أكرم القصاص - علا الشافعي

إبراهيم داود

من كتاب الثورات

السبت، 19 نوفمبر 2011 06:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«فى كل الثورات على المستبدين نجد رجال الدين ورجال القانون ينصرون النظام القائم ويكرهون التغيير، لأنهم جميعهم يعيشون بالنظام القائم، كما أن المستبدين من الملوك يؤيدون رجال الدين ويكرهون تغيير القوانين».

هذه قاعدة أكدها معظم ثورات البشرية، ففى سنة 1215 مثلاً ظهرت ثورة النبلاء فى إنجلترا على الملك جون، شقيق ريتشارد قلب الأسد، فى وقت لم تكن فيه عامة الشعب على شىء من الوجدان القومى أو الوطنى أو الطبقى، لأن القومية لم تكن قد ظهرت بعد فى أوروبا، إذ كانت هذه القارة «مسيحية» لا أكثر، كانت إنجلترا فى تلك الفترة تشبه مصر أيام محمد على قبل أن يقتل المماليك، «حاكم مستبد وطبقة حاكمة من النبلاء وشعب يكاد يكون فى غيبوبة» كما قارن سلامة موسى فى كتاب الثورات الذى صدرت له طبعة جديدة مؤخرًا عن هيئة قصور الثقافة، طغى جون وفرض ضرائب جديدة على النبلاء لكى ينفق على حروبه الصليبية والفرنسية، فتمرد هؤلاء عليه وأجبروه على توقيع «الميثاق الأكبر»، الذى يعد انتصارًا للإقطاعيين، والذى حقق ضمنًا وليس قصدًا حقوقًا للشعب، وجاء فى الميثاق: «إنه لا يجوز للملك وللأمراء والنبلاء أن يخالفوا القوانين القديمة إلا بالتراضى، إذا حدثت مخالفة فإنه تجوز المقاومة (الحق فى الثورة) لا تجوز معاقبة أحد بدون محاكمة نزيهة، يجب أن تتلاءم العقوبة مع الجريمة، إن العدالة لا تباع ولا تنكر ولا تؤجل، النص على حقوق النبلاء (دون الشعب) بشرط عدم زيادتها إلا بعد موافقة المجلس العالى للدولة (بذرة البرلمان)».

فى 1640 هب الإنجليز ضد الملك تشارلس الأول، كان الشعب قد تكوَّن بسبب إنشاء المدن وظهور طبقة جديدة من المالكين الصغار من غير النبلاء «المتوسطة»، حاول الملك فرض ضرائب جديدة دون رقابة البرلمان، ولكن البرلمان رفض وطالب أيضًا بأن يشرف على الجيش، وذهب الملك إلى البرلمان وأهان الجميع، وكان رجال الدين يقفون فى صفه، وعندما كتب «ليتون»: «إنه ليست هناك حاجة إلى الكهانة والقسيس والقسوسية، وإن الناس يستطيعون أن يكونوا مسيحيين دون الاستعانة بالقساوسة». أمر تشارلس بمعاقبته بالتالى: غرامة عشرة آلاف جنيه، صلم أذنه، جلده، ثم بعد ذلك، أى بعد أن يبرأ ليتون يعاد صلم أذنه الأخرى، ثم جلده، ثم بعد ذلك يحبس مدى الحياة، ويفرح القسيسون بالحكم ويدعون لملكهم بطول العمر، ويقول «فينش» رجل القانون ورئيس مجلس العموم: «لا يمكن لقانون يسنه المجلس أن ينتقص من امتيازات الملك»، الملك الذى عطل البرلمان إحدى عشرة سنة وكتب عليه «منزل للإيجار» بتأييد مطلق من النبلاء ورجال الدين والقانون، وألَّف «محكمة النجمة» التى طاردت الثوار، ثم ظهر المزارع كرومويل والشاعر ميلتون الذى اخترع كلمات الثورة، كان جيش كرومويل من الفلاحين المسلحين بالضمير، ولهذا هزم الملك وجيشه وقبض عليه وأعدم، ومات كرومويل فى 1658، وجاء تشارلس الثانى الابن وادعى أنه لن يكون مثل أبيه، ولكنه أخرج جثة كرومويل من القبر وأعد له مشنقة وشنقه «أى شنقه وهو ميت»، وكان الشاعر العظيم ميلتون يعانى العمى والفقر وذهب إليه الملك الجديد وقال له: «ألست ترى أن ما تعانيه هو الجزاء الذى قضى الله به عليك لما قلت وكتبت عن أبى؟» فرد الشاعر: «إذا كان هذا جزائى عما قلت عن أبيك فكم كانت جرائمه التى استحق عليها الإعدام؟»، وتمر السنون ويموت تشارلس الثانى ويأتى شقيقه جيمس الذى لم يحتمل الحكم الدستورى وفى رأسه مصير أبيه فيفر إلى فرنسا، ثم ينعقد مؤتمر يدعو «وليم أوف أورانج» كى يتبوأ العرش، بعد أن يقرأ ويدرس ويتعهد بالخضوع لما يسمى «قانون الحقوق»، وهو القانون الذى صدر فى 1689 وينص على جميع الحقوق التى خالفها الملوك السابقون ويهرب منها المستبدون الجدد، والذى جاء فيه: «إنه لا يجوز تعطيل قانون إلا بالبرلمان، ولا يجوز تأليف محكمة كنسية أو غير كنسية إلا بالبرلمان، لكل فرد من الشعب الحق أن يقاضى الملك دون أن يخشى الحبس، لا يجوز للملك تأليف جيش مدة السلم دون أن يحصل على إذن من البرلمان، يجب أن تكون الانتخابات حرة، يجب أن تكفل حرية الحديث والخطابة «الإعلام حاليًا»!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة