هبة طاهر تكتب: العملية نجحت لكن المريض مات

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011 11:11 م
هبة طاهر تكتب: العملية نجحت لكن المريض مات صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الآونه الأخيرة سمعنا كثيرا عن إضرابات الأطباء لرفع مرتباتهم، تابعنا هذه الإضرابات من منظور أن الارتقاء بالرعاية الصحية، مقرون بالأطباء فقط.

أود أن أعرض عليكم منظورا آخر،منظور طبيبة جراحة أطفال قضت أربع سنوات من عمرها فى أحد الستشفيات الحكومية، مقيمة فيه كبيتها الأول و ليس الثانى.

الطفل يدخل المستشفى ويعمل عملية فإذا جاء فى توقيت مناسب، قبل تدهور حالته، فالأطباء يقومون باللازم، ومعظم هذه الحالات تمر على خير، ولكن أحيانا كثيرة تأتينا حالات متأخرة وحالات حديثى الولادة، وكليهما وبالذات حديثى الولادة فى حاجة إلى رعاية خاصة، حيث إجراء العملية ما هو إلا جزء من العلاج ويقع عبء كبير على رعاية ما بعد الجراحة، حيث يطلق عليها الرعاية الحرجة أو المركزة، ونتائج هذا النوع من الرعاية جيد جداً فى هذه السن.

ومن ضمن لوازم هؤلاء الأطفال، التغذية الوريدية، حيث لا يمكن إطعامهم فى هذه الفترة وتصل أحيانا إلى فترات طويلة. وهذا النوع من التغذية قد يكلف الرعاية ما بين 10 و15 ألف جنيه فى الأسبوع. من أين كنا ندفع هذه النفقات؟ فلوس تبرعات كان يأتينا بها بعض العاملين فى الفريق، من أين هذه النقود؟ لا نسأل.(المهم فى فلوس علشان العيال)، ولو لم تتوفر التبرعات،كنا نفقد الأطفال.

التغذية الوريدية هى مثال واحد فقط فلن أسترسل فى الحديث عن أجهزة التنفس الصناعى أو عن المستلزمات الجراحية، مثل الخيوط، وهذه كنا أحيانا نشترى الناقص منها من نقودنا، ليس لأننا أغنياء ولكن (علشان الشغل يمشى).

أحيانا كثيرة لا يوجد عدد كاف من التمريض المتمرس لرعاية الأطفال، فتجد مثلا ممرضة واحدة تراعى أكثر من 10 أطفال، تعطيهم العلاج وتسجل العلامات الحيويه، وترعاهم.
حتى العمال، ساعات عدم وجود عامل ممكن يؤخر العملية، يؤخر نقل العيان، كل شئ علشان ينجز لازم تفضل وراه و تقول:"يالله، يالله" ولو معملتش كده و كهربت الناس، أنت نائب (مش مسيطر).

حتى السويتش(الهاتف المركزى) مهمل تماما فى مستشفياتنا الحكومية مع أن له دور مهم جداً فى وصل الأقسام ببعضها رسميا، الأطباء أنفسهم ليس عندهم بيجرpager، عندهم تليفونات محمول، يعنى لو معرفتش أوصل للدكتور ممكن يقول "الإرسال كان وحش" وده رسميا خطأ.

ونظرا لظروف العمل الصعبة، تتصاعد حدة التوترات بين الزملاء، وأضف إلى ذلك عدم وجود منظومة عادلة لتقييم وتوجيه الطبيب.
ولهذه الأسباب قد تنجح العملية لكن العيان يموت.

لكى نرتقى بالرعاية الصحية فى المستشفيات الحكوميه (وليس الخاصة) يجب النظر إليها بمنظور شامل، وأن ننظر بجدية لكل العاملين فى هذا المجال حتى نخلق منظومة جيدة للرعاية الصحية فى مصر.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة