نفوذ إيران

بعد قرار جامعة الدول العربية بتجميد عضوية سوريا يطل الكلام من جديد على وجود إيران فى خلفية الصورة، وذلك من زاوية صراع النفوذ فى المنطقة، وحسب التحليل الذى قدمته وكالة «سى. إن. إن» الأمريكية بعد قرار الجامعة العربية فإن تصويت الجامعة والذى قادته السعودية ودول الخليج جاء استجابة لمخاوفهم، خاصة أن سوريا تعد الحليف الأقدم والأكثر قربًا لإيران، وأضاف التقرير أن التصويت على عزل سوريا يعنى أن حلفاء طهران والآخرين بالمنطقة حماس وحزب الله سيعانون أيضًا.

هذه الرؤية تقودنا إلى أن الأنظمة الخليجية فى موقفها مما يحدث لسوريا وقيادتها لموقف الجامعة العربية هو فى وجهه الأهم دفاع عن عروشها، والشاهد على ذلك أنها فى الوقت الذى تتعامل فيه مع «الربيع العربى» بعمومه بتحفظ ملحوظ نجد اندفاع رغبتها فى التخلص من نظام بشار الأسد، وهو ما يرجح وضع موقفها هذا فى خانة العمل من أجل إعادة ترتيب الوضع الإقليمى بالدرجة التى تقلص من نفوذ إيران فى المنطقة بعد سنوات من تفوقها الإقليمى.

لم تكتف إيران فى السنوات السابقة بالعمل على تفوقها التسليحى، وإنما توسعت من أجل خلق حلف واسع لها فى المنطقة وكان الموقف المضاد لإسرائيل هو حجر الزاوية فى رفع همة هذا الحلف، وساعد على ذلك تحول الكيان العربى إلى رجل مريض، يسعى إلى شراء الدواء من إسرائيل، لكنها لا تعطيه له أبدًا، ومع وجود ثلاث نقاط ارتكاز للحلف الإيرانى ممثلاً فى سوريا كدولة، وحزب الله وحماس كحركات مواجهة ضد إسرائيل، شاهدنا ما سمى بدول «الممانعة» التى دخلت فيها قطر لأسباب تخص رغبتها فى لعب دور إقليمى مسموح به دوليّا، لكن المثير الآن أن قطر هى التى تقود تفكك هذا الحلف بعد سنوات من «العسل» معه، ومحطات بدت فيها كما لو أنها ضد إسرائيل.

المتابع للخطاب الذى ألقاه السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، قبل أيام سيلحظ أن لغة التأييد القوية لإيران وسوريا بـ «صيغتها التى تسبق المظاهرات فيها»، سيتوصل يقينًا إلى أن حلف إيران يخوض معركة البقاء، وأن الهزيمة فيها ستعنى تغيرًا فى التوازنات الإقليمية، لكن السؤال الأكبر فى ذلك هو: هل ستصب هذه التغيرات فى صالح العروش الخليجية؟