منذ فترة طويلة ونحن نسمع عن تحركات لمن يعتبرون أنفسهم أقلية، سواء المسيحيين أو أهل النوبة أو بدو سيناء.. ومن قبل ثورة يناير ونحن نسمع عن احتمالات لوجود من يغذى المشاكل بين هؤلاء وبين الحكومات المصريه المتعاقبه.. وجميعنا يعرف أن الحكومات المتعاقبة كانت ومازالت لا تستطيع حل أى مشكلة لأقلية بصورة جذرية.
فقبل الثورة كان من مصلحة النظام أن يظل الوضع على ما هو عليه حتى يظن الجميع أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان وأن وجود هذا النظام هو حائط الصد الوحيد ضد تقسيم مصر إلى دويلات واستقلال كل أقلية بجزء من أراضيها وتشريد باقى الشعب بينهم.
وبعد الثورة الحكومة تحاول سد ثقوب الفتنة من كل ناحية، لكنها بالطبع لا ولن تستطيع، لأن جذور الفتنة عميقة جدا داخل المجتمع والوضع الحالى يعمقها أكثر.. حيث إن اللاقانون الموجود حاليا يجعل من الأفضل لكل مجموعة فرض قانونهم الخاص على أرض الواقع بأى طريقة لحين صدور قانون ينظم كل هذه القوانين المفروضة عنوة على المجتمع.
الخلاف بين المسلمين والمسيحيين مثلا لم يعد من الممكن أن يحل بإفطار مشترك فى رمضان أو بالتهنئة بالأعياد الدينية المختلفة من كل طرف للآخر أو بوضع صورة شيخ مع قسيس فى الجرائد والإعلام لأن ما فى القلوب أصعب بكثير مما تراه العيون.
إنه سوء فهم متبادل وربما سوء نية مبيتة أو انتظار وتوقع سوء النية من الآخر، وللأسف فإن ما يحدث الآن من بعض الجماعات السلفية يزيد من نار تلك الفتنة، والسلفية هنا تعنى المتطرفين من الطرفين، نعم هناك سلفيون مسيحيون أيضا إذا أخذنا بتعريف السلفية المطلق وهو من يطبق تعاليم السلف الصالح المتدين، فمن يقول إن على النصارى دفع الجزية هو سلفى ومن يقول إن المسيحيين هم أصحاب الأرض أيضا سلفى لأنهم يعيشون فى زمن يسبق زمننا بعدة مئات من السنين والحقيقة التى يجب أن نحيا فيها جميعا هو أننا فى القرن الواحد والعشرين أى بعد مولد المسيح بأكثر من ألفى عام، وبعد مولد محمد بأكثر من ألف وأربعمائة عام ولا يصح أن نحيا ونحن نتحدث عمن منا يملك الأرض ومن منا المستعمر.
أما النوبيون فهم يشعرون بالظلم والاضطهاد ويشعرون بأن الحكومات المتتالية قد قامت بنفيهم وأخذ أراضيهم الخصبة التى عاشوا وتمنوا أن يموتوا عليها – والتى بنى عليها السد العالى وتقع فيها بحيرة ناصر حاليا - وبالتالى فلهم الحق فى المطالبة بالمزيد من الأراضى.
وبدو سيناء الذين تعاملهم الحكومات المصرية على أنهم ليسوا مصريين بل ومشكوك فى ولائهم لمصر فتمنعهم من حقوق كثيرة يطالبون بها، فلا يجدون آذانا صاغية.
كذلك القبائل التى تعيش قرب الحدود الليبية لكن دعونا نتحدث بصراحة أكثر.. لو أن هناك فعلا من يغذى الفرقة بيننا.. لو أن هناك من له مصلحة فى تقسيم مصر إلى دويلات لا تقوى أبدا على رفع رأسها أمام إسرائيل باعتبار أن إسرائيل هى محور أحداث الشرق الأوسط بالطبع.. فهل لو نفذنا فعلا هذا المخطط سيكون من مصلحة هذه الأقليات؟
كل جزء سوف تستقل به مجموعة من تلك الأقليات سيكون به بعض المميزات وسيكون مفتقرا لمميزات أخرى فليس كل جزء من مصر به ميناء دولى مثلا للتصدير وليس كل جزء من أرض مصر به مياه صالحة للشرب وليس كل جزء به بترول أو سياحة ومعنى هذا أننا كدويلات مستقلة سوف نحتاج لبعضنا البعض بصورة أكبر وأكثر تعقيدا مما نحن الآن، وبالتالى فأى دخل قومى لأى دولة من تلك الدول سوف يقل كثيرا جدا عن الدخل القومى العام لمصر حاليا مقسما على نفس الأفراد ما يعنى المزيد من الفقر وسوء حالة البلاد.. ولا أعتقد أن أيا من الدول التى تشجع تلك الأقليات سوف تقدم أى مساعدة اقتصادية حقيقية لأى من تلك الدويلات لأننا نعلم جميعا معنى كلمة منحه ومعونة وقرض، كلها تؤدى لنفس المعنى.. ديون طائلة بفوائد طائلة لا يمكن ردها بأى حال من الأحوال وشروط مجحفة وقواعد عسكرية أجنبية، وربما توطين يهود أو فلسطينيين حتى تخلو فلسطين لليهود.
الدول الأجنبية لا تعطى لوجه الله تعالى.. الدول الاستعماريه لا تنفق أموالها لمساعدة الدول التى كانت ذات يوم مستعمرات لها وإلا لكانت إنجلترا قد أعطت مصر تعويضا عن سنوات احتلالها أو على الأقل عن ضحايا الألغام التى زرعتها على الحدود مع ليبيا ونسيتها أو تناستها، حتى الآن ومازالت تحصد سنويا عشرات الأبرياء.. هو مشروع فاشل اذن لكل مصرى، مصلحتنا أن نظل معا وان نبطل بأيدينا خطة التقسيم والتفرقة والتى لن تخدم سوى إسرائيل.
فأمريكا وأوروبا والدول الأجنبية عموما قد شفوا من صداع اليهود فى أراضيهم منذ زمن بعيد ولا يريدون لهذا الصداع أن يعود مرة أخرى ولهذا يثبتون عرش اليهود فى الشرق الأوسط بكل طريقة ممكنة فعلى الأقل لا يجب أن نعينهم على هذا بالمزيد من الضعف العربى وبالذات المصرى
يجب أن نتصارح وأن نضع حدا لكل المشاكل ذات الجذور العميقة بيننا وأن نفكر فى الصورة الأكبر حتى نستطيع حل المشاكل على أساسها..
يجب أن نضع مصر أمام أعيننا لأننا زائلون، بينما مصر هى الباقية بأمر الله الذى نعبده جميعا.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد خليل
تسلم ايدك
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد كامل
بارك الله فيك
عدد الردود 0
بواسطة:
د رامى الشافعى
كلمة حق
مقالة ممتازة
عدد الردود 0
بواسطة:
كمبو عثمان عبدالحفيظ
" انفصاليون .. شرذمة حاقدة اعداء الوطن !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
كمبو عثمان عبدالحفيظ
خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم...(الكلام المذكور اعلاه سكلنس) !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
علا بركات
الي كمبو عثمان
عدد الردود 0
بواسطة:
كمبو عثمان عبدالحفيظ
شكراً الى تعليق رقم (6) كاتب المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
كمبو عثمان عبدالحفيظ
شكراً الى تعليق رقم (6) كاتب المقال