أوصى وفد خبراء العرب الممثلين للشبكة العربية لحقوق الإنسان، والذى قام بزيارة مصر للتعرف على مناخ الانتخابات البرلمانية المقبلة، بضرورة الإسراع بتوزيع قوائم الناخبين، وخاصة على المرشحين، واستكمال توزيع الناخبين على اللجان وفق هذه القوائم، مشيرًا إلى أن قوائم الناخبين غير جاهزة، بحسب ما أكده رئيس وحدة الانتخابات فى وزارة الداخلية، برغم الاعتماد على الرقم القومى لأول مرة فى خطوة مهمة ونوعية، إلا أن هذه القوائم لم توزع حتى الآن على المرشحين على الرغم من إغلاق باب الترشيح بتاريخ 24 أكتوبر، وانطلاق الحملات الانتخابية.
وأكد تقرير الوفد، الصادر اليوم، على ضرورة تطوير عمل ودور الهيئة العليا للانتخابات، وبقية لجان المحافظات، واللجان الفرعية الداعمة لها، لا سيما لجهة حسم المعايير التى تقبل بموجبها طلبات الترشيح بما يحول دون الاستنسابية لدى اللجان المعنية، مشيرًا إلى أن الهيئة لم تحصل على الاستقلالية الكاملة ولا الموازنة المستقلة بالمفهوم الدستورى، وهو ما يؤدى إلى تدخل المجلس العسكرى فى دور اللجنة، مضيفًا أن الهيئة لا تقوم بصلاحياتها كاملة وفق ما ورد فى القانون، لا سيما لجهة تفسير بعض البنود الملتبسة فى القانون أو المواد التى تحتاج إلى قرارات إجرائية، مؤكدًا أن تشكيل الهيئة العليا للانتخابات من قضاة بقدر ما يعتبر ذلك ضمانة مهمة لتحقيق النزاهة، إلا أن الهيئات الانتخابية المستقلة عادة ما تحتاج فى عضويتها إلى رجال قانون وخبراء وأكاديميين وممثلين عن هيئات المجتمع المدنى، فالقضاة الأعضاء فى الهيئة، وبحكم مواقعهم، غير متفرغين لعملهم فى الهيئة، بحكم أنهم يمارسون مهامهم القضائية كالمعتاد، وهذا يؤدى إلى أعباء إضافية تلقى على كاهلهم، فضلاً عن أن الوقت المتاح لمتابعة مهامهم فى الهيئة العليا للانتخابات يصبح محدودًا.
كما أوصى التقرير بحتمية توحيد الإطار المرجعى القانونى للعملية الانتخابية، على أن يكون ذلك ملزمًا لجميع الهيئات المركزية والفرعية، حتى يتحقق العدل، وعدم تعريض العميلة السياسية برمتها إلى التهديد والتعثر، مشيرًا إلى أن العملية الانتخابية يحكمها أربعة تشريعات بالإضافة إلى المواد الدستورية ذات الشأن، وهم "قانون مباشرة الحقوق السياسية 110 لسنة 2011 المعدل للقانون 73 لسنة 1956، والقانون المنظم لعمل مجلس الشعب 108 لسنة 2011 المعدل للقانون 38 لسنة 1972، والقانون المنظم لعمل مجلس الشورى 120 لسنة 2011 المعدل للقانون 120 لسنة 1980، وقانون تقسيم الدوائر الصادر بمرسوم رقم 121 لسنة 2011 المعدل للقانون 206 لسنة 1990" .
وأكد التقرير على أن تلك التشريعات تسمح للسلطة التنفيذية بالتدخل فى إدارة العملية الانتخابية، ولا تعطى صلاحيات كاملة للجنة المشرفة على الانتخابات، وهناك تناقض بين تلك التشريعات، ولا تطبق معايير واضحة فى تقسيم الدوائر سواء بمراعاة الكتلة السكانية أو التوزيع الجغرافى، بل تتدخل الإدارة الممثلة فى وزارة الداخلية بشكل كامل فى تقسيم الدوائر دون مراعاة القواعد المنوه عنها.
وطالب القرير بضرورة معالجة الوضع الأمنى بما يضمن أمن وسلامة العملية الانتخابية والتصدى لافتعال الإشكاليات الأمنية التى تحول دون وصول الناخبين إلى اللجان والإدلاء بأصواتهم بشكل سلمى وسليم، موضحًا أن هناك العديد من المحافظات تشهد إشكاليات أمنية متكررة، تؤدى إلى مزيد من التوتر بين مختلف الفئات السياسية والاجتماعية والدينية، وأن الوضع الأمنى يشكل تحديًا تواجهه العملية الانتخابية وهو ما يؤثر على مجرياتها وعلى استقلالية قرارات الناخبين باختيار المرشحين الذين يعبرون عن تطلعاتهم، مضيفًا أن هناك تخوفًا، تكرر على لسان أكثر من جهة تم اللقاء بها خلال جولة الوفد الاستطلاعية، من أن تقوم بعض الجهات بإغلاق الطرق المؤدية إلى اللجان صباح يوم الاقتراع، مما يعيق الناخبين من التوجه إلى اللجان للإدلاء بأصواتهم بشكل طبيعي.
وأكد التقرير على ضرورة تمكين منظمات المجتمع المدنى من القيام بدور المراقبة الفعلية والواسعة، وذلك من خلال تيسير عملها، ودعم صلاحياتها وتسهيل عملها بشكل يجعل منها إحدى الضمانات الرئيسية لمصداقية الانتخابات القادمة، مشيرًا إلى أن المناخ السياسى الجديد وفر فرصة أمام المجتمع المدنى لكى يتمتع بقدرة أفضل على الرصد ومتابعة الانتخابات بشكل عام، ومواكبة العملية منذ انطلاقها بعد دعوة الهيئات الناخبة، والإعلان عن موعدها، وانطلاق الحملات الانتخابية، وصولاً إلى يوم الاقتراع، ومن ثم إعلان النتائج، لكن هذه القدرة لا تزال فى حاجة إلى مزيد من الدعم السياسى والتشريعي، مطالبًا بعدم الاعتماد فقط على المراقبين بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، والذى لا يعتبر جهة مستقلة بالكامل نتيجة الطريقة التى نشأ بموجبها فى ظل الحكم الماضى، مشيرًا إلى أن هناك ستة أعضاء من المجلس مرشحون لخوض الانتخابات القادمة.
وأشار التقرير إلى أن الانتخابات تجرى فى ظل أوضاع سياسية داخلية غير مستقرة، حيث أن مصر تمر بمرحلة انتقالية تتسم أحيانًا بتعثر أداء المؤسسات الدستورية والسلطات بسبب تداخل الصلاحيات على مختلف المستويات، موضحًا أن الانتخابات تجرى فى ظل إرباك شديد على مستوى الوضع السياسى العام، وفى ظل تداخل فى الصلاحيات بين الجهات المنظمة، وفى ظل ثغرات قانونية وبعضها أساسي، ويخشى مع هذا الواقع من احتمالات الطعن بمسار العملية الانتخابية وبنتائجها، كما أن هناك بعض الأطراف تتمنى تأجيل العملية الانتخابية لحين استكمال الإجراءات التشريعية والقانونية والإدارية.
وانتقد التقرير قيام المجلس العسكرى بتحديد مواعيد الانتخابات دون استشارة اللجنة العليا، وهى سلطة أعطاها القانون للمجلس العسكرى، كما أصدر مشروعات القوانين المنظمة للانتخابات دون استشارة اللجنة العليا، على الرغم من نص القانون على استشارتها فى سن التشريعات، كما غُيبت اللجنة عن الإشراف على إعداد جداول الانتخابات، وانفردت بها وزارة الداخلية على خلاف أحكام القانون.
وأشار التقرير إلى قلق غالب القوى السياسية والاجتماعية التى التقى بها خوفًا من مغبة إرجاء الانتخابات، مما قد يؤدى إلى إطالة أمد المجلس العسكرى فى الحكم، وبالتالى استمراره فى إصدار التشريعات والقوانين دون الارتكاز إلى مرجعية شعبية شرعية، وذلك من شأنه أن يفتح المجال أمام تكريس الطابع العسكرى للسلطة، والذى يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية، بالإضافة إلى المهام العسكرية والأمنية.
ومن جانب آخر قال الناشط الحقوقى محمد محيى، رئيس جمعية التنمية الحقوقية بالمنصورة والمراقب على الانتخابات من خلال جمعية شارك وراقب، إن هناك مئات المتطوعين من الشباب المصرى المتواجد فى الخارج بدأوا فى تشكيل لجان للقيام بمراقبة عمليات التصويت فى الخارج، كعمل تطوعى، مضيفًا أنه من المتوقع أن يصوت ما يزيد عن 5 ملايين مصرى مقيمين فى الخارج خلال الانتخابات المقبلة.
يذكر أن وفد الشبكة العربية قام بزيارة مصر خلال الفترة من 11 الى 13 نوفمبر الجارى، وضمت البعثة الاستطلاعية زملاء من لبنان والأردن وفلسطين والبحرين واليمن والسودان والعراق وتونس، وتقابل الوفد مع عدة جهات وعدد من المسئولين، منهم نائب رئيس الهيئة العليا للانتخابات المستشار علاء قطب، ومدير وحدة الانتخابات فى وزارة الداخلية اللواء رفعت قمصان، ورئيس وحدة الانتخابات فى المجلس القومى لحقوق الإنسان حازم منير، ورئيس وحدة الانتخابات فى حزب الوفد، والحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى ممثلاً عن الكتلة المصرية، وحزب التحالف الشعبى الاشتراكى ممثلاً عن ائتلاف الثورة مستمرة، وحزب العدل، وحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين)، وعدد من منظمات المجتمع المدنى.
"العربية لحقوق الإنسان": الانفلات الأمنى وجداول الناخبين يهددان الانتخابات
الخميس، 17 نوفمبر 2011 10:35 ص