فى إطار استعداداتها لإعلان المنامة عاصمة للثقافة العربية لعام 2012، اختارت الشيخة مى بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة البحرينية القاهرة كأول عاصمة عربية تعلن فيها عن تلك الفاعليات، وفى حوارنا معها راهنت على الثقافة التى اعتبرتها جسرًا تعبر من خلالها البحرين أزمتها الأخيرة، ورأت أن الحرية كانت سبباً فى أزمة البحرين وليس العكس، وإلى نص الحوار..
كيف أعددتم البحرين كعاصمة للثقافة العربية، وعاصمة للسياحة عام 2013؟
نستعد لتلك المناسبة منذ شهور طويلة، وقسمنا شهور السنة ليصبح لكل شهر مجاله الخاص، شهر للفنون التشكيلية وآخر للترجمة وثالث للبيئة ورابع للشعر وخامس للتراث وهكذا بالإضافة إلى تنظيم مهرجانات البحرين الثقافية السنوية فى مواعيدها، كذلك سنصدر كتابًا مترجمًا جديدًا فى كل حقل من حقول المعرفة، أما عاصمة السياحة فنسعى من خلالها للترويج للسياحة الثقافية فى البحرين لأن الثقافة جزء لا ينفصل عن السياحة وذلك من خلال البيوت التراثية والمتاحف والمسارح وغيرها.
لماذا اخترتم القاهرة للإعلان عن تفاصيل الاحتفال بعاصمة الثقافة العربية؟
القاهرة هى أول عاصمة للثقافة العربية عام 1993 وهى أم الدنيا التى شهدت ميلاد كبار الكتاب والمثقفين لعقود ماضية ولابد وأن ننطلق من خلالها للإعلان عن ميلاد عاصمة جديدة للثقافة، سنبدأ بالقاهرة ثم بيروت ونزور باريس ولكننا وضعناها على رأس القائمة.
هل للبحرين طابع ثقافى مختلف يميزها عن باقى دول الخليج؟
لكل بلد خصوصية وما يميز البحرين إنها جزيرة وكما هو معروف عن أهل الجزر ميلهم للانفتاح وسهولة التواصل معهم والاختلاط، كذلك البدايات الأولى للتعليم والأدب والمسرح فى دول الخليج كانت بالبحرين.
ما أهم التحديات التى تواجهكم فى نقل الثقافة البحرينية للعالم حاليا؟
هى فرصة مناسبة لنقل ثقافتنا للعالم، خاصة أن الاحتفال بعاصمة الثقافة يأتى بعد الأحداث التى عاشتها البحرين وبعد اختلال الصورة الحقيقة لواقع البحرين لتبتعد عن ما يميز البحرين لذلك فسنكرس الصورة الحقيقية للبحرين وأن نصل بصوتنا للعالم.
ما الجديد فى مشروعات الوزارة لرعاية التراث؟
توجه الوزارة بشكل خاص للحفاظ على المعالم الأثرية وتسجيل مواقعها فى بيت التراث الإنسانى العالمى وكما تعلمين أرأس لجنة التراث العالمى باليونسكو ونسعى من خلالها لتوثيق التراث البحرينى، وفى تلك الفترة نعد مشروعًا لبيوت طريق اللؤلؤ لشرح كل المراحل التى تمر بها تلك الصناعة الوطنية، البيت الأول يسمى بيت النوخذة ويؤرخ بيت النوخذة لشخص النوخذة وطبيعة عمله باعتباره سيد البحارة وقائد تجارة اللؤلؤ فى المنطقة، ويشرح فى معرض مفتوح من خلال هذا البيت تفاصيل حياة النوخذة وطبيعة المجالس والتجمعات التى يقيمها والآلية التى يدير فيها العملية الاقتصادية ويسير من خلالها الأمور، وتتعدد البيوت لتشمل كل مراحل صناعة اللؤلؤ.
يشكو القارئ البحرينى دائما من ارتفاع سعر الكتاب، لماذا لا تتبنى الوزارة مشروعًا لدعم الكتاب كالقراءة للجميع مثلا؟
فكرة جيدة، ونحاول التأسيس لها من خلال عام الثقافة الذى نصدر فيه 12 كتاباً، بالإضافة إلى إصدار الكتب والمترجمات العالمية وتوزيعها مجانًا بباقى مهرجانات الوزارة طوال العام.
تتقلدين منصب وزيرة الثقافة، وشغلتِ منصب وزيرة الإعلام من قبل، كيف تقيمين هذه التجربة؟
كانت تجربة جيدة على الصعيدين العملى والإنسانى وكان لابد من فصل وزارة الثقافة عن الإعلام لأن إيقاع الإعلام سريع بينما إيقاع الثقافة يحتاج إلى دقة وبحث عن القديم، فقد كان من غير المنطقى أن يتم دهس الثقافة تحت جناح الإعلام.
الدول الديمقراطية تدمج بين الثقافة والإعلام بينما الشيخة مى كافحت من أجل فصل الوزارتين عندما كانت وكيل الوزارة لشئون التراث فلماذا؟
الثقافة تعنى بمجالات أكثر وفضاءات أوسع، مثل عنايتها بالتراث والشعر والفن والأدب فهى التى تبحث عن الشىء وليس كوسائل الإعلام التى تلاحق الحدث ولها طابع السرعة، وكانت الميزانيات المخصصة للثقافة إبان تبعيتها للإعلام أقل بكثير من تلك المخصصة لوسائل الإعلام فكان من الصعب تقديم نهضة ثقافية فى تلك الظروف، فالمهمة كانت ثقيلة جدا.
عندما توليت الثقافة والإعلام هل سعيت لفصل الوزارتين أم ماذا حدث؟
لم أسع لذلك بينما فوجئت بصدور المرسوم الملكى الذى يفصل بين الوزارتين.
هل نجح الإعلام البحرينى فى التعامل مع الأحداث التى شهدتها المملكة فى فبراير الماضى فى رأيك؟
الإعلام البحرينى مقصر فى تقديم الصورة الحقيقية عن البلاد، كذلك عدم الالتفات إلى الحركة الإصلاحية التى قام بها جلالة الملك قبل 10 سنوات حينما قدم مشروعه الإصلاحى، فربيعنا جاء قبلهم بـ10 سنوات، ونشهد ثمراته الآن، وقد جاء بإرادة حاكم يحب شعبه، وهناك الكثير من الجمال فى بلدنا ولم نوظف ما عشناه التوظيف الصحيح.
تمر البحرين بمرحلة انفتاح سياسى منذ بضع سنوات، هل أثر فى تقديرك الانفتاح السياسى على حرية الثقافة والفكر لجهة ظهور تيارات تحد أحيانا من أصوات الثقافة العالية التى كانت معروفة فى البحرين؟
على العكس الثقافة لا يمكن أن تعطل ولا أن تسيس أو توضع فى حدود، فالثقافة هى حاجة أساسية، ولا أحد يستطيع أن يحد من عمل الفن أو الموسيقى الذى يصل للمتلقى برسالة لا يستطيع أحد أن يؤديها، والثقافة لها شرط أساسى هو الحرية ولولا الحرية ما حدثت الاحتجاجات الأخيرة فى البحرين لقد أنشأنا مراكز ثقافية لتكون منابر للحرية ولا تفرض شيئاً على أحد.
أى أنك ترين احتجاجات البحرين الأخيرة جاءت بسبب الحرية وليس العكس؟
طبعاً، فبإمكان الجميع أن يعبر عن نفسه لكن الحرية مسئولية فالحرية المطلقة أكبر قيد، فحين يغيب الوعى تنقلب الحرية إلى نقمة.
هل يمكن للثقافة أن تصبح جسرًا تعبر من خلاله البحرين أزمتها الأخيرة، أعنى هل يمكن أن تتجاوز الثقافة الأزمات السياسية والطائفية نحو فضاء أرحب؟
دائما أقول إن الثقافة بأساليبها وأدواتها هى التى تجمع ولا تفرق، فهى المدخل الحقيقى لكل ما نريده للبحرين، ورهانى على الثقافة دائما لا يخيب.
وفى رأيك هل تأثرت الفاعليات الثقافية الأخيرة بالأزمات السياسية فى ظل وجود دعوات لمقاطعتها؟
لا لم تتأثر أبداً، وافتتحنا البيت الأول فى مسار اللؤلؤ ورأيت بعينى البحرين القديمة بكل اختلافاتها وتنوعها الثقافى والاجتماعى فى حفل افتتاح هذا المشروع الوطنى.
هل اعتذر أحد المثقفين عن المشاركة لنفس الأسباب؟
أبدا، لم يحدث، وعلى سبيل المثال كان هناك عالم النبات الفرنسى باتريك بلانس الذى جاء للبحرين مارس الماضى أثناء حظر زيارة البحرين وأسس حديقة عمودية، وأقدر له أنه لم يستمع لما يقال عن أن البحرين بلد غير آمن.
كيف تتعاملين مع الدعوات لمقاطعة الأنشطة ووصفها بالمحاولات لتجميل الصورة؟
لا أقيم لها وزناً، الفعاليات تقام فى موعدها ومن أراد الحضور فليتفضل، وتشهد فاعليتنا حضوراً متزايدًا لكن الإعلام لا ينقل الصورة الواقعية.
ككاتبة ومثقفة كيف تقيمين ثورات الربيع العربى حتى الآن؟
دائما أقول فى التاريخ حين نكتب بحثًا لابد من إعداد كل الوثائق والمعلومات، ولكننا مازلنا نعيش هذه المرحلة ومن يعيش الحاضر لا يستطيع أن يقرأه بصورة جيدة، ربما نحتاج لسنوات لكى نقيم تلك التجارب.
هل تتوقعين أن تنتصر الثقافة فى تلك الدول أم أن السياسة ستغطى لسنوات وتتراجع الثقافة؟
رهانى دائماً على الثقافة فالثقافة تعنى التعمير والأمل والبناء، فهى غذاء أكثر إشباعًا من السياسة وتقلباتها.
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله
وزيرة ثقافة
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال مصطفى
الثقافة ستنتصر لامحالة