سرحتُ بخيالى للحظات فى حال بلدنا الذى أصبح يثير شفقة كل من يعز عليه الوطن الذى وُلد وتربى وعاش فيه، فوجدتنى أرى أمامى قصة أم حنونة، أنجبت العديد من الأولاد، كانت تضمهم فى حضنها، وتسهر على راحتهم، حالها حال كل الأمهات..
إلا أن هذه الأم الرؤوم، مر عليها الزمان، وكــبُرت وبدا عليها التعب والهزل، بفعل بعض الأحداث المتلاحقة..
فتنازع عليها أولادها، وخرج كل منهم برأى عن حالها ومصيرها، فمنهم من أراد أن ترتدى النقاب وتجلس فى المنزل.
ومنهم من رأى أن تحل شعرها وتخرج وتتنزه وتعيش حياتها وتذهب معه إلى النادى.
ومنهم من رأى أن هذه السن قد مات إكلينيكياً، وأن الأبحاث العلمية أثبتت أنه لا أمل فى الاستمرار فى الحياة، ومن ثم وجب عليها أن تجلس فى البيت تنتظر قضاء الله.
ومنهم من قال إنه آن الأوان أن تغير ديانتها لتحتوى كل الأديان.
ومنهم من ترك أمرها، ولم يفكر فى مستقبلها ومصيرها ولكنه انشغل فى سرقة ونهب خيراتها وما تركته ولم تعد تقوى على الحفاظ عليه.
وهكذا اختلف هؤلاء الأخوة فى مصير أمهم التى جلست تنظر إليهم جميعاً فى حسرة، وخيبة أمل.
لا تملك من أمرها شيئا سوى انتظار الرابح منهم لهذه المعركة، وعليها أن ترضخ لحكمه فى النهاية.. فلن تستطيع الاعتراض بعد أن بلغها الكِـبر.
وعلى الرغم من هذه النهاية المأساوية لهذه الأم المسكينة، إلا أنها ما زالت تحمل هم أولادها الآخرون الذين لم يكبروا بعد، وسيسيرون معها رغما عنهم فى نفس المسار الذى سيختاره الأخوة الكبار الذين أصبحوا يتحكمون فى زمام الأمور..
ثم استيقظتُ من هذا التخيل السخيف الذى جعل عينى تدمع على حال مصرنا الحبيبة، الشابة التى شابت، القوية التى ضعُفت، الأم التى أرضعت وربَّت واحتضنت ثم نسى الجميع فضلها، وبات الجميع ينتظر ما سيناله من الإرث الذى ستتركه..
قررت وقتها أن أدعو لمصر فى كل صلواتى، وأن أعمل جاهداً على أن أجعلها تقف على قدمها، وأن تعود لسابق عهدها، وأن أثبت للجميع أن مصر مازالت على قيد الحياة، وأنها ستعيد تربية هؤلاء الأبناء الذين سرقتهم هموم الحياة، وأحلام السلطة والنفوذ، وستعود من جديد لدورها الرائد بين كل الدول..
وقررت ألا أقف مع أى من هؤلاء الأبناء الذين تحزّبوا وتفرقوا بمجرد غياب الأم قليلاً..
لن أقف مع أى تيار أو جماعة أو فصيلة أو حزب..
لن أساهم فى هذه التفرقة التى عمت قلوب وبصائر هؤلاء المتفرقين.. لن أساعد المتربصين بنا على إفشاء الفـُـرقة والانقسامات بيننا.. لن أُسمى نفسى أى اسم، ولن أقف مع من يسمى نفسه أى مسمى آخر سوى ما نعرفه منذ وُلدنا..
فأنا لست إخوانياً ولا علمانياً ولا سلفياً ولا ليبرالياً ولا.. أى شىء
أنا مصرى.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"
صدق الله العظيم
(سورة آل عمران: 103)
علم مصر
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو مخ ضلم
ـــــ فلنصارح انفسنا قبل ان ... يصفعنا الزمان ـــــ