قرأت منذ عدة أيام مقالة كاتبنا الكبير الأستاذ فهمى هويدى (الفهلوة وحدها لا تكفى)، عن تأهيل العمالة المصرية لاستغلال فرص إعادة الإعمار فى ليبيا.. ورغم اتفاقى تماماً مع دعوته ومع المبدأ الذى انطلق منه فى حديثه، إلا أن كلامه أثار لدى أمنية لفتح نقاش اجتماعى موسع حول قضية الفهلوة المصرية.
فكما يتضح من التسمية التى غدت شائعة بيننا بل وبين الأشقاء العرب أيضاً، فقد أصبحت هذه الفهلوة صفة تنسب إلينا، وأحيانا كثيرة ننسب إليها أيضاً.. لذا يستحق الأمر منا وقفة معها.
إن مبدأ الفهلوة بحد ذاته كفكرة هو حقيقة شىء إيجابى.. فالفهلوة عملياً هى القدرة على الإبداع وابتكار الحلول والمشاكل من خلال التجربة والصواب والخطأ.. بل إن أصل الكلمة كما قيل أنها تعود للفارسية وتعنى الحذاقة وسعة الحيلة.
وانتشارها بين المصريين دلالة على وجود قدر كبير من الطاقة المتجددة والغير ناضبة للانتاج والتطور وحل المشاكل، وقدرة متميزة على التكيف والإبداع.. لكن المشكلة الحقيقية تمكن فى نقطتين:
أولاهما الإفراط فى الفهلوة حتى تصبح مبدءاً وحيدا نستغنى به عن المبادئ العلمية والعملية التى سبقنا إليها من قبلنا، وأطّروا لها خصوصاً فى أمور ومواضيع تكاد تغدو كمسلمات علمية لا يكفى لتعديلها جرة قلم فهلوى، بل تحتاج إلى مراجعة وتجارب عديدة تغوص فى جذورها.
أما المشكلة الثانية مع الفهلوة المصرية فهى التحالف الذى قام بينها وبين فساد الذمم، الذى استشرى فى عهد حكم المخلوع، وعمّ فى المجتمع.. حتى غدت الكلمة دلالة على الفساد والغش نتيجة لاستخدام هذه القدرات دون ضمير، وفى الباطل وللباطل للتحايل على القوانين وإهدار حقوق الآخرين والمجتمع لتحقيق المنافع الشخصية.
لو قدر لنا يوماً أن نتمكن من تجاوز هاتين العقبتين فى المنظومة الفكرية الرائجة بيننا اليوم، فإننى أجزم دون شك أن كلمة الفهلوة المصرية ستنقلب من مدعاة للخجل بين أهل العلم ومدعاة للفخر بين أهل المصالح، إلى مصطلح يدون فى المراجع التاريخية والفكرية ونفتخر به على أنه أحد أسرار النهضة المصرية الحضارية الحديثة التى نحلم بها.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احلام
منبقاش مصريين
عدد الردود 0
بواسطة:
د. مصطفى أمين
وجهة نظر
عدد الردود 0
بواسطة:
أسامة
مقال جميل
عدد الردود 0
بواسطة:
د. مصطفى أمين
وجهة نظر