هانى محمد طنطاوى يكتب: ما حدش فاهم حاجة

أصبح الوضع فى مصر معقد وصعب الفهم على الكثيرين، فلم نعد ندرى من معه الحق ومن المظلوم ومن الظالم فى ظل تضارب الآراء والمصالح والتغطية الإعلامية المنحازة لوجهات نظر معينة، وليس إلى الحقيقة، وأصبح المواطن العادى أكثر تشاؤما من المستقبل، فى ظل الضبابية الشديدة التى نعيشها هذه الأيام، بفضل من يسيطرون على الساحة الإعلامية، ويقلبون الحقائق.

فعندما تتعامل الشرطة مع مجموعة من الخارجين على القانون نجد من يخرج ليدافع عنهم بحجة الظلم، وعندما يقتحم صبية متهورون ملعب كرة فى تحدى للشرطة والنظام، ويتم القبض عليهم يخرج من يدافع عنهم، ويتهم الشرطة بالقسوة فى التعامل معهم، وعندما ترفع جماهير كرة لافتات تحتوى على شتائم بذيئة وينقلها مخرج المبارة، ويتم إيقافه يخرج من يهاجم من أوقفه بحجة الحرية الإعلامية، وكأن الحرية المنشودة أن تدخل بيوتنا كل العورات والبذاءات، وعندما يعتدى بلطجية على الشرطة والجيش ويروعون الآمنين ويتم التعامل معهم بأسلوبهم يخرج من يهاجم بحجة حقوق الإنسان.

وأصبح كل من يموت فى سجن أو قسم شرطة شهيدا دون التحقق من سبب موته، وإنما يمنح الشهادة نكاية فى الشرطة والجيش، وأصبح من كانوا يفخرون بوضع أيديهم فى يد الجيش أول من يهاجمه بعد اختلاف المصالح، وتحول من كانوا يهاجمون أسلوب الحزب الوطنى المنحل فى الدعاية للانتخابات أول من يبادرون باستخدام نفس الأساليب بتوزيع الهدايا واللحوم لإغراء الفقراء، وأصبح كل من يملك بوقا إعلاميا أو يستند إلى جماعة أو حزب يهدد بالمليونيات إذا لم يتحقق له ما يريد وليس ما يريده الشعب، وتحول معظم المصريين إلى متفرجين ومتسائلين عما يحدث، وبالفعل ما حدش بقى فاهم حاجة.