فى عيد ميلاده الثالث والتسعين فى يوليو الماضى وجه الزعيم الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا رسالة إلى ثوار مصر وتونس، أعتقد أن أحد لم يرد أن يقرأها، أو يستمع إليها، وربما أراد الكثيرون طمس هذه الرسالة الأبد.
يقول مانديلا فى جانب من رسالته: "خرجت إلى الدنيا بعدما وُورِيتُ عنها سبعًا وعشرين عامًا لأنى حلمت أن أرى بلادى خالية من الظلم والقهر والاستبداد ورغم أن اللحظة أمام سجن "فكتور فستر" كانت كثيفة على المستوى الشخصى، إذ سأرى وجوه أطفالى، وأمهم بعد كل هذا الزمن، إلا أن السؤال الذى ملأ جوانحى حينها هو: كيف سنتعامل مع إرث الظلم لنقيم مكانه عدلاً؟".
ويضيف مانديلا: "أكاد أحس أن هذا السؤال هو ما يقلقكم اليوم. لقد خرجتم لتوكم من سجنكم الكبير وهو سؤال قد تحُدّد الإجابة عليه طبيعة الاتجاه الذى ستنتهى إليه ثوراتكم.. إن إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم.. فالهدم فعل سلبى والبناء فعل إيجابي.
أنا لا أتحدث العربية للأسف، لكن ما أفهمه من الترجمات التى تصلنى عن تفاصيل الجدل السياسى اليومى فى مصر وتونس تشى بأن معظم الوقت هناك مهدر فى سب وشتم كل من كانت له صلة تعاون مع النظامين البائدين، وكأن الثورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالتشفى والإقصاء، كما يبدو لى أن الاتجاه العام عندكم يميل إلى استثناء وتبكيت كل من كانت له صلة قريبة أو بعيدة بالأنظمة السابقة.
ويقول مانديلا: "عليكم أن تتذكروا أن أتباع النظام السابق فى النهاية مواطنون ينتمون لهذا البلد، فاحتواؤهم ومسامحتهم هى أكبر هدية للبلاد فى هذه المرحلة، ثم إنه لا يمكن جمعهم ورميهم فى البحر أو تحييدهم نهائياً، ثم إن لهم الحق فى التعبير عن أنفسهم وهو حق ينبغى أن يكون احترامه من أبجديات ما بعد الثورة".
أذكر جيدا أنى عندما خرجت من السجن كان أكبر تحد واجهنى هو أن قطاعا واسعا من السود كانوا يريدون أن يحاكموا كل من كانت له صلة بالنظام السابق، لكننى وقفت دون ذلك وبرهنت الأيام أن هذا كان الخيار الأمثل ولولاه لانجرفت جنوب إفريقيا إما إلى الحرب الأهلية أو إلى الديكتاتورية من جديد. لذلك شكلت "لجنة الحقيقة والمصالحة" التى جلس فيها المعتدى والمعتدى عليه وتصارحا وسامح كل منهما الآخر.. إنها سياسة مرة لكنها ناجحة.
ويختتم مانديلا رسالته بهذه العبارة البليغة: "أتمنى أن تستحضروا قولة نبيكم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
مصر فى حاجة فى هذه اللحظة إلى فهم رسالة مانديلا واستحضارها.. الإقصاء يولد الكراهية.. والكراهية لا تنجب سوى العنف.. ولسنا بحاجة إلى مزيد من العنف.. لا أطلب من أهلى أن يحبوا أعداءهم، لكن على الأقل علينا تعلم التسامح.. فبالحب تنهض الأمم.. وتعيد بناء نفسها وتتقدم نحو المستقبل.
أكتب هذا الكلام فى هذه اللحظة.. وأستحضر فى نفس الوقت رسالة مانديلا التى كتبها قبل أربعة أشهر.. لأن حكم المحكمة الإدارية العليا الذى ألغى حكما امتزج بالسياسة منع أعضاء الحزب الوطنى السابقين من الترشح فى الانتخابات.. هو خطوة على طريق المصالحة والمصارحة.
هذا هو الطريق الذى نستحق أن نسلكه.. وضعتنا المحكمة الإدارية العليا على أوله.. ويبقى أن نسير فيه.. لأنه لا يوجد طريق آخر لوطن بدون حرائق.
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد متولـى
إسـتلقى وعــدك يا أســتاذ محـمــد (( أصبحت فلول ))
عدد الردود 0
بواسطة:
WAEL
ماحدش عايز يسمع حد ياستاذ محمد
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشيخ
استمعنا ...... وهَرمنا
عدد الردود 0
بواسطة:
mansy
سبحان الله
عدد الردود 0
بواسطة:
ibrahim mohamed
ok
عدد الردود 0
بواسطة:
العنود من السعودية
علينا تعلم التسامح..فبالحب تنهض الأمم..