتهم والصمت يغلفهم تماماً لفترة ليست بالقصيرة ...

المستشار كامل ينظر فى أوراق أمامه يتظاهر بأنه منشغل بها بينما يختلس نظرات من أسفل نظارته الطبية الذهبية الرقيقة كل برهة إلى وجوههم..كان رياض قد عاد لتدخين غليونه ولكن دون إستمتاع حقيقى كما كان فبدا وكأنه يؤدى مهمة روتينية اعتاد عليها كان غارقاً فى الشرود لم يحلق ذقنه بصورة كاملة هذا الصباح فترك بضعة شعيرات بيضاء أسفل أنفه ومنتصف وجنته اليسرى ففضحت صبغه لشعر رأسه..!

حتى منديله الشهير بلون رابطة عنقه الذى كان يحرص على إبراز ثلثيه من جيب السترة العلوى تخلى عنه.. لاحظ كامل أيضاً أن رياض ترك زر قميصه العلوى مفتوحاً وأزاح رابطة العنق من على حنجرته قليلاً وكأنه كان مختنقاً رغم برودة الطقس فى نهاية شهر مارس فأضفى على نفسه مزيدا من التعاسة لم تكن تنقصه.. بينما كان وجه المستشار محمد عبد المنعم متهللاً، وإن كان يبدو عليه بعض التعب والإرهاق خاصة وأنه فقد بعضاً من وزنه فى الفترة الأخيرة وكانت لاتوجد أمامه أية أوراق أو ملفات قضايا فبدا وكأنه ضيف زائر لا عضواً بالدائرة المفترض أنها ستنطق أحكامها اليوم فى جنايات محجوزة للحكم منذ ديسمبر 2010..!!

أغلق المستشار كامل الملف الذى أمامه فى هدوء وارتشف بعضاً من فنجان القهوة ثم مط شفتيه قليلاً لإستطعام البن والتأكد من كونه من النوعية التى اعتاد أن يجلبها معه كل شهر فتأكد أنها ليست كذلك ومع ذلك لم يشأ أن يوبخ عامل البوفيه على عدم أمانته.. نظر إلى رياض توفيق وكأنه يتأمله ثم سأله عن الأحكام التى لديه أخبره رياض وهو ينظف غليونه بطرقه على المنضدة بعصبية ظاهرة ويدفع ببواقى التبغ المحترق الى المطفأة التى يعلوها الصدأ بعد أن أحاط حافتها بمنديلاً ورقياً خوفاً من الميكروبات : لقد أنهيت ما لدى من قضايا سرقة ومخدرات وحكمت فيها جميعاً بالبراءة فالأدلة غير كافية ثم بدأ يعرض القضية تلو الأخرى وهما يراقبانه فى دهشة من تغير نمطه المعتاد فى عرض قضاياه ..!

عندما فرغ من حديثه نظر كامل بك إلى محمد عبد المنعم ورجع بظهره للوراء قليلاً فى مقعده إشارة له بأنه مستعد لسماع رأيه ففاجأه الأخير بأنه لم يقرأ القضايا على الإطلاق، كما أنه قد تقدم اليوم بطلب لرئيس محكمة الاستئناف لنقله إلى دائرة مدنية بدلاً من جنايات قصر النيل.. انتفض رياض توفيق من مقعده وانهال عليه بالأسئلة ..كانت كلها تدور عما إذا كانت لديه مخاوف من الاستمرار فى العمل وهل لديه معلومات عن تغيير جذرى فى نظام الحكم وهل.. وهل...؟؟!!

هدأ المستشار كامل من روعه طالباً منه أن يجلس والتفت إلى المستشار محمد عبد المنعم قائلاً له: أياً كان قرارك فسأحترمه ولكن لماذا طلبت نقلك لدائرة مدنية؟!

أجاب محمد عبد المنعم والإبتسامة تعلو وجهه: لاشىء.. الموضوع ببساطة أننى متوازن مع نفسى لقد كنت مشاركاً فى الأحداث وصانعاً لها والميدان يقع فى نطاق الدائرة التى نعمل بها وقد ننظر قضايا لها علاقة بما حدث خاصة يوم 2 فبراير الماضى وأنا أصبت فى هذه الموقعة الشهيرة.. قالها وهو يتحسس رقبته مبتسمًا بفخر ثم استكمل حديثه: وفى هذه الحالة سأكون خصماً وحكماً فى ذات الوقت وأنا لا أريد الانتقام من أحد أو التشفى فى آخر.. أنا قاض فى المقام الأول يحكمنى ضميرى ولا شىء غيره، لذا رأيت الانتقال إلى العمل بالدوائر المدنية حتى لا أفقد قدراً من مصداقيتى مع نفسى.. ولما وجد استجابة فى سماع المزيد خاصة من المستشار كامل قص عليهما تجربته فى الميدان بالكامل..

نظر إليه كامل بك المناسترلى بإعجاب لم يشأ أن يظهره كله على قسمات وجهه الذى نالت منه التجاعيد وإن لم تطفئ نوره بعد.. بينما كان رياض يتأفف ويهمس بعبارات وكلمات مبهمة لم يسمعا منها سوى: أنت أكيد مجنون.. وظل يكررها وهو يضرب كفاً بكف..

سمعوا طرقاً خفيفاً على باب حجرة المداولة ودلف منه بعدها مباشرة رجل طويل القامة وقور مهندم حياهم بإحترام ثم وجه حديثه للمستشار كامل مقدماً نفسه أحمد رشيد.. زميلهم الجديد بالدائرة بعد نقل المستشار محمد عبد المنعم إلى الدائرة الأولى المدنية بمحكمة بورسعيد..

بعد تبادل التحيات المعتادة مع زميلهم الجديد والسؤال عن أماكن الخدمة السابقة فى النيابة والمحاكم وأسماء المستشارين الذين خدم معهم.. تأهب محمد عبد المنعم للانصراف وصافحهم بحرارة على وعد بلقاء قريب وغادر الغرفة فى هدوء شديد.. بينما ظل رياض توفيق يحملق فى وجه زميلهم الجديد متفحصا اياه وكأنه أتى من كوكب آخر مما سبب له بعض الحرج!

غادروا غرفة المداولة إلى القاعة حيث أدار كامل بك الجلسة بوقار وهدوء كعادته وإن لاحظ تملل الكثير من الحضور فى مقاعدهم وتحفزهم للمحامين فى قضايا الفساد بلا مبرر على الأقل بالنسبة له.. وما أن فرغ من إدارة الجلسة وبينما يتأهب للانصراف فى نهاية اليوم همس له رياض توفيق فى أذنه لقد غيرت رأيى فى قضايا الفساد التى لديك ورأيت أن معك حق فعشر سنوات غير رادعة فلنحكم عليهم بالمؤبد..!!

ابتسم له كامل نصف ابتسامة وربت على كتفه قائلاً: لاتشغل بالك بها الأن.. أنت متوتر وتحتاج إلى راحة وأيضا أنا ومن الأفضل أن ننتظر حتى يقرؤها زميلنا الجديد وتقرأ أنت القضايا الجديدة المحالة إلى دائرتنا فإحداها تخص وزير سابق ورجال أعمال..

كان وقع الكلمات على أذن رياض أشبه بطلقات الرصاص مرت على مقربة منه فانتفض فى مكانه رغم أنه واقفاً لمصافحة كامل بك ثم أسرع إلى حقيبته فأخرج منها علبة دواء ابتلع منها قرصين دفعة واحدة وأمسك بكوب الماء بينما كانت يمناه مرتعشة قليلاً فبلل سترته..! ظلت عيناه تحملقان فى وجه المستشار كامل والدهشة تغمره بينما يده اليسرى لا تتوقف عن قرع الجرس المثبت أسفل المنضدة بعصبية لاستدعاء سكرتير الجلسة.. وما أن شاهده حتى أمره بإحضار القضية الجديدة فوراً.. رددها مرتان فتمتم السكرتير فى ارتباك: حاضر مكررا إياها ثلاثا ثم خرج مهرولا، طرق كامل بك المنصة طرقتان بعد أن لاحظ ضوضاء بالقرب من قفص الاتهام الذى يقبع به الوزير السابق واثنان من معاونيه ورجل الأعمال الشهير وآخران ثم عاود الاستماع إلى مرافعة الدفاع فى قضايا الفساد السابقة.. شعر تلك المرة وكأنه يستمع إلى وقائع جديدة رغم أنه سمع المرافعة القديمة التى استغرقت أياماً وقتها فى ديسمبر من العام الماضى، كما وأنه قرأ هذه القضية تحديدا ثلاث مرات إلا أنه مع ذلك كان لديه احساسا غريبا يراوده حاول جاهدا أن يطرده من ذهنه إلا أنه كان يعود إليه بشكل مختلف مع كل مرة يتحدث فيها أحد أعضاء هيئة الدفاع.. وكان أحدهم متمرساً فى هذه النوعية من القضايا، فضلاً عن أنه كان قاض سابق فلعب على هذا الوتر بشدة بعد أن لاحظ تغيرات وجه كامل بك وانفعالاته المكتومة الذى كان يحاول جاهداً أن يخفيها ولكن دون جدوى وظل المحامى ينتقل كالفراشة ببراعة بين انفعالات كامل وتوتر رياض توفيق التى لم تتوقف ساقه اليسرى عن الاهتزاز طوال الجلسة.. كان المحامى يشعر أنهما متعاطفان مع صغار الموظفين ويشعران بأنهما ضحية لكبار حلوا الآن بجوارهم وراء القضبان.. فحانت ساعة القصاص العادل للجميع سواسية لا بصورة منفردة كما كان يحدث دائما..!

ويبدو أنه نجح فى اللعب على هذا الوتر حتى كاد الحاضرون أن يسمعوا أنشودة البراءة وهى تعزف عليه ..!

بعد أربع ساعات من المرافعات والمساجلات القانونية بين الدفاع والنيابة العامة جاء وقت القضية الأهم والتى تصنف على أنها من قضايا الرأى العام من كثرة ما تناولتها وسائل الإعلام وكأنها هى المختصة بنظرها و القضاء فيها.!

فوجئ كامل بك بكوكبة من كبار المحامين تحيط بالمنصة ويتشحون جميعاً بالسواد روب المحاماة الشهير.. لمح فى عيونهم أنهم جميعاً يريدون الحديث وكان مدركاً إلى أنه سيستمع إلى أمور لا علاقة لها بموضوع القضية وإنما ستكون مرافعة سياسية أكثر منها قانونية لإبراء ساحة الوزير السابق ومن معه فى قفص الاتهام..

أراح كامل بك ذراعيه على مسند مقعده وعاد بظهره قليلاً ليهدأ من داخله من جراء الانفعالات المتباينة التى كانت تموج فى وجدانه ونظر إلى القفص الحديدى فلم يتبين ملامح المتهمين جيدا لضيق فتحاته ..كانوا جميعا يرتدون زيا أبيض اللون خاصا بالمحبوسين احتياطيا استطاع بصعوبة أن يميز الوزير السابق من خلال فتحات القفص الضيقة للغاية كان جالسا على مقعد خشبى منفصل تفصله مسافة عن باقى المتهمين الواقفين وكان بعضهم يتشبث بالقضبان ..يبدو أن بريق المنصب لم يخفت تماما بعد هكذا حدث كامل نفسه.. طلب من الحاجب أن ينادى على القضية فهب المتهمون واقفين كل عقب سماع اسمه عاود كامل النظر للقفص فتأكد أن الوزير قد هب واقفا عند النداء عليه ثم عاود الجلوس وكأنه يتهاوى بهدوء على مقعده.. التفت المستشار كامل إلى يمينه حيث يجلس وكيل النيابة وطلب منه تلاوة أمر الإحالة المقدم به المتهمين للمحاكمة.. وجلس فى هدوء يستمع ويطالع الأوراق الذى أمامه متابعاً بنظره ما يرد إلى مسامعه من وكيل النيابة وتتسع عيناه مع الأصفار التسعة التى تزين يمين الرقم المتهمين بإختلاسه وإهداره من المال العام ولاحت على وجهه إبتسامة إستنكار عندما تذكر الأصفار الأربعة التى بالكاد بلغت الخمسة بجوار الرقم المختلس فى قضايا الفساد التى كان ينظرها قبل الثورة.

أغمض عينيه لبرهة وكأنما كان ينوى أمراً فاستعان على قضائه بغلق جفونه ثم اعتدل فى جلسته ومال بظهره إلى الأمام قليلاً مصوباً نظرة حادة فى وجه رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين قائلاً فى حسم: حضراتكم جاهزين للمرافعة؟

تعالت الأصوات وتداخلت وتباينت فقد أحدث سؤاله ارتباكاً بينهم..كأنه تخللهم كتيار هواء قوى تسرب فجأة فباتوا أشبه بقصاصات ورق تناثرت متفرقة من على سطح مكتب..!

طلب بعضهم أجلاً للاستعداد والمرافعة وطلب آخرون سماع الشهود وضم أوراق وإستخراج مستندات.. أثبت كامل طلباتهم جميعا ونطق: "القرار آخر الجلسة" ثم اتكأ بكلتا يديه على مقعده قائلاً: رفعت الجلسة، فرددها الحاجب خلفه فى هدوء..

فى حجرة المدوالة استدعى سكرتيره طالباً منه إحضار رول القضايا القديمة التى كانت لديه قبل الثورة وما أن وضعها السكرتير أمامه حتى دون فى كل منها تؤجل لجلسة الخامس من يوليو 2011 لاستكمال المرافعة ووقع عليها ودفع بها جانباً بإتجاه رياض توفيق فوضع الأخير قلمه جانباً مستفسراً منه عن التاريخ فى دهشة: ولكنك ستكون قد خرجت إلى المعاش.. هذا معناه أننا لن نحكم فيها أيضا؟!

رد كامل فى هدوء: نعم لقد فعلها محمد عبد المنعم من قبل واليوم لن أكون خصماً وحكماً فى ذات الوقت. لقد شاهدت من شرفتى ما يسمح لى بإدلاء شهادتى فكيف لى أن أقضى بما أعلمه مسبقاً سأكون متأثرا بما وقعت عليه عيناى ومتحاملا على وزراء النظام بأكمله.. وضع رياض توقيعه على الأوراق وهو مطأطئ الرأس فى يأس.. ها هو يفقد عضوا ثانيا فبات يشعر بأنه أصبح غريبا عن المكان.. ما أن فرغ من التوقيعات حتى سلمها لعضو اليسار زميلهم الجديد الذى استغرقته الدهشة تماماً فلم يكن يعى شيئاً مما يحدث أمامه على الإطلاق..!

ترك كامل سيارته فى الجراج القريب من مسكنه وترجل كالمعتاد رغم حرارة الطقس فى نهاية شهر يونيو قاطعاً الميدان حتى وصل للعقار رقم واحد ميدان التحرير، الذى يقطنه منذ 59 عاماً وورثه أيضاً عن والده استوقفه حارس العقار عند منتصف المدخل قائلاً له: الشرخ ياكامل بيه كل يوم بيزيد وحضرتك موش عاوز العمال تشتغل وأنا قلقان يحصل حاجة للعواميد..

توقف كامل وألقى نظرة فاحصة على الشرخ الذى بدا وكأنه ثعبان يزحف ببطء على عامود العقار الذى يحمله وسرح قليلاً فى الماضى البعيد عندما كان العامود جديدا سليما من الشروخ براقاً من حسن نظافته وصيانته من حراس العقار وقتها قبل ستين عاما.. أخرجه من شروده إلحاح الحارس مرة أخرى.. نظر إليه كامل قائلاً : خليهم يبتدوا يشتغلوا النهاردة.. تهلل وجه الحارس وتركه وانصرف مسرعاً قبل أن يغير كامل بك رأيه فقد كان يرفض إصلاح الشرخ مؤكداً للسكان أن العقار متين ويتحمل وأنه ليس كعقارات هذه الأيام..

جلس يتناول طعام الغداء مع عبلة هانم زوجته وبينما هو منشغل بالطعام قالت له بابتسامة ماكرة قليلا وإن كان بها بعض الحياء أيضاً: لماذا غيرت رأيك فى موضوع الشرخ؟
أجابها وعلى وجهه إبتسامة قناعة ورضا ذات مغزى: لم يعد يتحمل أكثر من ذلك كفاه 59 عاماً.. لا أعتقد أنه يستطيع الصمود بعد الآن يوماً واحداً.!
" تمت "






مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو العلاء

يا عشماوى مدد

عدد الردود 0

بواسطة:

الفرعون الصغير

خير الكلام ما قل ودل

كل دة مقال

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد العون

قصة جيدة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة